[ ص: 158 ] ثم دخلت سنة أربع وعشرين وستمائة
فيها
كاتب عامة أهل تفليس الكرج ، فجاءوا إليهم فدخلوها ، فقتلوا العامة والخاصة ، ونهبوا وسبوا وخربوا وأحرقوا ، وخرجوا على حمية ، وبلغ ذلك
جلال الدين فسار سريعا ليدركهم ، فلم يدركهم .
وفيها قتلت الإسماعيلية أميرا كبيرا من نواب جلال الدين بن خوارزم شاه ، فسار إلى بلادهم ، فقتل منهم خلقا كثيرا ، وخرب مدينتهم ، وسبى ذراريهم ، ونهب أموالهم ، وقد كانوا - قبحهم الله - من أكبر العون على المسلمين لما قدم
التتار إلى الناس ، وكانوا أضر على الناس منهم .
وفيها تواقع
جلال الدين وطائفة كبيرة من
التتار ، فهزمهم وأوسعهم قتلا وأسرا ، وساق وراءهم أياما ، فقتلهم حتى وصل إلى
الري ، فبلغه أن طائفة قد جاءوا لقصده ، فأقام ينتظرهم ، فكان من أمره وأمرهم ما سيأتي في سنة خمس وعشرين .
وفيها دخلت عساكر الملك الأشرف إلى أذربيجان ، فملكوا منها مدنا كثيرة ، وغنموا أموالا جزيلة ، وخرجوا معهم بزوجة
جلال الدين بنت طغرل ، وكانت تبغضه وتعاديه ، فأنزلوها مدينة
خلاط ، وسيأتي ما كان من خبرهم في السنة الآتية ، إن شاء الله تعالى .
[ ص: 159 ] وفيها قدم رسول
الأنبرور ملك
الفرنج في البحر إلى
المعظم يطلب منه ما كان فتحه عمه
السلطان الملك الناصر صلاح الدين من بلاد السواحل ، فأغلظ لهم المعظم في الجواب ، وقال له : قل لصاحبك ما عندي إلا السيف - والله أعلم - .
وفيها جهز
الأشرف أخاه
شهاب الدين غازيا إلى الحج في محمل عظيم يحمل ثقله ستمائة جمل ، ومعه خمسون هجينا ، على كل هجين مملوك ، فسار من ناحية
العراق ، وجاءته هدايا الخليفة إلى أثناء الطريق ، وعاد على طريقه التي حج منها .
وفيها ولي قضاء القضاة
ببغداد nindex.php?page=showalam&ids=13545نجم الدين أبو المعالي عبد الرحمن بن مقبل الواسطي ، وخلع عليه كما هي عادة الحكام ، وكان يوما مشهودا .
وفيها كان غلاء شديد ببلاد
الجزيرة ، وقل اللحم ، حتى حكى
nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير أنه لم يذبح بمدينة
الموصل في بعض الأيام سوى خروف واحد في زمن الربيع .
قال : وسقط فيها عاشر آذار ثلج كثير
بالجزيرة والعراق مرتين ، فأهلك الأزهار وغيرها . قال : وهذا شيء لم يعهد مثله ، والعجب كل العجب من
العراق مع كثرة حره كيف وقع فيه مثل هذا؟!