صفحة جزء
الفضل بن يحيى

وكان ابنه الفضل من رجال الكمال ، ولي إمرة خراسان ، وعمل الوزارة وكان فيها - قيل - أسخى من جعفر ، ولكنه يضرب بكبره وتيهه المثل ، وصل مرة لعمرو التميمي بستين ألف دينار . وكان أخا للرشيد من الرضاعة ، مات كهلا سنة اثنتين وتسعين . مسجونا ، وكان قد أخرب بيت النار الذي ببلخ ، وكان جدهم برمك موبدان به .

وعمل الوزارة مدة لهارون ، ثم حولها منه إلى جعفر ، واستعمل على المشرق كله هذا ، واستعمل جعفرا على المغرب كله .

وكان الفضل غارقا في اللذات المادية ، حتى تعطلت الأمور ، فكتب إليه الشيخ النحس أبوه بأن يتستر ويقنع بالليل ، فسمع منه . وكان على هناته شجاعا مهيبا ، كثير الغزو ، وكان يقول : تعلمت الكرم والتيه من عمارة بن حمزة أتيته في جائحة لأبي ، فطولب بأموال ، فكلمته ، فما بش بي ، وطلبت منه أن يقرضنا ثلاثة آلاف ألف درهم ، فقال : حتى ننظر . ورحت ، [ ص: 92 ] فوجدت المال قد بعث به إلى أبي ، ثم عاد أبي إلى رتبته ، وحصل ، ثم بعث معي بالوفاء ، فكلمته ، فقال : ويحك أكنت صيرفيا لأبيك ؟ اخرج عني ، وخذ المال لك ، فرددت بالمال إلى أبي ، فأعطاني منه ألف ألف درهم .

وقيل : أتاه رجل يمت بأمر فقال : يا هذا ، ما حاجتك ؟ قال : رثاثة ملبسي تخبرك . قال : فيم تمت ؟ قال : إني في سنك ، ومن جيرانك ، واسمي كاسمك . قال : وما علمك بالولادة ؟ قال : حكت لي أمي أنها ولدتني صبيحة مولدك ، وقيل لها : ولد الليلة ليحيى بن خالد ابن سموه : الفضل ، قال : فسمتني أمي : الفضيل إكبارا لاسمك ، فتبسم الفضل ، وأمر له بخمسة وأربعين ألفا ومركوبا ، ثم استعمله ديوانا .

ضرب الفضل مائتي سوط في المصادرة حتى كاد يتلف ، ثم داواه الجرائحي مدة .

التالي السابق


الخدمات العلمية