صفحة جزء
[ ص: 313 ] شقيق

الإمام الزاهد شيخ خراسان ، أبو علي شقيق بن إبراهيم الأزدي البلخي .

صحب إبراهيم بن أدهم .

وروى عن كثير بن عبد الله الأبلي ، وإسرائيل بن يونس ، وعباد بن كثير .

حدث عنه عبد الصمد بن يزيد مردويه ، ومحمد بن أبان المستملي ، وحاتم الأصم ، والحسين بن داود البلخي وغيرهم . وهو نزر الرواية .

روي عن علي بن محمد بن شقيق قال : كانت لجدي ثلاث مائة قرية ، ثم مات بلا كفن ، قال : وسيفه إلى اليوم يتباركون به ، وقد خرج إلى بلادالترك تاجرا ، فدخل على عبدة الأصنام ، فرأى شيخهم قد حلق لحيته ، فقال : هذا باطل ، ولكم خالق وصانع قادر على كل شيء . فقال له : ليس يوافق قولك فعلك . قال : وكيف ؟ قال : زعمت أنه قادر على كل شيء ، وقد تعنيت إلى هاهنا تطلب الرزق ، ورازقك ثم . فكان هذا سبب زهدي . [ ص: 314 ]

وعن شقيق قال : كنت شاعرا ، فرزقني الله التوبة ، وخرجت من ثلاث مائة ألف درهم ، ولبست الصوف عشرين سنة ، ولا أدري أني مراء حتى لقيت عبد العزيز بن أبي رواد ، فقال : ليس الشأن في أكل الشعير ولبس الصوف ، الشأن أن تعرف الله بقلبك ، ولا تشرك به شيئا ، وأن ترضى عن الله ، وأن تكون بما في يد الله أوثق منك بما في أيدي الناس .

وعنه لو أن رجلا عاش مائتي سنة لا يعرف هذه الأربعة ، لم ينج : معرفة الله ، ومعرفة النفس ، ومعرفة أمر الله ونهيه ، ومعرفة عدو الله وعدو النفس .

وقد جاء عن شقيق مع تألهه وزهده أنه كان من رءوس الغزاة .

وروى محمد بن عمران ، عن حاتم الأصم قال : كنا مع شقيق ونحن مصافو العدو الترك ، في يوم لا أرى إلا رءوسا تندر وسيوفا تقطع ، ورماحا تقصف ، فقال لي : كيف ترى نفسك ، هي مثل ليلة عرسك ؟ قلت : لا والله ، قال : لكني أرى نفسي كذلك ، ثم نام بين الصفين على درقته حتى غط ، فأخذني تركي ، فأضجعني للذبح ، فبينا هو يطلب السكين من خفه ، إذ جاءه سهم عائر ذبحه . [ ص: 315 ]

عن شقيق قال : مثل المؤمن مثل من غرس نخلة يخاف أن تحمل شوكا ، ومثل المنافق مثل من زرع شوكا يطمع أن يحمل تمرا ، هيهات .

وعنه ليس شيء أحب إلي من الضيف; لأن رزقه على الله ، وأجره لي .

قال الحسين بن داود : حدثنا شقيق بن إبراهيم ، الزاهد في الدنيا ، الراغب في الآخرة ، المداوم على العبادة ، فذكر حديثا .

وعن شقيق قال : أخذت لباس الدون عن سفيان ، وأخذت الخشوع من إسرائيل ، وأخذت العبادة من عباد بن كثير ، والفقه من زفر .

وعنه علامة التوبة البكاء على ما سلف ، والخوف من الوقوع في الذنب ، وهجران إخوان السوء ، وملازمة الأخيار .

وعنه من شكا مصيبة إلى غير الله ، لم يجد حلاوة الطاعة .

وقال الحاكم : قدم شقيق نيسابور في ثلاثمائة من الزهاد ، فطلب المأمون أن يجتمع به ، فامتنع .

أخبرنا أحمد بن محمد بن سعد ، أخبرنا الإربلي ، أخبرنا يحيى بن ثابت ، أخبرنا علي بن الخل ، أخبرنا أحمد بن المحاملي ، أخبرنا أبو بكر الشافعي ، حدثنا الحسين بن داود ، حدثنا شقيق البلخي ، حدثنا أبو [ ص: 316 ] هاشم الأبلي ، عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يابن آدم ! لا تزول قدماك يوم القيامة حتى تسأل عن أربع : عمرك فيما أفنيته ، وجسدك فيما أبليته ، ومالك من أين اكتسبته وأين أنفقته .

أبو هاشم هو كثير : واه .

وقتل شقيق في غزاة كولان سنة أربع وتسعين ومائة .

التالي السابق


الخدمات العلمية