[ ص: 556 ] ثم دخلت سنة ثمان وسبعين وخمسمائة
في خامس المحرم كان
بروز السلطان من الديار المصرية قاصدا بلاد الشام ; لمناجزة الأعداء والإحسان إلى الأولياء ، وكان ذلك آخر عهده
بمصر لم يعد إليها بعد ذلك ، وقد أغار في طريقه على أطراف بلاد الفرنج بأرض
الكرك وجعل أخاه
nindex.php?page=showalam&ids=15587تاج الملوك بوري بن أيوب على الميمنة يسير ناحية عنه ; ليتمكنوا من بلاد العدو فالتقوا على الأزرق بعد سبعة أيام ، وقد أغار نائب
دمشق عز الدين فروخشاه على
بلاد طبرية وما حولها ، وافتتح حصونا جيدة ، وأسر منهم ألفا ، وغنم عشرين ألف رأس من الأنعام ، بيض الله وجهه . وكان دخول السلطان إلى
دمشق سابع عشر من صفر ثم خرج في العشر الأول من ربيع الأول ، فاقتتل مع الفرنج في نواحي
طبرية وبيسان تحت حصن كوكب ، فقتل خلق من الفريقين ، ولكن كانت الدائرة للمسلمين ، ورجع مؤيدا منصورا .
ثم ركب السلطان في جحافله وعساكره قاصدا
حلب وبلاد الشرق ليأخذها ; وذلك أن المواصلة والحلبيين قد كاتبوا الفرنج حتى يغزوا على أطراف البلاد ; ليشغلوا
الناصر بنفسه عنهم ، فكان مسيره على بلاد
البقاع ثم إلى
حماة ثم إلى
حلب فحاصرها ثلاثا ، ورأى العدول عنها إلى غيرها أولى به ،
[ ص: 557 ] فسار حتى قطع
الفرات ، واستحوذ على بلاد
الجزيرة والخابور وحران والرها والرقة ونصيبين ، وغير ذلك ، وخضعت له الملوك هنالك ، ثم عاد إلى
حلب فتسلمها من صاحبها
عماد الدين زنكي وقد كان قايض أخاه
عز الدين مسعودا بها إلى
سنجار ، كما ذكرنا ذلك في السنة الماضية ، فاستوسقت له الممالك شرقا وغربا ، وبعدا وقربا ، وتمكن حينئذ من قتال أعدائه من الفرنج - لعنهم الله - وأمكنه الله من نواصيهم ، فله الحمد على ما أولاه .