ذكر
أول طعام يأكله أهل الجنة بعد دخولهم الجنة
روى الإمام
أحمد عن
إسماعيل ابن علية ، عن
حميد . وأخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من حديثه ، عن
أنس ، أن
nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام nindex.php?page=hadith&LINKID=3514064سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم - لما قدم المدينة - عن أشياء ، منها : وما أول طعام يأكله أهل الجنة ؟ فقال : " زيادة كبد حوت " .
وفي " صحيح
مسلم " من رواية
أبي أسماء ، عن
ثوبان ، nindex.php?page=hadith&LINKID=3514065أن يهوديا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فما تحفتهم حين يدخلون الجنة ؟ قال : " زيادة كبد الحوت " . قال : فما غذاؤهم على إثرها ؟ قال : " ينحر لهم ثور الجنة الذي يأكل [ ص: 324 ] من أطرافها " . قال : فما شرابهم عليه ؟ قال : " من عين تسمى سلسبيلا " . قال : صدقت .
وفي " الصحيحين " من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار ، عن
أبي سعيد ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3514066تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة ، يتكفؤها الجبار بيده كما يتكفأ أحدكم خبزته في السفر ، نزلا لأهل الجنة " . فأتى رجل من اليهود ، فقال : بارك الرحمن عليك يا أبا القاسم ، ألا أخبرك بنزل أهل الجنة يوم القيامة ؟ قال : " بلى " . قال : تكون الأرض خبزة واحدة يوم القيامة . ثم قال : ألا أخبرك بإدامهم ؟ قال : " بلى " . قال : إدامهم بالام ونون . قال : " وما هذا ؟ " قال : ثور ونون يأكل من زيادة كبدهما سبعون ألفا .
وقال
الأعمش ، عن
عبد الله بن مرة ، عن
مسروق ، عن
ابن مسعود ، في قوله تعالى :
يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك [ المطففين : 25 ، 26 ] . قال : الرحيق الخمر ، مختوم يجدون عاقبتها ريح المسك .
وقال
سفيان ، عن
عطاء بن السائب ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس في قوله :
ومزاجه من تسنيم [ المطففين : 27 ] . قال : التسنيم أشرف شراب أهل الجنة ، يشربه المقربون صرفا ، ويمزج لأصحاب اليمين .
[ ص: 325 ] قلت : وقد وصف الله خمر الجنة بصفات جميلة حسنة ليست في خمور الدنيا القذرة ، فذكر أنها أنهار جارية ، كما قال تعالى :
وأنهار من خمر لذة للشاربين [ محمد : 15 ] . فهي أنهار جارية مستمدة من عيون تنبع من تحت جبال المسك ، وليست معتصرة بأرجل الرجال الأراذل في أسوأ الأحوال ، وذكر أنها لذة للشاربين ، وليست كخمر الدنيا من كراهة الطعم ، وسوء الفعل في العقل ، ومغص البطن ، وصداع الرأس ، فقد نزه الله أهل الجنة عن ذلك كله ، ونزه خمرها أن يكون فيه شيء من ذلك كما قال تعالى :
يطاف عليهم بكأس من معين بيضاء لذة للشاربين لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون [ الصافات : 45 - 47 ] . " بيضاء " أي حسنة المنظر ، لذة : طيبة الطعم ،
لا فيها غول الغول : وجع البطن ،
ولا هم عنها ينزفون أي : لا تذهب عقولهم ، وذلك أن المقصود من الخمر إنما هو اللذة المطربة ، وهي الحالة المبهجة التي يحصل بها سرور النفس ، وهذا حاصل كامل تام في خمر الجنة ، فأما ذهاب العقل بحيث يبقى شاربها كالحيوان والمجنون ، فهذا نقص إنما ينشأ عن خمر الدنيا ، فأما خمر الجنة فلا تحدث لشاربها شيئا من هذا وإنما تحدث السرور والابتهاج ، ولهذا قال تعالى :
لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون أي : تنزف عقولهم ، فتذهب بالكلية بسبب شربها .
وقال في الآية الأخرى :
يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين لا يصدعون عنها ولا ينزفون [ الواقعة : 17 - 19 ] . أي : لا
[ ص: 326 ] تورث لهم صداعا في رءوسهم ، ولا تنزف عقولهم .
وقال في الآية الأخرى :
يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ومزاجه من تسنيم عينا يشرب بها المقربون [ المطففين : 25 - 28 ] .
وقد ذكرنا في " التفسير " عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود : إن الجماعة من أهل الجنة ليجتمعون على شرابهم كما يجتمع أهل الدنيا ، فتمر بهم السحابة ، فتقول : ما تريدون أن أمطركم فلا يشاءون شيئا إلا أمطرت عليهم ، حتى إن منهم من يقول : أمطرينا كواعب أترابا . فتمطرهم كواعب أترابا .
وتقدم أنهم يجتمعون عند شجرة طوبى ، فيذكرون لهو الدنيا ، وهو الطرب ، فيبعث الله ريحا من الجنة ، فتحرك تلك الشجرة بكل لهو كان في الدنيا ، وفي بعض الآثار : إن الجماعة من أهل الجنة ليجتازون ، وهم ركبان سائرون صفا واحدا ، فلا يمرون بشجرة من أشجار الجنة إلا تنحت عن طريقهم ، لئلا تثلم صفهم وتفرق بينهم وأتحفتهم من ثمرها . وهذا كله من فضل الله عليهم ورحمته بهم ، فله الحمد والمنة ، وذلك قوله :
رأيت نعيما وملكا كبيرا [ الإنسان : 20 ] .
[ ص: 327 ] والأكواب هي الكيزان التي لا عرى لها ولا خراطيم ، والأباريق بخلافها لها عرى وخراطيم ، والكأس هو القدح فيه الشراب ، وقال تعالى :
وكأسا دهاقا [ النبأ : 34 ] . أي ملأى مترعة ، ليس فيها نقص ،
لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا [ النبأ : 35 ] . أي لا يصدر منهم ، على شرابهم ، شيء من اللغو ، وهو الكلام الساقط التافه ، ولا تكذيب لبعضهم بعضا ، كما يصدر من شربة الدنيا ، كما قال تعالى :
لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما [ مريم : 62 ] . وقال :
لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما [ الواقعة : 25 ، 26 ] . وقال تعالى :
لا تسمع فيها لاغية [ الغاشية : 11 ] .
وثبت في " الصحيحين " ، عن
حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3514067لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ، ولا تأكلوا في صحافها ، فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة " .