أبو مسلم الخولاني ( م 4 )
الداراني ، سيد التابعين وزاهد العصر .
[ ص: 8 ] اسمه على الأصح : عبد الله بن ثوب ، وقيل : اسمه عبد الله بن عبد الله ، وقيل : عبد الله بن ثواب . وقيل : ابن عبيد . ويقال : اسمه يعقوب بن عوف .
قدم من
اليمن ، وقد أسلم في أيام النبي -صلى الله عليه وسلم- فدخل
المدينة في خلافة الصديق .
وحدث عن
عمر nindex.php?page=showalam&ids=32ومعاذ بن جبل ،
وأبي عبيدة ،
nindex.php?page=showalam&ids=1584وأبي ذر الغفاري ،
nindex.php?page=showalam&ids=63وعبادة بن الصامت .
روى عنه
أبو إدريس الخولاني ،
nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبو العالية الرياحي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15622وجبير بن نفير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء بن أبي رباح ،
وشرحبيل بن مسلم -وما أدركاه-
nindex.php?page=showalam&ids=16576وعطية بن قيس ،
nindex.php?page=showalam&ids=12134وأبو قلابة الجرمي ،
ومحمد بن زياد الألهاني ، وعمير بن هانئ ويونس بن ميسرة ، ولم يلحقوه ، لكن أرسلوا عنه .
قال
إسماعيل بن عياش : حدثنا
شرحبيل بن مسلم ، قال : أتى
أبو مسلم الخولاني المدينة وقد قبض النبي -صلى الله عليه وسلم- واستخلف
أبو بكر .
فحدثنا
شرحبيل : أن
الأسود تنبأ
باليمن ، فبعث إلى
أبي مسلم فأتاه بنار عظيمة ، ثم إنه ألقى
أبا مسلم فيها ، فلم تضره ، فقيل
للأسود : إن لم تنف هذا عنك أفسد عليك من اتبعك . فأمره بالرحيل فقدم
المدينة ، فأناخ راحلته ، ودخل المسجد يصلي ، فبصر به
عمر -رضي الله عنه- ، فقام
[ ص: 9 ] إليه ، فقال : ممن الرجل؟ قال : من
اليمن . قال : ما فعل الذي حرقه الكذاب بالنار؟ قال : ذاك
عبد الله بن ثوب . قال : نشدتك بالله ، أنت هو؟ قال : اللهم نعم . فاعتنقه
عمر وبكى ، ثم ذهب به حتى أجلسه فيما بينه وبين الصديق .
فقال : الحمد لله الذي لم يمتني حتى أراني في أمة
محمد من صنع به كما صنع
بإبراهيم الخليل . رواه
عبد الوهاب بن نجدة ، وهو ثقة ، عن
إسماعيل لكن
شرحبيل أرسل الحكاية .
ويروى عن
مالك بن دينار ، أن
كعبا رأى
أبا مسلم الخولاني ، فقال : من هذا؟ قالوا :
أبو مسلم ، فقال : هذا حكيم هذه الأمة .
وروى
معمر عن
الزهري ، قال : كنت عند
nindex.php?page=showalam&ids=15490الوليد بن عبد الملك ، فكان يتناول
عائشة -رضي الله عنها- ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، ألا أحدثك عن رجل من
أهل الشام ، كان قد أوتي حكمة؟ قال : من هو؟ قلت :
أبو مسلم الخولاني ، سمع
أهل الشام ينالون من
عائشة فقال : ألا أخبركم بمثلي ومثل أمكم هذه؟ كمثل عينين في رأس ، تؤذيان صاحبهما ، ولا يستطيع أن يعاقبهما إلا بالذي هو خير لهما فسكت . فقال
الزهري : أخبرنيه
أبو إدريس الخولاني عن
أبي مسلم .
قال
عثمان بن أبي العاتكة : علق
أبو مسلم سوطا في المسجد ، فكان يقول : أنا أولى بالسوط من البهائم ، فإذا فتر ، مشق ساقيه سوطا أو سوطين . قال : وكان يقول : لو رأيت الجنة عيانا أو النار عيانا ما كان عندي مستزاد .
[ ص: 10 ] إسماعيل بن عياش : عن
شرحبيل ، أن رجلين أتيا
أبا مسلم ، فلم يجداه في منزله ، فأتيا المسجد ، فوجداه يركع ، فانتظراه ، فأحصى أحدهما أنه ركع ثلاث مائة ركعة .
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم : أنبأنا
عثمان بن أبي العاتكة ، أن
أبا مسلم الخولاني سمع رجلا يقول : سبق اليوم [ فلان ] فقال : أنا السابق ، قالوا : وكيف يا
أبا مسلم ؟ قال : أدلجت من داريا ، فكنت أول من دخل مسجدكم .
قال
أبو بكر بن أبي مريم : عن
عطية بن قيس ، قال : دخل ناس من
أهل دمشق على
أبي مسلم وهو غاز في
أرض الروم ، وقد احتفر جورة في فسطاطه وجعل فيها نطعا وأفرغ فيه الماء وهو يتصلق فيه فقالوا : ما حملك على الصيام وأنت مسافر؟ قال : لو حضر قتال لأفطرت ، ولتهيأت له وتقويت ; إن الخيل لا تجري الغايات وهن بدن ; إنما تجري وهن ضمر ; ألا وإن أيامنا باقية جائية لها نعمل .
وقيل : كان يرفع صوته بالتكبير حتى مع الصبيان ويقول : اذكر الله حتى يرى الجاهل أنه مجنون .
[ ص: 11 ] وروى
محمد بن زياد الألهاني ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12150أبي مسلم الخولاني ، أنه كان إذا غزا
أرض الروم ، فمروا بنهر فقال : أجيزوا بسم الله ، ويمر بين أيديهم ، فيمرون بالنهر الغمر ، فربما لم يبلغ من الدواب إلا الركب ، فإذا جازوا قال : هل ذهب لكم شيء؟ فمن ذهب له شيء فأنا ضامن له فألقى بعضهم مخلاته عمدا فلما جاوزوا قال الرجل : مخلاتي وقعت ، قال : اتبعني فأتبعه ، فإذا بها معلقة بعود في النهر ، قال : خذها .
nindex.php?page=showalam&ids=16034سليمان بن المغيرة : عن
حميد الطويل ، أن
أبا مسلم أتى على
دجلة وهي ترمي بالخشب من مدها فذهب عليها ، ثم حمد الله وأثنى عليه ، وذكر مسير
بني إسرائيل في البحر ، ثم لهز دابته ، فخاضت الماء ، وتبعه الناس حتى قطعوها ، قال : هل فقدتم شيئا من متاعكم فأدعو الله أن يرده علي؟
عنبسة بن عبد الواحد : عن
nindex.php?page=showalam&ids=16490عبد الملك بن عمير ، قال : كان
أبو مسلم الخولاني إذا استسقى سقي .
وروى
بقية عن
محمد بن زياد : عن
أبي مسلم ، أن امرأة خببت عليه امرأته ، فدعا عليها ، فعميت ، فأتته فاعترفت وتابت ، فقال : اللهم إن كانت صادقة ، فاردد بصرها ، فأبصرت .
[ ص: 12 ] ضمرة بن ربيعة عن
بلال بن كعب ، أن الصبيان قالوا
لأبي مسلم الخولاني : ادع الله أن يحبس علينا هذا الظبي فنأخذه . فدعا الله ، فحبسه ، فأخذوه .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16566عطاء الخراساني ، أن امرأة
أبي مسلم قالت : ليس لنا دقيق . فقال : هل عندك شيء؟ قالت : درهم بعنا به غزلا . قال : ابغينيه وهاتي الجراب ، فدخل السوق ، فأتاه سائل ، وألح ، فأعطاه الدرهم ، وملأ الجراب نشارة مع تراب ، وأتى وقلبه مرعوب منها ، وذهب ، ففتحته ، فإذا به دقيق حوارى . فعجنت وخبزت ، فلما جاء ليلا ، وضعته ، فقال : من أين هذا؟ قالت : من الدقيق ، فأكل وبكى .
أبو مسهر ، عن
سعيد بن عبد العزيز ، أن
أبا مسلم استبطأ خبر جيش كان
بأرض الروم ، فدخل طائر فوقع ، فقال : أنا رتبابيل مسلي الحزن من صدور المؤمنين ، فأخبره خبر الجيش فقال : ما جئت حتى استبطأتك؟ .
قال
سعيد بن عبد العزيز ، كان
أبو مسلم يرتجز يوم
صفين ويقول :
ما علتي ما علتي
وقد لبست درعتي
أموت عند طاعتي
[ ص: 13 ] وقيل : إن
أبا مسلم قام إلى
معاوية فوعظه وقال : إياك أن تميل على قبيلة فيذهب حيفك بعدلك .
وروى
أبو بكر بن أبي مريم : عن
عطية بن قيس ، قال : دخل
أبو مسلم على
معاوية ، فقام بين السماطين ، فقال : السلام عليك أيها الأجير ، فقالوا : مه . . قال : دعوه ، فهو أعرف بما يقول ، وعليك السلام يا
أبا مسلم . ثم وعظه ، وحثه على العدل .
وقال
شرحبيل بن مسلم : كان الولاة يتيمنون
بأبي مسلم ، ويؤمرونه على المقدمات .
قال
سعيد بن عبد العزيز : مات
أبو مسلم بأرض الروم ، وكان شتا مع
بسر بن أبي أرطاة ، فأدركه أجله ، فعاده
بسر ، فقال له
أبو مسلم : يا
بسر ، اعقد لي على من مات في هذه الغزاة; فإني أرجو أن آتي بهم يوم القيامة على لوائهم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل : حدثنا عن
محمد بن شعيب عن بعض المشيخة قال : أقبلنا من أرض
الروم مررنا
بالعمير على أربعة أميال من
حمص في آخر الليل ، فاطلع راهب من صومعة ، فقال : هل تعرفون
أبا مسلم الخولاني ؟ قلنا : نعم . قال : إذا أتيتموه ، فأقرئوه السلام ; فإنا نجده في الكتب رفيق
عيسى ابن مريم . أما إنكم لا تجدونه حيا . قال : فلما أشرفنا على الغوطة ، بلغنا موته .
[ ص: 14 ] قال الحافظ
أبو القاسم ابن عساكر يعني سمعوا ذلك ، وكانت وفاته
بأرض الروم .
وروى
إسماعيل بن عياش ، عن
شرحبيل بن مسلم ، عن
سعيد بن هانئ قال ، قال
معاوية : إنما المصيبة كل المصيبة بموت
nindex.php?page=showalam&ids=12150أبي مسلم الخولاني ،
وكريب بن سيف الأنصاري .
إسناده صالح . فعلى هذا يكون
أبو مسلم مات قبل
معاوية ، إلا أن يكون هذا هو
معاوية بن يزيد .
وقد قال
المفضل بن غسان الغلابي : إن
علقمة وأبا مسلم ماتا في سنة اثنتين وستين . فالله أعلم .
وبداريا قبر يزار ، يقال : إنه قبر
nindex.php?page=showalam&ids=12150أبي مسلم الخولاني ، وذلك محتمل .