قوله : ( شكيا القمل ) قال في الصراح : قمل سبس قملة يكي انتهى ( فرخص لهما في قمص [ ص: 316 ] الحرير ) بضم القاف والميم جمع قميص ، وفي رواية عند الشيخين : nindex.php?page=hadith&LINKID=755553رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير nindex.php?page=showalam&ids=38وعبد الرحمن بن عوف في لبس الحرير لحكة بهما . ورجح ابن التين الرواية التي فيها الحكة وقال لعل أحد الرواة تأولها فأخطأ ، وجمع الداودي باحتمال أن يكون إحدى العلتين بأحد الرجلين ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12815ابن العربي : قد ورد أنه أرخص لكل منهما ، فالإفراد يقتضي أن لكل حكمة . قال الحافظ في الفتح : ويمكن الجمع بأن الحكة حصلت من القمل فنسبت العلة تارة إلى السبب وتارة إلى سبب السبب انتهى .
وقد ترجم الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه باب الحرير في الحرب ، وروى فيه حديث الباب من خمس طرق ، وفي بعضها أن عبد الرحمن والزبير شكيا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يعني القمل ، فأرخص لهما في الحرير فرأيته عليهما في غزاة . قال الحافظ في الفتح : وأما تقييده بالحرب فكأنه أخذه من قوله : فرأيته عليهما في غزاة ، ووقع في رواية أبي داود : في السفر من حكة ، وجعل الطبري جوازه في الغزو مستنبطا من جوازه للحكة ، فقال : دلت الرخصة في لبسه بسبب الحكة أن من قصد بلبسه ما هو أعظم من أذى الحكة كدفع سلاح العدو ونحو ذلك فإنه يجوز ، وقد تبع الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري فترجم له : باب ما جاء في لبس الحرير في الحرب ، ثم المشهور عن القائلين بالجواز أنه لا يختص بالسفر وعن بعض الشافعية يختص . وقال القرطبي : الحديث حجة على من منع إلا أن يدعي الخصوصية بالزبير وعبد الرحمن ، ولا تصح تلك الدعوى . قال الحافظ : قد جنح إلى ذلك عمر فروى nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر من طريق ابن عوف عن ابن سيرين أن عمر رأى على خالد بن الوليد قميص حرير فقال : ما هذا ، فذكر له خالد قصة عبد الرحمن بن عوف ، فقال : وأنت مثل عبد الرحمن ، أو لك مثل ما لعبد الرحمن ، ثم أمر من حضره فمزقوه ورجاله ثقات ، إلا أن فيه انقطاعا .
وقد اختلف السلف في لباسه فمنع مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة مطلقا . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأبو يوسف بالجواز للضرورة ، وحكى ابن حبيب عن ابن الماجشون أنه يستحب في الحرب . وقال المهلب : لباسه في الحرب لإرهاب العدو وهو مثل الرخصة في الاحتيال في الحرب . ووقع في كلام النووي تبعا لغيره أن الحكمة في لبس الحرير للحكة لما فيه من البرودة ، وتعقب بأن الحرير حار ، فالصواب أن الحكمة فيه لخاصة فيه لدفع ما تنشأ عنه الحكة كالقمل انتهى كلام الحافظ .