وفاة الخطيب جمال الدين محمود بن جملة المحجي الشافعي ومباشرة قاضي القضاة
تاج الدين الشافعي بعده
كانت وفاته يوم الاثنين بعد الظهر قريبا من العصر ، فصلى بالناس
[ ص: 679 ] بالمحراب صلاة العصر قاضي القضاة
تاج الدين السبكي الشافعي عوضا عنه ، وصلى بالناس الصبح أيضا ، وقرأ بآخر " المائدة " من قوله :
يوم يجمع الله الرسل [ المائدة : 109 ] ثم لما طلعت الشمس ، وزال وقت الكراهة صلي على الخطيب
جمال الدين عند
باب الخطابة ، وكان الجمع في الجامع كثيرا ، وخرج بجنازته من
باب البريد ، وخرج معه طائفة من العوام وغيرهم ، وقد حضر جنازته
بالصالحية على - ما ذكر - جم غفير وخلق كثير ، ونال قاضي القضاة الشافعي من بعض الجهلة إساءة أدب ، فأخذ منهم جماعة وأدبوا ، وحضر هو بنفسه صلاة الظهر يومئذ ، وكذا باشر الظهر والعصر في بقية الأيام; يأتي للجامع في محفل من الفقهاء والأعيان وغيرهم ذهابا وإيابا ، وخطب عنه يوم الجمعة الشيخ
جمال الدين ابن قاضي الزبداني ، وكذلك يوم العيد بالمصلى ، وخطبة الجمعة يومئذ ، وامتنع قاضي القضاة
تاج الدين من المباشرة ، حتى يأتي التشريف .
وفي يوم الاثنين بعد العصر صلي على الشيخ
شهاب الدين أحمد بن عبد الله البعلبكي المعروف بابن النقيب ، ودفن بالصوفية ، وقد قارب السبعين أو جاوزها ، وكان بارعا في القراءات ، والنحو ، والتصريف ، والعربية ، وله يد في الفقه ، وغير ذلك ، وولي مكانه مشيخة الإقراء بأم الصالح
شمس الدين محمد بن اللبان ، وبالتربة الأشرفية الشيخ
أمين الدين عبد الوهاب بن السلار .
وقدم نائب السلطنة من ناحية
الرحبة وتدمر ، وفي صحبته الجيش الذين كانوا
[ ص: 680 ] معه بسبب محاربته
آل مهنا ، وذويهم من الأعراب في يوم الأربعاء سادس شوال .
وفي ليلة الأحد عاشره توفي الشيخ
صلاح الدين خليل بن أيبك وكيل بيت المال وموقع الدست ، وصلي عليه صبيحة الأحد بالجامع ، ودفن
بالصوفية ، وقد كتب الكثير من التاريخ ، واللغة ، والأدب ، وله الأشعار الفائقة ، والفنون المتنوعة ، وجمع ، وصنف ، وكتب ما يقارب مئين من المجلدات .
وفي يوم السبت عاشره جمع القضاة والأعيان بدار السعادة ، وكتبوا خطوطهم بالرضا بخطابة قاضي القضاة
تاج الدين السبكي بالجامع الأموي ، وكاتب نائب السلطنة في ذلك .
وفي يوم الأحد حادي عشره استقر عزل نائب السلطنة
سيف الدين قشتمر عن نيابة
دمشق ، وأمر بالمسير إلى نيابة
صفد ، فأنزل أهله بدار
طيبغا حاجي من الشرف الأعلى ، وبرز هو إلى سطح المزة ذاهبا إلى ناحية
صفد .
وخرج المحمل صحبة الحجيج ، وهم جم غفير ، وخلق كثير - يوم الخميس رابع عشر شوال .
وفي يوم الخميس الحادي والعشرين من شوال توفي القاضي
أمين الدين أبو حيان ابن أخي قاضي القضاة
جمال الدين المسلاتي المالكي ، وزوج ابنته ونائبه في الحكم مطلقا ، وفي القضاء والتدريس - في غيبته ، فعالجته المنية .
[ ص: 681 ] ومن غريب ما وقع في أواخر هذا الشهر أنه اشتهر بين النساء وكثير من العوام أن رجلا رأى مناما فيه أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - عند شجرة توتة عند
مسجد ضرار خارج باب شرقي ، فتبادر النساء إلى تخليق تلك التوتة ، وأخذوا أوراقها للاستشفاء من الوباء ، ولكن لم يظهر صدق ذلك المنام ، ولا يصح عمن يرويه .
وفي يوم الجمعة سابع شهر ذي القعدة خطب بجامع
دمشق قاضي القضاة
تاج الدين السبكي خطبة بليغة فصيحة أداها أداء حسنا ، وقد كان يخشى من طائفة من العوام أن يشوشوا ، فلم يتكلم أحد منهم ، بل ضجوا عند الموعظة وغيرها ، وأعجبهم الخطيب وخطبته ، وأداؤه ، وتبليغه ، ومهابته ، واستمر يخطب هو بنفسه .
وفي يوم الثلاثاء ثامن عشره توفي الصاحب
تقي الدين سليمان بن مراجل ، ناظر
الجامع الأموي وغيره ، وقد باشر نظر الجامع في أيام تنكز ، وعمر الجانب الغربي من الحائط القبلي ، وكمل رخامه كله ، وفتق محرابا
للحنفية في الحائط القبلي ، ومحرابا
للحنابلة فيه أيضا في غربيه ، وأثر أشياء كثيرة فيه ، وكانت له همة ، وينسب إلى أمانة ، وصرامة ، ومباشرة مشكورة مشهورة ، ودفن بتربة أنشأها تجاه داره
بالقبيبات ، رحمه الله ، وقد جاوز الثمانين .
وفي يوم الأربعاء تاسع عشره توفي الشيخ
بهاء الدين عبد الوهاب الإخميمي المصري ، إمام مسجد
درب الحجر ، وصلي عليه بعد العصر
[ ص: 682 ] بالجامع الأموي ، ودفن بقصر
ابن الحلاج عند
الطيوريين بزاوية لبعض الفقراء الخزنة هناك ، وقد كان له يد في أصول الفقه ، وصنف في الكلام كتابا مشتملا على أشياء مقبولة وغير مقبولة .