ذكر
الأحاديث الواردة في شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة وبيان أنواعها وتعدادها :
فالنوع الأول منها : شفاعته الأولى ، وهي العظمى الخاصة به من بين سائر إخوانه من النبيين والمرسلين ، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين . وهي التي يرغب إليه فيها الخلق كلهم ، حتى
إبراهيم الخليل ،
وموسى [ ص: 187 ] الكليم ، ويتوسل الناس إلى
آدم فمن بعده من المرسلين ، فكل يحيد عنها ، ويقول : لست بصاحبها . حتى ينتهي الأمر إلى سيد ولد
آدم في الدنيا والآخرة
محمد صلى الله عليه وسلم ، فيقول : " أنا لها ، أنا لها " . فيذهب فيشفع عند الله سبحانه وتعالى في أن يأتي ، لفصل القضاء بين الخلق ، ويريحهم مما هم فيه ، ويميز بين مؤمنهم وكافرهم ، بمجازاة المؤمنين بالجنة ، والكافرين بالنار .
وقد ذكرنا ذلك في تفسير سورة " سبحان " عند قوله تعالى :
ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا [ الإسراء : 79 ] . وقد قدمنا في هذا الكتاب من الأحاديث الدالة على هذا المقام المحمود ما فيه كفاية ، ولله الحمد والمنة .
وثبت في " الصحيحين " من طريق
هشيم ، عن
سيار ، عن
يزيد الفقير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3513836أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي ، نصرت بالرعب مسيرة شهر ، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، وأحلت لي الغنائم ، ولم تحل لأحد قبلي ، وأعطيت الشفاعة ، وكان النبي يبعث إلى قومه ، وبعثت إلى الناس عامة " .
وقد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي ، عن
شعبة ، عن
واصل ، عن
مجاهد ، عن
أبي ذر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بنحوه ، ورواه
الأعمش ، عن
مجاهد ، عن
عبيد بن [ ص: 188 ] عمير ، عن
أبي ذر .
فقوله : " وأعطيت الشفاعة " . يعني بذلك الشفاعة العظمى ، وهي الأولى التي يشفع فيها عند الله عز وجل ، أن يأتي لفصل القضاء بين العباد ، ويغبطه بها الأولون والآخرون ، فهو مختص بهذه الشفاعة دون غيره .
وأما
الشفاعة في العصاة فيشركه فيها غيره من الأنبياء والملائكة والمؤمنين ، حتى القرآن والأعمال الصالحة ، كما سيأتي بيانه فيما نورده من الأحاديث الصحيحة ، وغيرها .
وقال
الأوزاعي ، عن
أبي عمار ، عن
عبد الله بن فروخ ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3513837أنا أول من تنشق عنه الأرض ، وأول شافع ، وأول مشفع " .
ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر بن راشد ، عن
محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب ، عن
بشر بن شغاف ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3513838أنا سيد ولد آدم ولا فخر ، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ، وأنا أول شافع ومشفع ، بيدي لواء الحمد ، تحتي آدم فمن دونه " .
وفي " صحيح
مسلم " من طريق
عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن
أبي بن كعب ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3513839إن ربي أرسل إلي أن اقرأ القرآن على حرف ، [ ص: 189 ] فرددت عليه : يا رب ، هون على أمتي . فرد علي الثانية أن اقرأه على حرفين " قال : " قلت : يا رب ، هون على أمتي . فرد علي الثالثة أن اقرأه على سبعة أحرف ، ولك بكل ردة رددتها مسألة تسألنيها . فقلت : اللهم اغفر لأمتي ، اللهم اغفر لأمتي ، وأخرت الثالثة إلى يوم يرغب إلي فيه الخلق حتى إبراهيم " .