[ ص: 227 ] القشيري
الإمام الزاهد ، القدوة ، الأستاذ أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك بن طلحة القشيري ، الخراساني ، النيسابوري ، الشافعي ، الصوفي ، المفسر ، صاحب " الرسالة " .
ولد سنة خمس وسبعين وثلاثمائة .
وتعانى الفروسية والعمل بالسلاح حتى برع في ذلك ، ثم تعلم الكتابة والعربية ، وجود .
ثم سمع الحديث من :
أبي الحسين أحمد بن محمد الخفاف ; صاحب
أبي العباس الثقفي ، ومن
أبي نعيم عبد الملك بن الحسن الإسفراييني ،
وأبي [ ص: 228 ] الحسن العلوي ،
وعبد الرحمن بن إبراهيم المزكي ، وعبد الله بن يوسف ،
وأبي بكر بن فورك ،
وأبي نعيم أحمد بن محمد ،
وأبي بكر بن عبدوس ،
والسلمي ،
وابن باكويه ، وعدة .
وتفقه على
أبي بكر محمد بن أبي بكر الطوسي ،
والأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني ،
nindex.php?page=showalam&ids=13428وابن فورك . وتقدم في الأصول والفروع ، وصحب العارف
أبا علي الدقاق ، وتزوج بابنته ، وجاءه منها أولاد نجباء .
قال القاضي
ابن خلكان : كان
أبو القاسم علامة في الفقه والتفسير والحديث والأصول والأدب والشعر والكتابة . صنف " التفسير الكبير " وهو من أجود التفاسير ، وصنف " الرسالة " في رجال الطريقة ، وحج مع
الإمام أبي محمد الجويني ،
والحافظ أبي بكر البيهقي . وسمعوا
ببغداد والحجاز .
قلت : سمعوا من
هلال الحفار ،
وأبي الحسين بن بشران ، وطبقتهما .
قال : وذكره
أبو الحسن الباخرزي في كتاب " دمية القصر " وقال : لو قرع الصخر بسوط تحذيره لذاب ، ولو ربط إبليس في مجلسه لتاب .
قلت : حدث عنه أولاده
عبد الله ،
وعبد الواحد ،
وأبو نصر عبد [ ص: 229 ] الرحيم ،
وعبد المنعم ،
وزاهر الشحامي ، وأخوه
وجيه ،
ومحمد بن الفضل الفراوي ،
وعبد الوهاب بن شاه ، وعبد الجبار بن محمد الخواري ،
وعبد الرحمن بن عبد الله البحيري ، وحفيده
أبو الأسعد هبة الرحمن ، وآخرون .
ومات أبوه وهو طفل ، فدفع إلى الأديب
أبي القاسم اليمني فقرأ عليه الآداب ، وكانت للقشيري ضيعة مثقلة بالخراج
بأستوا فتعلم طرفا من الحساب ، وعمل قليلا ديوانا ، ثم دخل
نيسابور من قريته ، فاتفق حضوره مجلس
أبي علي الدقاق ، فوقع في شبكته ، وقصر أمله ، وطلب القبا ، فوجد العبا ، فأقبل عليه
أبو علي ، وأشار عليه بطلب العلم ، فمضى إلى حلقة
الطوسي ، وعلق " التعليقة " وبرع ، وانتقل إلى
nindex.php?page=showalam&ids=13428ابن فورك ، فتقدم في الكلام ، ولازم أيضا
أبا إسحاق ، ونظر في تصانيف
ابن الباقلاني ، ولما توفي حموه
أبو علي تردد إلى
السلمي ، وعاشره ، وكتب المنسوب ، وصار شيخ
خراسان في التصوف ، ولزم المجاهدات ، وتخرج به المريدون .
وكان عديم النظير في السلوك والتذكير ، لطيف العبارة ، طيب الأخلاق ، غواصا على المعاني ، صنف كتاب " نحو القلوب " ، وكتاب " لطائف الإشارات " وكتاب " الجواهر " ، وكتاب " أحكام السماع " ، وكتاب " عيون الأجوبة في فنون الأسولة " ، وكتاب " المناجاة " ، وكتاب
[ ص: 230 ] " المنتهى في نكت أولي النهى " .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14523أبو سعد السمعاني : لم ير
الأستاذ أبو القاسم مثل نفسه في كماله وبراعته ، جمع بين الشريعة والحقيقة ، أصله من ناحية
أستواءة ، وهو قشيري الأب ، سلمي الأم .
وقال
أبو بكر الخطيب كتبنا عنه ، وكان ثقة ، وكان حسن الوعظ ، مليح الإشارة ، يعرف الأصول على مذهب
الأشعري ، والفروع على مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، قال لي : ولدت في ربيع الأول سنة ست وسبعين وثلاثمائة .
أخبرنا أبو
الفضل أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء في سنة ثلاث وتسعين ، عن
أم المؤيد زينب بنت عبد الرحمن ، أخبرنا
أبو الفتوح عبد الوهاب بن شاه الشاذياخي ، أخبرنا زين الإسلام
أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن ، أخبرنا
أبو نعيم عبد الملك ، أخبرنا
أبو عوانة ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى ، أخبرنا
ابن وهب ، أخبرني
يونس ، عن
ابن شهاب ، حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=881535بينا رجل يسوق بقرة قد حمل عليها ، التفتت إليه ، وقالت : إني لم أخلق لهذا ، إنما خلقت للحرث . فقال الناس : سبحان الله ! فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : آمنت بهذا أنا وأبو بكر وعمر .
[ ص: 231 ]
وبه إلى
عبد الكريم : سمعت
أبا عبد الرحمن السلمي ، سمعت
الحسين بن يحيى ، سمعت
جعفر بن محمد بن نصير ، سمعت
الجنيد يقول : قال
أبو سليمان الداراني : ربما تقع في قلبي النكتة من نكت القوم أياما ، فلا أقبل منه إلا شاهدين عدلين من الكتاب والسنة .
قال
أبو الحسن الباخرزي ولأبي القاسم " فضل النطق المستطاب " ماهر في التكلم على مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13711أبي الحسن الأشعري ، خارج في إحاطته بالعلوم عن الحد البشري ، كلماته للمستفدين فرائد وعتبات منبره للعارفين وسائد ، وله نظم تتوج به رءوس معاليه إذا ختمت به أذناب أماليه .
قال
عبد الغافر بن إسماعيل : ومن جملة أحوال
أبي القاسم ما خص به من المحنة في الدين ، وظهور التعصب بين الفريقين في عشر سنة أربعين وأربعمائة إلى سنة خمس وخمسين ، وميل بعض الولاة إلى الأهواء ، وسعي بعض الرؤساء إليه بالتخليط ، حتى أدى ذلك إلى رفع المجالس وتفرق شمل الأصحاب ، وكان هو المقصود من بينهم حسدا ، حتى اضطر إلى مفارقة الوطن ، وامتد في أثناء ذلك إلى
بغداد ، فورد على
القائم بأمر الله ، ولقي
[ ص: 232 ] قبولا ، وعقد له المجلس في مجالسه المختصة به ، وكان ذلك بمحضر ومرأى منه ، وخرج الأمر بإعزازه وإكرامه ، فعاد إلى
نيسابور ، وكان يختلف منها إلى
طوس بأهله ، حتى طلع صبح الدولة
ألبآرسلانية فبقي عشر سنين محترما مطاعا معظما .
ومن نظمه :
سقى الله وقتا كنت أخلو بوجهكم وثغر الهوى في روضة الأنس ضاحك أقمت زمانا والعيون قريرة
وأصبحت يوما والجفون سوافك
أنشدنا
أبو الحسين الحافظ ، أخبرنا
جعفر بن علي ، أخبرنا
السلفي ، أخبرنا
القاضي حسن بن نصر بنهاوند ، أنشدنا
أبو القاسم القشيري لنفسه :
البدر من وجهك مخلوق والسحر من طرفك مسروق
يا سيدا تيمني حبه عبدك من صدك مرزوق
ولأبي القاسم أربعون حديثا من تخريجه سمعناها عالية .
قال
عبد الغافر : توفي الأستاذ
أبو القاسم صبيحة يوم الأحد السادس والعشرين من ربيع الآخر ، سنة خمس وستين وأربعمائة .
قلت : عاش تسعين سنة .
[ ص: 233 ]
وقال
المؤيد في " تاريخه " أهدي للشيخ
أبي القاسم فرس ، فركبه نحوا من عشرين سنة ، فلما مات الشيخ لم يأكل الفرس شيئا ، ومات بعد أسبوع .