صفحة جزء
فصل ( ما ذكره الهيثم بن عدي من خروج الحارث بن راشد الناجي على علي بن أبي طالب بعد النهروان )

وقد ذكر الهيثم بن عدي أنه خرج على علي ، رضي الله عنه ، [ ص: 644 ] بعد قتله أهل النهروان رجل يقال له : الحارث بن راشد الناجي . قدم مع أهل البصرة ، فقال لعلي : إنك قد قاتلت أهل النهروان في كونهم أنكروا عليك قضية التحكيم ، وتزعم أنك قد أعطيت أهل الشام عهودك ومواثيقك ، وأنك لست بناقضها ، وهذان الحكمان قد اتفقا على خلعك ، ثم اختلفا في ولاية معاوية ; فولاه عمرو بن العاص ، وامتنع أبو موسى من ولايته ، فأنت مخلوع باتفاقهما ، وأنا قد خلعتك وخلعت معاوية معك . واتبع الحارث على مقالته هذه بشر كثير من قومه - بني ناجية وغيرهم - وتحيزوا ناحية ، فبعث إليهم علي معقل بن قيس الرياحي في جيش كثيف فقتلهم معقل قتلا ذريعا ، وسبى من بني ناجية خمسمائة أهل بيت ، فقدم بهم على علي ، فتلقاه رجل يقال له : مصقلة بن هبيرة ، أبو المغلس - وكان عاملا لعلي على بعض الأقاليم - فتضرع السبي إليه وشكوا ما هم فيه ، فاشتراهم مصقلة من معقل بخمسمائة ألف وأعتقهم ، فطالبه بالثمن فهرب منه إلى ابن عباس إلى البصرة ، فكتب معقل إلى ابن عباس في ذلك ، فقال له مصقلة : إني إنما [ ص: 645 ] جئت لأدفع ثمنهم إليك . ثم هرب من ابن عباس إلى علي ، فطالبه علي بالثمن ، فدفع إليه من الثمن مائتي ألف ، ثم هرب ، فلحق بمعاوية بن أبي سفيان بالشام ، فأمضى علي عتقهم ، وقال : ما بقي من المال في ذمة مصقلة ؟ وأمر بداره في الكوفة فهدمت .

وقد روى الهيثم ، عن سفيان الثوري ، وإسرائيل ، عن عمار الدهني ، عن أبي الطفيل أن بني ناجية ارتدوا فبعث إليهم معقل بن قيس فسباهم ، فاشتراهم مصقلة من علي بثلاثمائة ألف فأعتقهم ، ثم هرب إلى معاوية . قال الهيثم : وهذا قول الشيعة ولم يسمع بحي من العرب ارتدوا عن الإسلام بعد الردة التي كانت في أيام الصديق . وقال الهيثم : حدثني عبيد الله بن تميم بن طرفة الطائي ، حدثني أبي ، أن عدي بن حاتم قال مرة لعلي بن أبي طالب ، وهو يخطب : قتلت أهل النهروان على إنكار الحكومة ، وقتلت الخريت بن راشد على مسألته إياك الحكومة ، والله ما بينهما موضع قدم . فقال له علي : [ ص: 646 ] اسكت إنما كنت أعرابيا تأكل الضبع بجبلي طيء بالأمس . فقال له عدي : وأنت والله قد رأيناك بالأمس تأكل البلح بالمدينة . قال الهيثم : ثم خرج رجل على علي من أهل البصرة فقتل ، فأمر أصحابه عليهم الأشرس بن عوف الشيباني ، فقتل هو وأصحابه . قال : ثم خرج عليه الأشهب بن بشر البجلي ، ثم أخذ عرينة من أهل الكوفة فقتل هو وأصحابه . قال : ثم خرج على علي سعيد بن قفل التيمي ; تيم ثعلبة ، من أهل الكوفة ، فقتل بقنطرة درزيجان فوق المدائن . قال الهيثم : أخبرني بذلك عبد الله بن عياش عن مشيخته .

التالي السابق


الخدمات العلمية