[ ص: 370 ] ثم دخلت
سنة تسع وأربعين وخمسمائة
فيها ركب الخليفة
المقتفي في جيش كثيف إلى
تكريت فحاصر قلعتها ، والتقى جمعا هنالك من
الأتراك والتركمان ، فأظفره الله بهم ، وهزمهم له ، وأعلى كلمته عليهم ، ثم عاد إلى
بغداد مؤيدا منصورا .
وجاءت الأخبار بأن
مصر قد قتل خليفتها
الظافر ، ولم يبق منهم إلا صبي صغير ابن خمس سنين ، قد ولوه عليهم ولقبوه الفائز ، فكتب الخليفة عهدا للملك
nindex.php?page=showalam&ids=17217نور الدين محمود بن زنكي على البلاد الشامية والديار المصرية ، وأرسله إليها .
وفيها هاجت ريح شديدة بعد العشاء فيها نار ، فخاف الناس أن تكون الساعة ، وزلزلت الأرض ، وتغير ماء
دجلة إلى الحمرة . وظهر بأرض
واسط من الأرض دم لا يعرف سببه . وجاءت الأخبار بأن الملك
سنجر في أسر
الترك ، في غاية الذل والإهانة ، وأنه يبكي على نفسه في كل وقت .
وفيها
انتزع الملك nindex.php?page=showalam&ids=17217نور الدين محمود بن زنكي دمشق من يد ملكها nindex.php?page=showalam&ids=11796مجير الدين أبق بن محمد بن بوري بن طغتكين ، وذلك لسوء سيرته وضعف دولته ، ومحاصرة العامة له في القلعة غير مرة ، مع الرئيس
مؤيد الدولة المسيب [ ص: 371 ] بن الصوفي ، وتغلب الخادم
عطاء على المملكة مع ظلمه وغشمه ، فكان الناس يدعون الله ليلا ونهارا أن يبدلهم بالملك
نور الدين ، واتفق مع ذلك أن
الفرنج أخذوا
عسقلان فتحرق الملك
نور الدين على ذلك ، ولا يمكنه الوصول إليهم ; لأن
دمشق بينهم وبينه ، ويخشى أن يحاصر
دمشق بعسف ; فينبعث ملكها إلى
الفرنج فينجدونه كما جرى غير مرة ; لأن
الفرنج لا يريدون أن يملك
نور الدين دمشق ; لأنه يقوى بها عليهم ولا يطيقونه ، فأرسل بين يديه الأمير
أسد الدين شيركوه في ألف فارس في صفة طلب الصلح ، فلم يلتفت إليه
مجير الدين ، ولا خرج إليه أحد من أهل البلد ، فكتب إلى
نور الدين بذلك ، فركب الملك
نور الدين في جيشه ، فنزل عيون الفاسريا من أرض
دمشق ثم انتقل إلى قريب من الباب الشرقي ، ففتحها قهرا ودخل البلد بعد حصار عشرة أيام ، وكان دخوله يوم الأحد عاشر صفر من هذه السنة ، وتحصن
مجير الدين في القلعة فأنزله منها ، وعوضه مدينة
حمص ودخل
نور الدين القلعة ، واستقرت يده على
دمشق ولله الحمد ، فنادى في البلد بالأمان ، وأنه يبشر الناس بالخير ، فرفع عنهم المكوس ، وقرئت التواقيع بذلك على المنابر ، ففرح المسلمون وأكثروا الدعاء له ، وكتب ملوك
الفرنج إليه يهنئونه ويتقربون إليه ، ويخضعون له .