[ ص: 377 ] ذكر
حصار بغداد
وسبب ذلك أن السلطان
محمد بن محمود بن ملكشاه أرسل إلى الخليفة
المقتفي يطلب منه أن يخطب له
ببغداد ، فلم يجبه إلى ذلك ، فسار من
همذان إلى
بغداد ليحاصرها ، فانجفل الناس ، وحصن الخليفة البلد ، وجاء السلطان
محمد فحصر
بغداد ووقف تجاه التاج من دار الخلافة في جحفل عظيم ، ورموا نحوه بالنشاب ، وقاتلت العامة قتالا عظيما بالنفط وغيره ، واستمر القتال إلى مدة ، فبينما هم كذلك إذ بلغ السلطان أن أخاه قد خلفه في
همذان فانشمر عن
بغداد راحلا إلى
همذان في ربيع الأول من سنة اثنتين وخمسين ، وتفرقت العساكر الذين كانوا معه في البلاد ، وأصاب الناس بعد هذا القتال مرض شديد ، وموت ذريع ، واحترقت محال كثيرة من
بغداد واستمر ذلك فيها مدة شهرين .
وفيها أطلق
أبو البدر بن الوزير بن هبيرة من قلعة
تكريت وكان له فيها ، معتقلا ، ثلاث سنين ، فتلقاه الناس إلى أثناء الطريق ، وامتدحه الشعراء ، فكان من جملتهم
الأبله الشاعر ، أنشد الوزير قصيدة يقول في أولها :
بأي لسان للوشاة ألام وقد علموا أني سهرت وناموا
[ ص: 378 ] إلى أن قال
ويستكثرون الوصل لي منك ليلة وقد مر عام بالصدود وعام
فطرب الخليفة عند ذلك . وخلع عليه ثيابه وأطلق له خمسين دينارا ، وحج بالناس
قايماز .