غزوة حنين في سنة ثمان بعد الفتح [ اجتماع
هوازن ]
قال
ابن إسحاق : ولما سمعت
هوازن برسول الله صلى الله عليه وسلم وما فتح الله عليه من
مكة ، جمعها
مالك بن عوف النصري فاجتمع إليه مع
هوازن ثقيف كلها ، واجتمعت
نصر وجشم كلها ،
وسعد بن بكر ، وناس من
بني هلال وهم قليل ولم يشهدها من
قيس عيلان إلا هؤلاء ، وغاب عنها فلم يحضرها من
هوازن كعب ولا
كلاب ، ولم يشهدها منهم أحد له اسم ، وفي
بني جشم دريد بن الصمة شيخ كبير ، ليس فيه شيء إلا التيمن برأيه ومعرفته بالحرب ، وكان شيخا مجربا ، وفي
ثقيف سيدان لهم
( و ) في الأحلاف
قارب بن الأسود بن مسعود بن معتب ، وفي
بني مالك ذو الخمار سبيع بن الحارث بن مالك وأخوه
أحمر بن الحارث ، وجماع أمر الناس إلى
مالك بن عوف النصري فلما أجمع السير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حط مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم ، فلما نزل
بأوطاس [ ص: 438 ] اجتمع إليه الناس وفيهم
دريد بن الصمة في شجار له يقاد به ، فلما نزل قال : بأي واد أنتم ؟ قالوا :
بأوطاس ، قال : نعم مجال الخيل لا حزن ضرس ولا سهل دهس ، ما لي أسمع رغاء البعير . ونهاق الحمير ، وبكاء الصغير ، ويعار الشاء ؟ قالوا : ساق
مالك بن عوف مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم .
قال : أين
مالك ؟ قيل : هذا
مالك ودعي له ، فقال : يا
مالك ، إنك قد أصبحت رئيس قومك ، وإن هذا يوم كائن له ما بعده من الأيام مالي أسمع رغاء البعير ، ونهاق الحمير ، وبكاء الصغير ، ويعار الشاء ؟ قال : سقت مع الناس أموالهم وأبناءهم ونساءهم ، قال : ولم ذاك ؟ قال : أردت أن أجعل خلف كل رجل منهم أهله وماله ، ليقاتل عنهم ، قال : فأنقض به . ثم قال : راعي ضأن والله وهل يرد المنهزم شيء ؟ إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه ، وإن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك ، ثم قال : ما فعلت
كعب وكلاب ؟ قالوا : لم يشهدها منهم أحد ، قال : غاب الحد والجد ، ولو كان يوم علاء ورفعة لم تغب عنه
كعب ولا
كلاب ، ولوددت أنكم فعلتم ما فعلت
كعب وكلاب ، فمن شهدها منكم ؟ قالوا :
عمرو بن عامر ،
وعوف بن عامر ، قال : ذانك الجذعان من
عامر ، لا ينفعان ولا يضران ، يا
مالك ، إنك لم تصنع بتقديم
[ ص: 439 ] البيضة بيضة
هوازن إلى نحور الخيل شيئا ، ارفعهم إلى متمنع بلادهم وعليا قومهم ، ثم الق الصباء على متون الخيل ، فإن كانت لك لحق بك من وراءك ، وإن كانت عليك ألفاك ذلك قد أحرزت أهلك ومالك . قال : والله لا أفعل ذلك ، إنك قد كبرت وكبر عقلك . والله لتطيعنني يا معشر
هوازن أو لأتكئن على هذا السيف حتى يخرج من ظهري . وكره أن يكون
لدريد بن الصمة فيها ذكر أو رأي ؟ فقالوا : أطعناك ، فقال
دريد بن الصمة : هذا يوم لم أشهده ولم يفتني :
يا ليتني فيها جذع أخب فيها وأضع أقود وطفاء الزمع
كأنها شاة صدع
قال
ابن هشام : أنشدني غير واحد من أهل العلم بالشعر قوله :
يا ليتني فيها جذع