صفحة جزء
متى وقع دفنه ، عليه الصلاة والسلام

قال يونس عن ابن إسحاق حدثتني فاطمة بنت محمد امرأة عبد الله بن أبي بكر - وأدخلني عليها ، قال : حتى تسمعه منها - عن عمرة ، عن [ ص: 149 ] عائشة ، أنها قالت : ما علمنا بدفن النبي صلى الله عليه وسلم حتى سمعنا صوت المساحي في جوف ليلة الأربعاء .

وقال الواقدي : حدثنا ابن أبي سبرة عن الحليس بن هاشم ، عن عبد الله بن وهب ، عن أم سلمة قالت : بينا نحن مجتمعون نبكي لم ننم ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيوتنا ، ونحن نتسلى برؤيته على السرير ، إذ سمعنا صوت الكرازين في السحر . قالت أم سلمة : فصحنا وصاح أهل المسجد ، فارتجت المدينة صيحة واحدة ، وأذن بلال بالفجر ، فلما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بكى فانتحب ، فزادنا حزنا ، وعالج الناس الدخول إلى قبره ، فغلق دونهم ، فيا لها من مصيبة ! ما أصبنا بعدها بمصيبة إلا هانت إذا ذكرنا مصيبتنا به صلى الله عليه وسلم .

وقد روى الإمام أحمد من حديث محمد بن إسحاق ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي يوم الاثنين ، ودفن ليلة الأربعاء . وقد تقدم مثله في غير ما حديث ، وهو الذي نص عليه غير واحد من الأئمة سلفا وخلفا ، منهم سليمان بن طرخان التيمي ، وجعفر بن محمد [ ص: 150 ] الصادق ، وابن إسحاق ، وموسى بن عقبة وغيرهم .

وقد روى يعقوب بن سفيان ، عن عبد الحميد بن بكار ، عن محمد بن شعيب ، عن الأوزاعي أنه قال : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين قبل أن ينتصف النهار ، ودفن يوم الثلاثاء .

وهكذا روى الإمام أحمد ، عن عبد الرزاق ، عن ابن جريج قال : أخبرت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات في الضحى يوم الاثنين ، ودفن من الغد في الضحى .

وقال سعيد بن منصور ، عن الدراوردي ، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر ، عن أبي سلمة قال : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ، ودفن يوم الثلاثاء .

[ ص: 151 ] وقال ابن خزيمة حدثنا سلم بن جنادة ، عن أبيه ، عن عبيد الله بن عمر ، عن كريب ، عن ابن عباس قال : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ، ودفن يوم الثلاثاء .

وقال الواقدي : حدثني أبي بن العباس بن سهل بن سعد ، عن أبيه قال : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ، ودفن ليلة الثلاثاء .

وقال أبو بكر بن أبي الدنيا عن محمد بن سعد : توفي رسول الله يوم الاثنين لثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول ، ودفن يوم الثلاثاء .

وقال عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا : ثنا الحسن بن إسرائيل أبو محمد النهرتيري ، ثنا عيسى بن يونس ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، سمعت عبد الله بن أبي أوفى يقول : مات رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ، فلم يدفن إلا يوم الثلاثاء . وهكذا قال سعيد بن المسيب ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن ، وأبو جعفر الباقر .

[ ص: 152 ] وقال يعقوب بن سفيان : ثنا سعيد بن منصور ، ثنا سفيان ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، وعن ابن جريج ، عن أبي جعفر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي يوم الاثنين . فلبث ذلك اليوم وتلك الليلة ويوم الثلاثاء إلى آخر النهار . فهو قول غريب ، والمشهور عن الجمهور ما أسلفناه من أنه ، عليه الصلاة والسلام ، توفي يوم الاثنين ، ودفن ليلة الأربعاء .

ومن الأقوال الغريبة في هذا أيضا ما رواه يعقوب بن سفيان ، عن عبد الحميد بن بكار ، عن محمد بن شعيب ، عن النعمان ، عن مكحول قال : ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ، وأوحي إليه يوم الاثنين ، وهاجر يوم الاثنين ، وتوفي يوم الاثنين لثنتين وستين سنة ونصف ، ومكث ثلاثة أيام لا يدفن ، يدخل عليه الناس أرسالا أرسالا يصلون لا يصفون ، ولا يؤمهم عليه أحد . فقوله : إنه مكث ثلاثة أيام لا يدفن . غريب ، والصحيح أنه مكث بقية يوم الاثنين ويوم الثلاثاء بكماله ، ودفن ليلة الأربعاء كما قدمنا . والله أعلم .

وضده ما رواه سيف ، عن هشام ، عن أبيه قال : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم [ ص: 153 ] الاثنين ، وغسل يوم الاثنين ، ودفن ليلة الثلاثاء . قال سيف : وحدثنا يحيى بن سعيد مرة بجميعه ، عن عمرة ، عن عائشة مثله ، وهذا غريب جدا .

وقال الواقدي : حدثنا عبد الله بن جعفر ، عن ابن أبي عون ، عن أبي عتيق ، عن جابر بن عبد الله قال : رش على قبر النبي صلى الله عليه وسلم الماء رشا ، وكان الذي رشه بلال بن رباح بقربة ، بدأ من قبل رأسه من شقه الأيمن حتى انتهى إلى رجليه ، ثم ضرب بالماء إلى الجدار ; لم يقدر على أن يدور من الجدار .

التالي السابق


الخدمات العلمية