اعلم أن المرأة إذا خرج منها المني وجب عليها الغسل ، كما يجب على الرجل بخروجه ، وقد أجمع المسلمون على وجوب الغسل على الرجل والمرأة بخروج المني أو إيلاج الذكر في الفرج ، وأجمعوا على وجوبه - عليها - بالحيض والنفاس ، واختلفوا في وجوبه على من ولدت ولم تر دما أصلا ، والأصح عند أصحابنا وجوب الغسل وكذا الخلاف فيما إذا ألقت مضغة أو علقة ، والأصح وجوب الغسل ، ومن لا يوجب الغسل يوجب الوضوء . والله أعلم .
وأما ألفاظ الباب ومعانيه : ففيه nindex.php?page=showalam&ids=11088أم سليم ، وهي أم أنس بن مالك ، واختلفوا في اسمها فقيل : اسمها سهلة . وقيل : مليكة . وقيل : رميثة . وقيل : أنيفة . ويقال : nindex.php?page=showalam&ids=11088الرميصا nindex.php?page=showalam&ids=11088والغميصا . وكانت من فاضلات الصحابيات ومشهوراتهن ، وهي أخت أم حرام بنت ملحان - رضي الله عنهما - والله أعلم .
وأما قول عائشة رضي الله عنها : ( فضحت النساء ) معناه : حكيت عنهن أمرا يستحيا من وصفهن به ويكتمنه ، وذلك أن نزول المني منهن يدل على شدة شهوتهن للرجال . وأما قولها : ( تربت يمينك ) ففيه خلاف كثير منتشر جدا للسلف والخلف من الطوائف كلها ، والأصح الأقوى الذي عليه المحققون في معناه : أنها كلمة أصلها افتقرت ، ولكن العرب اعتادت استعمالها غير قاصدة حقيقة معناها الأصلي ، فيذكرون تربت يداك ، وقاتله الله ، ما أشجعه ، ولا أم له ، ولا أب لك ، وثكلته أمه ، وويل أمه ، وما أشبه هذا من ألفاظهم يقولونها عند إنكار الشيء ، أو الزجر عنه ، أو الذم عليه ، أو استعظامه ، أو الحث عليه ، أو الإعجاب به . والله أعلم .
وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=showalam&ids=25لعائشة : ( بل أنت فتربت يمينك ) فمعناه أنت أحق أن يقال [ ص: 549 ] لك هذا ، فإنها فعلت ما يجب عليها من السؤال عن دينها ، فلم تستحق الإنكار ، واستحققت أنت الإنكار ، لإنكارك ما لا إنكار فيه . وأما قولها : ( تربت يمينك خير ) ، فكذا وقع في أكثر الأصول ، وهو تفسير ولم يقع هذا التفسير في كثير من الأصول ، وكذلك ذكر الاختلاف في إثباته ، وحذفه القاضي عياض ، ثم اختلف المثبتون في ضبطه فنقل صاحب المطالع وغيره عن الأكثرين أنه ( خير ) بإسكان الياء المثناة من تحت ضد الشر ، وعن بعضهم أنه ( خبر ) بفتح الباء الموحدة ، قال القاضي عياض : وهذا الثاني ليس بشيء .
قلت : كلاهما صحيح فالأول : معناه لم ترد بهذا شتما ، ولكنها كلمة تجري على اللسان . ومعنى الثاني : أن هذا ليس بدعاء ، بل هو خبر لا يراد حقيقته . والله أعلم .