قوله : ( إن الله قد شفى صدري من المشركين أو نحو هذا ) " أو " للشك من الراوي ، يعني قال هذا اللفظ ، أو قال لفظا آخر نحو ( هب لي ) أي أعطني ( هذا ليس لي ولا لك ) لأنه من أموال الغنيمة التي لم تقسم ( عسى أن يعطى ) بصيغة المجهول ( هذا ) أي السيف وهو نائب الفاعل [ ص: 371 ] ليعطى ( من لا يبلي بلائي ) مفعول ثان ليعطى .
قال في النهاية : أي لا يعمل مثل عملي في الحرب ، كأنه يريد أفعل فعلا أختبر فيه ويظهر به خيري وشري . انتهى . وهي رواية أبي داود : من لم يبل بلائي . قال السندي : أي لم يعمل مثل عملي في الحرب ، كأنه أراد أن في الحرب يختبر الرجل فيظهر حاله ، وقد اختبرت أنا فظهر مني ما ظهر فأنا أحق بهذا السيف من الذي لم يختبر مثل اختباري . انتهى ، ( فجاءني الرسول ) أي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( وليس لي ) جملة حالية ، أي سألتني السيف ، والحال أنه لم يكن لي ( وإنه قد صار إلي ) أي الآن ( فنزلت يسألونك عن الأنفال .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه : قال ابن عباس : الأنفال : المغانم . وروى عن سعيد بن جبير ، قلت nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس : سورة الأنفال قال : نزلت في بدر ( الآية ) قال في الجلالين في تفسير هذه الآية : لما اختلف المسلمون في غنائم بدر ، فقال الشبان : هي لنا لأنا باشرنا القتال ، وقال الشيوخ : كنا ردءا لكم تحت الرايات ، ولو انكشفت لفئتم إلينا فلا تستأثروا بها . نزل يسألونك : يا محمد ، عن الأنفال الغنائم لمن هي ، قل لهم : الأنفال لله والرسول يجعلانها حيث شاءا . فقسمها صلى الله عليه وسلم بينهم بالسواء . رواه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في المستدرك ، فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم : أي حقيقة ما بينكم بالمودة وترك النزاع ، وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين : حقا . وقال في المدارك : وأصلحوا ذات بينكم : أي أحوال بينكم ، يعني ما بينكم من الأحوال حتى تكون أحوال ألفة ومحبة واتفاق . وقال الزجاج : معنى ذات بينكم : حقيقة وصلكم ، والبين الوصل ، أي فاتقوا الله وكونوا مجتمعين على ما أمر الله ورسوله به .
قلت : ما ذكر في الجلالين من سبب نزول هذه الآية ، فهو مروي عن ابن عباس عند أبي داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير وابن مردويه nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم ونحوه عن عبادة بن الصامت كما أشار إليه الترمذي ، وسيجيء لفظه ، قال الخازن : قوله سبحانه وتعالى : يسالونك عن الأنفال . استفتاء ، يعني يسألك أصحابك يا محمد عن حكم الأنفال وعلمها ، وهو سؤال استفتاء لا سؤال طلب . قال الضحاك وعكرمة : هو سؤال طلب ، وقوله عن الأنفال : أي من الأنفال . و " عن " بمعنى " من " أو قيل : " عن " صلة ، أي يسألونك الأنفال . انتهى .
قلت : حديث nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص يقتضي أنه سؤال طلب ، وحديث ابن عباس ، وحديث عبادة يقتضيان أنه سؤال استفتاء وهو الراجح عندي . وقال صاحب فتح البيان : ذهب جماعة من [ ص: 372 ] الصحابة والتابعين إلى أن الأنفال كانت لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ خاصة ليس لأحد فيها شيء حتى نزل قوله تعالى : واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه فهي على هذا منسوخة ، وبه قال مجاهد وعكرمة nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي . وقال ابن زيد : محكمة مجملة ، وقد بين الله مصارفها في آية الخمس ، وللإمام أن ينفل من شاء من الجيش ما شاء قبل التخميس . انتهى .
قلت : والظاهر الراجح عندي أنها ليست بمنسوخة ، بل هي محكمة والله تعالى أعلم .
قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه مسلم وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي .
قال الشوكاني في النيل : حديث عبادة قال في مجمع الزوائد رجال أحمد ثقات ، وأخرجه أيضا nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني ، وأخرج نحوه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم عنه .