فصل
دعوة النصارى إلى المباهلة
وقد ذكرنا في " التفسير " عند قوله تعالى في سورة " البقرة " :
قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين [ البقرة : 94 ، 95 ] . ومثلها في سورة " الجمعة " ، وهي قوله :
قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ولا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين [ الجمعة 6 ، 7 ] . وذكرنا أقوال المفسرين في ذلك ، وأن الصواب أنه دعاهم إلى المباهلة; أن يدعو بالموت على المبطل منهم أو المسلمين ، فنكلوا عن ذلك لعلمهم بظلم أنفسهم ، وأن الدعوة تنقلب عليهم ، ويعود وبالها إليهم ، وهكذا دعا
النصارى من
أهل نجران حين حاجوه في
عيسى بن مريم ، فأمره الله أن يدعوهم إلى المباهلة في قوله :
فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين [ آل عمران : 61 ] . وهكذا دعا على
[ ص: 98 ] المشركين على وجه المباهلة في قوله :
قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا [ مريم : 75 ] . وقد بسطنا القول في ذلك عند هذه الآيات في كتابنا " التفسير " بما فيه كفاية . ولله الحمد والمنة .