[ ص: 443 ] ثم دخلت سنة ثنتين وثمانين وثلاثمائة
في عاشر المحرم منها رسم الوزير
أبو الحسن علي بن محمد الكوكبي - ويعرف بابن المعلم ، وكان قد استحوذ على السلطان - لأهل
الكرخ وباب الطاق من
الرافضة بأن لا يفعلوا شيئا من تلك البدع التي كانوا يتعاطونها في عاشوراء ; من تعليق المسوح وتغليق الأسواق والنياحة على
الحسين ، فلم يفعلوا شيئا من ذلك ، ولله الحمد .
وقد كان هذا الرجل من أهل السنة إلا أنه كان طماعا ; رسم بأن لا يقبل أحد من الشهود ممن استحدث عدالته بعد
ابن معروف وكان كثير منهم قد بذل أموالا جزيلة في ذلك ، فاحتاجوا إلى أن جمعوا له شيئا ، فوقع لهم بالاستمرار .
ولما كان في جمادى الآخرة سعت
الديلم والترك على
ابن المعلم هذا ، وخرجوا بخيامهم إلى
باب الشماسية ، وراسلوا
بهاء الدولة ليسلمه إليهم ، لسوء معاملته إياهم ، فدافع عنه مدافعة عظيمة في مرات متعددة ، ولم يزالوا يراسلونه في أمره حتى خنق
أبا الحسن بن المعلم في حبل ، ومات ودفن بالمخرم .
وفي رجب من هذه السنة
سلم الخليفة الطائع لله الذي خلع إلى أمير المؤمنين خليفة الوقت أبي العباس القادر بالله فأمر بوضعه في حجرة من دار الخلافة ،
[ ص: 444 ] وأمر أن تجرى عليه الأرزاق والتحف والألطاف ، مما يستعمله الخليفة
القادر من مأكل وملبس وطيب ، ووكل به من يحفظه ويخدمه ، وكان يتعنت ويتعتب على القادر في تقلله في المأكل والملبس ، فرتب من يخدمه يحضر له ما يشتهيه من سائر الأنواع ، ولم يزل كذلك حتى توفي وهو في السجن .
وفي شوال منها ولد للخليفة
القادر ولد ذكر ، وهو
أبو الفضل محمد بن القادر بالله ، وقد ولاه العهد من بعده ، وسماه
الغالب بالله ، فلم يتم له الأمر .
وفي هذا الوقت غلت الأسعار
ببغداد حتى بيع رطل الخبز بأربعين درهما ، والحوزة بدرهم . وفي ذي القعدة قدم صاحب الأصيفر الأعرابي ، والتزم بحراسة الحجاج في ذهابهم وإيابهم ، وبشرط أن يخطب للقادر من
اليمامة والبحرين إلى
الكوفة فأجيب إلى ذلك ، وأطلقت له الخلع والأموال والألوية .