[ ص: 28 ] " 4040 " ( عن أبي هياج الأسدي ) : هو بفتح الهاء وتشديد الياء واسمه : حيان بن حصين قاله النووي ( على ما بعثني عليه ) : أي أرسلني إلى تغييره ، ولذا عدي بعلى ، أو أرسلك للأمر الذي أرسلني له ( أن لا أدع ) : " أن " مصدرية و " لا " نافية خبر مبتدأ محذوف ، أي : هو أن لا أدع ، وقيل " أن " تفسيرية و " لا " ناهية أي لا أدع ( قبرا مشرفا ) : هو الذي بني عليه حتى ارتفع دون الذي أعلم عليه بالرمل والحصباء أو محسومة بالحجارة ليعرف ولا يوطأ . قاله القاري ( إلا سويته ) : قال النووي : فيه أن السنة أن القبر لا يرفع على الأرض رفعا كثيرا ولا يسنم بل يرفع نحو شبر ويسطح ، وهذا مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ومن وافقه . ونقل القاضي عياض [ ص: 29 ] عن أكثر العلماء أن الأفضل عندهم تسنيمها وهو مذهب مالك انتهى .
قلت : وقوله لا يسنم فيه نظر . وفي النيل : والحديث فيه دلالة على أن السنة أن القبر لا يرفع رفعا كثيرا من غير فرق بين من كان فاضلا ومن كان غير فاضل ، والظاهر أن رفع القبور زيادة على القدر المأذون فيه محرم ، وقد صرح بذلك أصحاب أحمد وجماعة من أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك .
والقول بأنه غير محظور لوقوعه من السلف والخلف بلا نكير لا يصح وهو من اتخاذ القبور مساجد ، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم فاعل ذلك ، وكم قد سرى عن تشييد أبنية القبور وتحسينها من مفاسد يبكي لها الإسلام ، منها : اعتقاد الجهلة لها كاعتقاد الكفار للأصنام وعظم ذلك فظنوا أنها قادرة على جلب النفع ودفع الضرر فجعلوها مقصدا لطلب قضاء الحوائج ، وملجأ لنجاح المطالب ، وسألوا منها ما يسأله العباد من ربهم ، وشدوا إليها الرحال ، وتمسحوا بها واستغاثوا ، وبالجملة إنهم لم يدعوا شيئا مما كانت الجاهلية تفعله بالأصنام إلا فعلوه ، فإنا لله وإنا إليه راجعون . ومع هذا المنكر الشنيع والكفر الفظيع لا نجد من يغضب لله ويغار حمية للدين الحنيف ، لا عالما ولا متعلما ولا أميرا ولا وزيرا ولا ملكا ، وقد توارد إلينا من الأخبار ما لا شك معه أن كثيرا من هؤلاء القبوريين أو أكثرهم إذا توجهت عليه يمين من جهة خصمه حلف بالله فاجرا ، فإذا قيل له بعد ذلك احلف بشيخك ومعتقدك الولي الفلاني تلعثم وتلكأ وأبى واعترف بالحق ، وهذا من بين الأدلة الدالة على أن شركهم قد بلغ فوق شرك من قال إنه تعالى ثاني اثنين أو ثالث ثلاثة . فيا علماء الدين ويا ملوك المسلمين أي رزء للإسلام أشد من الكفر ، وأي بلاء لهذا الدين أضر عليه من عبادة غير الله وأي مصيبة يصاب بها المسلمون تعدل هذه المصيبة ، وأي منكر يجب إنكاره إن لم يكن إنكار هذا الشرك البين واجبا .
لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي ولو نارا نفخت بها أضاءت ولكن أنت تنفخ في رماد
[ ص: 30 ] انتهى وكلامه هذا حسن جدا لا مزية على حسنه جزاه الله خيرا .
وقال الحافظ ابن القيم في زاد المعاد " قدوم وفود العرب " : وهذا حال المشاهد المبنية على القبور التي تعبد من دون الله ويشرك بأربابها مع الله لا يحل إبقاؤها في الإسلام ويجب هدمها ، ولا يصح وقفها ولا الوقف عليها ، وللإمام أن يقطعها وأوقافها لجند الإسلام ويستعين بها على مصالح المسلمين وكذلك ما فيها من الآلات والمتاع والنذور التي تساق إليها يضاهى بها الهدايا التي تساق إلى البيت ؛ للإمام أخذها كلها وصرفها في مصالح المسلمين كما أخذ النبي صلى الله عليه وسلم أموال بيوت هذه الطواغيت وصرفها في مصالح الإسلام ، وكان يفعل عندها ما يفعل عند هذه المشاهد سواء من النذور لها والتبرك بها وتقبيلها واستلامها ، هذا كان شرك القوم بها ولم يكونوا يعتقدون أنها خلقت السموات والأرض ، بل كان شركهم بها كشرك أهل الشرك من أرباب المشاهد بعينه انتهى . ( ولا تمثالا ) : أي صورة ذي روح ( إلا طمسته ) : أي محوته وأبطلته . فيه الأمر بتغيير صور ذوات الأرواح .
قال المنذري : والحديث أخرجه مسلم nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي .