مسك نائب السلطنة أسندمر اليحياوي
وفي صبيحة يوم الأربعاء الخامس والعشرين من رجب قبض على نائب السلطنة
الأمير سيف الدين أسندمر أخي
يلبغا اليحياوي ، عن كتاب ورد من السلطان صحبة الدوادار الصغير ، وكان يومئذ راكبا بناحية
ميدان ابن أتابك ، فلما رجع إلى عند مقابر
اليهود والنصارى ، احتاط عليه الحاجب الكبير ومن معه من الجيش ، وألزموه بالذهاب إلى ناحية
طرابلس ، فذهب من على طريق
الشيخ رسلان ، ولم يمكن من المسير إلى دار السعادة ، ورسم عليه من الجند من أوصله إلى
طرابلس مقيما بها بطالا ، فسبحان من بيده ملكوت كل شيء ، يفعل ما يشاء . وبقي البلد بلا نائب ، يحكم فيه الحاجب الكبير عن مرسوم
[ ص: 611 ] السلطان ، وعين للنيابة
الأمير سيف الدين بيدمر النائب
بحلب .
وفي شعبان وصل تقليد الأمير سيف الدين بيدمر بنيابة دمشق ، ورسم له أن يركب في طائفة من جيش
حلب ، ويقصد
الأمير حيار بن مهنا; ليحضره إلى خدمة السلطان ، وكذلك رسم لنائبي
حماة وحمص أن يكونا عونا
للأمير سيف الدين بيدمر في ذلك ، فلما كان يوم الجمعة رابعه التقوا مع
حيار عند
سلمية ، فكانت بينهم مناوشات ، فأخبرني
الأمير تاج الدين إسرائيل الدوادار - وكان مشاهد الوقعة - أن الأعراب أحاطوا بهم من كل جانب ، وذلك لكثرة العرب ، وكانوا نحو الثمانمائة ، وكانت
الترك من
حماة وحمص وحلب مائة وخمسين ، فرموا الأعراب بالنشاب ، فقتلوا منهم طائفة كثيرة ، ولم يقتل من
الترك سوى رجل واحد; رماه بعض
الترك - ظانا أنه من العرب - بناشج فقتله ، ثم حجز بينهم الليل ، وخرجت
الترك من الدائرة ، ونهبت أموال من
الترك ومن العرب ، وجرت فتنة ، وجردت أمراء عدة من
دمشق لتدارك الحال ، وأقام نائب السلطنة ينتظر ورودهم ، وقدم
الأمير عمر الملقب بمصمع بن موسى بن مهنا من الديار المصرية أميرا على الأعراب ، وفي صحبته
الأمير بدر الدين رملة بن جماز أميران على الأعراب ، فنزل
مصمع بالقصر الأبلق ، ونزل
الأمير رملة بالنورية على عادته ، ثم توجها إلى ناحية
حيار بمن معهما من عرب الطاعة ممن أضيف إليهم من تجريدة
دمشق ، ومن يكون معهم من جيش
حماة وحمص; لتحصيل
الأمير حيار ، وإحضاره إلى الخدمة الشريفة ، فالله تعالى يحسن العاقبة .