[ ص: 46 ] كائنة غريبة فيها
عزل خالد عن قنسرين أيضا
قال
ابن جرير وفي هذه السنة أدرب
خالد بن الوليد nindex.php?page=showalam&ids=360وعياض بن غنم ، أي سلكا درب
الروم وأغارا عليهم ، فغنموا أموالا عظيمة وسبيا كثيرا . ثم روي من طريق
سيف ، عن
أبي عثمان وأبي حارثة والربيع وأبي المجالد ، قالوا : لما رجع
خالد ومعه أموال جزيلة من الصائفة ، انتجعه الناس يبتغون رفده ونائله ، فكان ممن دخل عليه
الأشعث بن قيس ، فأجازه بعشرة آلاف ، فلما بلغ ذلك
عمر كتب إلى
أبي عبيدة يأمره أن يقيم
خالدا ، ويكشف عمامته ، وينزع عنه قلنسوته ، ويقيده بعمامته ، ويسأله عن هذه العشرة آلاف ، إن كان أجازها
الأشعث من ماله فهو سرف ، وإن كان من مال الصائفة فهي خيانة ، ثم اعزله عن عمله . فطلب
أبو عبيدة خالدا ، وصعد
أبو عبيدة المنبر ، وأقيم
خالد بين يدي المنبر ، وقام إليه
بلال ففعل به ما أمر به
عمر بن الخطاب هو والبريدي الذي قدم بالكتاب . هذا
وأبو عبيدة ساكت لا يتكلم ، ثم نزل
أبو عبيدة واعتذر إلى
خالد مما كان بغير اختياره وإرادته ; فعذره
خالد ، وعرف أنه لا قصد له في ذلك . ثم سار
خالد إلى
قنسرين فخطب أهل البلد وودعهم ، وسار بأهله إلى
حمص فخطبهم أيضا وودعهم وسار إلى
المدينة فلما دخل
خالد على
عمر أنشد
عمر قول الشاعر
[ ص: 47 ] صنعت فلم يصنع كصنعك صانع وما يصنع الأقوام فالله صانع
ثم سأله : من أين هذا اليسار الذي تجيز منه بعشرة آلاف ؟ فقال : من الأنفال والسهمان . قال : فما زاد على الستين ألفا فلك . ثم قوم أمواله وعروضه وأخذ منه عشرين ألفا ، ثم قال : والله إنك علي لكريم ، وإنك إلي لحبيب ، ولن تعمل لي بعد اليوم على شيء .
وقال
سيف ، عن
عبد الله عن المستورد ، عن أبيه ، عن
عدي بن سهل قال : كتب
عمر إلى الأمصار : إني لم أعزل
خالدا عن سخطة ولا خيانة ، ولكن الناس فتنوا به ، فأحببت أن يعلموا أن الله هو الصانع . ثم رواه
سيف عن
مبشر ، عن
سالم قال : لما قدم
خالد على
عمر . فذكر مثله .
قال
الواقدي : وفي هذه السنة اعتمر
عمر في رجب منها ، وعمر في
المسجد الحرام ، وأمر بتجديد أنصاب
الحرم ، أمر بذلك
nindex.php?page=showalam&ids=7839لمخرمة بن نوفل ،
وأزهر بن عبد عوف ،
nindex.php?page=showalam&ids=2207وحويطب بن عبد العزى ،
nindex.php?page=showalam&ids=3531وسعيد بن يربوع .
قال
الواقدي : وحدثني
كثير بن عبد الله المزني ، عن أبيه ، عن جده قال : قدمنا مع
عمر مكة في عمرة سنة سبع عشرة ، فمر بالطريق فكلمه
[ ص: 48 ] أهل المياه أن يبنوا منازل بين
مكة والمدينة - ولم يكن قبل ذلك بناء - فأذن لهم وشرط عليهم أن ابن السبيل أحق بالظل والماء .
قال
الواقدي : وفيها تزوج
عمر nindex.php?page=showalam&ids=12329بأم كلثوم بنت علي بن أبي طالب ، من
nindex.php?page=showalam&ids=129فاطمة بنت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ودخل بها في ذي القعدة . وقد ذكرنا في " سيرة
عمر " و " مسنده " صفة تزويجه بها ، وأنه أمهرها أربعين الفا ، وقال : إنما تزوجتها لقول رسول الله ، صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3512313كل سبب ونسب فإنه ينقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي
قال : وفي هذه السنة ولى
عمر nindex.php?page=showalam&ids=110أبا موسى الأشعري البصرة وأمره أن يشخص إليه
المغيرة بن شعبة في ربيع الأول فشهد عليه - فيما حدثني
معمر ، عن
الزهري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب -
أبو بكرة ،
وشبل بن معبد البجلي ،
ونافع بن كلدة ،
وزياد . ثم ذكر
الواقدي وسيف هذه القصة ، وملخصها أن امرأة كان يقال لها :
أم جميل بنت الأفقم ، من نساء
بني عامر بن صعصعة ، ويقال : من نساء
بني هلال . وكان زوجها من
ثقيف قد توفي عنها ، وكانت تغشى نساء الأمراء والأشراف ، وكانت تدخل على بيت
المغيرة بن شعبة وهو أمير
البصرة وكانت دار
المغيرة تجاه دار
أبي بكرة وكان بينهما الطريق ، وفي
[ ص: 49 ] دار
أبي بكرة كوة تشرف على كوة في دار
المغيرة ، وكان لا يزال بين
المغيرة وبين
أبي بكرة شنآن ، فبينما
أبو بكرة في داره وعنده جماعة يتحدثون في العلية ، إذ فتحت الريح باب الكوة ، فقام
أبو بكرة ليغلقها ، فإذا كوة
المغيرة مفتوحة ، وإذا هو على صدر امرأة وبين رجليها ، وهو يجامعها ، فقال
أبو بكرة لأصحابه : تعالوا فانظروا إلى أميركم يزني
بأم جميل . فقاموا فنظروا إليه وهو يجامع تلك المرأة ، فقالوا
لأبي بكرة : ومن أين قلت إنها
أم جميل ؟ وكان رأساهما من الجانب الآخر ، فقال : انتظروا . فلما فرغا قامت المرأة ، فقال
أبو بكرة : هذه
أم جميل . فعرفوها فيما يظنون ، فلما خرج
المغيرة - وقد اغتسل - ليصلي بالناس منعه
أبو بكرة أن يتقدم . وكتبوا إلى
عمر في ذلك ، فولى
عمر nindex.php?page=showalam&ids=110أبا موسى الأشعري أميرا على
البصرة وعزل
المغيرة ، فسار إلى
البصرة فنزل بالمربد ، فقال
المغيرة : والله ما جاء
أبو موسى تاجرا ولا زائرا ولا جاء إلا أميرا . ثم قدم
أبو موسى على الناس ، وناول
المغيرة كتابا من
عمر ، هو أوجز كتاب ، فيه : أما بعد ، فإنه بلغني نبأ عظيم ، فبعثت
أبا موسى أميرا ، فسلم ما في يديك ، والعجل . وكتب إلى أهل
البصرة إني قد وليت عليكم
أبا موسى ليأخذ من قويكم لضعيفكم ، وليقاتل بكم عدوكم ، وليدفع عن دينكم ، وليجبي لكم فيئكم ، ثم يقسمه فيكم . وأهدى
المغيرة لأبي موسى جارية من مولدات
الطائف تسمى
عقيلة ، وقال : إني رضيتها لك . وكانت فارهة . وارتحل
المغيرة [ ص: 50 ] والذين شهدوا عليه إلى
عمر ، وهم
أبو بكرة ،
ونافع بن كلدة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15935وزياد بن أبيه ،
وشبل بن معبد البجلي ، فلما قدموا على
عمر جمع بينهم وبين
المغيرة ، فقال
المغيرة : سل هؤلاء الأعبد كيف رأوني ; مستقبلهم أو مستدبرهم ؟ وكيف رأوا المرأة أو عرفوها ؟ فإن كانوا مستقبلي ، فكيف لم يستتروا ! أو مستدبري ، فكيف استحلوا النظر في منزلي على امرأتي ! والله ما أتيت إلا امرأتي . وكانت شبهها . فبدأ
عمر بأبي بكرة ، فشهد عليه أنه رآه بين رجلي
أم جميل ، وهو يدخله ويخرجه كالميل في المكحلة . قال : كيف رأيتهما ؟ قال : مستدبرهما . قال : فكيف استثبت رأسها ؟ قال : تحاملت . ثم دعا
شبل بن معبد فشهد بمثل ذلك ، فقال : استقبلتهما أم استدبرتهما ؟ قال : استقبلتهما . وشهد
نافع بمثل شهادة أبي بكرة ،
ولم يشهد زياد بمثل شهادتهم ، قال : رأيته جالسا بين رجلي امرأة ، فرأيت قدمين مخضوبتين يخفقان ، واستين مكشوفتين ، وسمعت حفزانا شديدا . قال : هل رأيت كالميل في المكحلة ؟ قال : لا . قال : فهل تعرف المرأة ؟ قال : لا ، ولكن أشبهها . قال : فتنح . وروي أن
عمر ، رضي الله عنه ، كبر عند ذلك ثم أمر بالثلاثة فجلدوا الحد ، وهو يقرأ قوله تعالى :
[ ص: 51 ] فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون [ النور : 13 ] . فقال
المغيرة : اشفني من الأعبد . قال : اسكت أسكت الله نأمتك ، والله لو تمت الشهادة لرجمتك بأحجارك .