قال النووي : يقال كسفت الشمس والقمر بفتح الكاف ، وقال في المصباح خسف القمر ذهب ضوؤه أو نقص وهو الكسوف أيضا ، وقال ثعلب : أجود الكلام خسف القمر وكسفت الشمس ، وقال أبو حاتم : إذا ذهب بعض نور الشمس فهو الكسوف وإذا ذهب جميعه فهو الخسوف . انتهى .
وعقد المؤلف هذا الباب لإثبات صلاة الكسوف فقط ، وأما الباب الآتي فلبيان هيئتها وأنواعها . كذا في الشرح .
قال النووي : واعلم أن صلاة الكسوف رويت على أوجه كثيرة ، ذكر مسلم منها جملة وأبو داود أخرى وغيرهما أخرى . وأجمع العلماء على أنها سنة . ومذهب مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأحمد وجمهور العلماء أنه يسن فعلها جماعة . وقال العراقيون فرادى .
وحجة الجمهور الأحاديث الصحيحة في مسلم وغيره ، واختلفوا في صفتها ، فالمشهور في مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنها ركعتان ، في كل ركعة قيامان وقراءتان وركوعان ، وأما السجود فسجدتان كغيرهما ، وسواء تمادى الكسوف أم لا . وبهذا قال مالك nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث وأحمد nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور وجمهور علماء الحجاز وغيرهم وقال الكوفيون : هما ركعتان كسائر النوافل عملا بظاهر حديث nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة وأبي بكرة أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ صلى ركعتين .
وحجة الجمهور حديث عائشة من رواية عروة وعمرة ، وحديث جابر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر وابن العاص أنها ركعتان في كل ركعة ركوعان وسجدتان . قال nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : وهذا أصح ما في هذا الباب . قال : وباقي الروايات المخالفة معللة ضعيفة انتهى .
وما قاله nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر فيه كلام والله أعلم .
( أخبرني من أصدق ) : وهكذا في رواية لمسلم . قال النووي : له حكم المرسل إذ قلنا بمذهب الجمهور إن قوله أخبرني الثقة ليس بحجة . قلت : وفي رواية لمسلم عن عطاء بن أبي رباح عن nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير عن عائشة ( وظننت ) : ولفظ مسلم حسبته وهذه مقولة عطاء ( أنه ) : أي nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير ( قال كسفت الشمس على عهد [ ص: 32 ] النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ) : بالمدينة في السنة العاشرة من الهجرة كما عليه جمهور أهل السير في ربيع الأول أو في رمضان أو في ذي الحجة في عاشر الشهر وعليه الأكثر ( قياما شديدا ) : أي طويلا لطول القراءة فيه ( في كل ركعة ثلاث ركعات ) : أي ثلاث ركوعات ، وهذا يدل على أن المشروع في صلاة الكسوف في كل ركعة ثلاث ركوعات أيضا ( حتى إن سجال الماء ) : جمع سجل وهو الدلو الملاء ( حتى تجلت الشمس ) : بالمثناة الفوقية وتشديد اللام ، أي صفت وعاد نورها ( لموت أحد ) : من الناس ( فافزعوا إلى الصلاة ) : أي بادروا إليها .
قال النووي : معناه بادروا بالصلاة وأسرعوا إليها حتى يزول عنكم هذا العارض الذي يخاف كونه مقدمة عذاب . انتهى . وفيه بيان أن السنة أن يصلى الكسوف جماعة ، وفيه بيان أن يركع في كل ركعة ثلاث ركعات .
قال الخطابي : وقال سفيان الثوري وأصحاب الرأي : يركع ركعتين في ركعة ركوع واحد كسائر الصلوات . واختلفت الروايات في هذا الباب ، فروي أنه ركع ركعتين في أربع ركعات وأربع سجدات وهو مذهب مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل ، وروي أنه ركعهما في ركعتين وأربع سجدات ، وروي أنه ركع ركعتين في ست ركعات وأربع سجدات ، وروي أنه ركع ركعتين في عشر ركعات وأربع سجدات .
وقد ذكر أبو داود أنواعا منها ، ويشبه أن يكون المعنى في ذلك أنه صلاها مرات وكرات فكانت إذا طالت مدة الكسوف مد في صلاته وزاد في عدد الركوع ، وإذا قصرت نقص من ذلك ، وكل ذلك جائز يصلى على حسب الحال ومقدار الحاجة فيه . انتهى .
قال المنذري : وأخرجه مسلم nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، بنحوه .