صفة خروج المهدي الضال بأرض جبلة
وفي هذه السنة خرجت النصيرية عن الطاعة ، فأقاموا من بينهم رجلا سموه
محمد بن الحسن المهدي القائم بأمر الله ، وتارة يدعي أنه
علي بن أبي طالب فاطر السموات والأرض ، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا ، وتارة يدعي أنه
محمد بن عبد الله صاحب البلاد ، وصرح بكفر المسلمين ، وأن النصيرية على الحق ، واحتوى هذا الرجل على عقول كثير من كبار النصيرية الضلال ، وعين لكل إنسان منهم تقدمة ألف ، وبلادا كثيرة ، ونيابة قلعة ، وحملوا على مدينة
[ ص: 169 ] جبلة ، فدخلوها ، وقتلوا خلقا من أهلها ، وخرجوا منها يقولون : لا إله إلا
علي ، ولا حجاب إلا
محمد ، ولا باب إلا
سلمان ، وسبوا الشيخين ، وصاح أهل البلد : واإسلاماه ، واسلطاناه ، واأميراه ، فلم يكن لهم يومئذ ناصر ولا منجد ، وجعلوا يبكون ويتضرعون إلى الله عز وجل ، فجمع هذا الضال تلك الأموال فقسمها على أصحابه وأتباعه ، قبحهم الله أجمعين ، وقال لهم : لم يبق للمسلمين ذكر ولا دولة ، ولو لم يبق معي سوى عشرة نفر لملكنا البلاد كلها .
ونادى في تلك البلاد : إن المقاسمة بالعشر لا غير ليرغب الفلاحين فيه ، وأمر أصحابه بخراب المساجد ، واتخاذها خمارات ، وكانوا يقولون لمن أسروه من المسلمين : قل : لا إله إلا
علي ، واسجد لإلهك
المهدي الذي يحيي ويميت حتى يحقن دمك ، ويكتب لك فرمان . وتجهزوا ، وعملوا أمرا عظيما جدا ، فجردت إليهم العساكر ، فهزموهم ، وقتلوا منهم خلقا كثيرا ، وجما غفيرا ، وقتل
المهدي الذي أضلهم ، وهو يكون يوم القيامة مقدمهم وهاديهم إلى عذاب السعير ، كما قال تعالى :
ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير [ الحج : 3 ، 4 ] .
وفيها حج الأمير
حسام الدين مهنا وولده
سليمان ، في ستة آلاف ، وأخوه
محمد بن عيسى في أربعة آلاف ، ولم يجتمع مهنا بأحد من المصريين ولا الشاميين ، وقد كان في المصريين قجليس وغيره . والله أعلم .