المستظهر بالله
الإمام أمير المؤمنين أبو العباس أحمد ابن المقتدي بأمر الله أبي القاسم عبد الله ابن الذخيرة محمد ابن القائم بأمر الله عبد الله ابن القادر الهاشمي العباسي البغدادي .
مولده في شوال سنة سبعين وأربعمائة واستخلف عند وفاة أبيه في تاسع عشر المحرم ، وله ست عشرة سنة وثلاثة أشهر ، وذلك في سنة سبع وثمانين .
[ ص: 397 ] قال
ابن النجار : كان موصوفا بالسخاء والجود ، ومحبة العلماء وأهل الدين ، والتفقد للمساكين ، مع الفضل والنبل والبلاغة ، وعلو الهمة ، وحسن السيرة ، وكان رضي الأفعال ، سديد الأقوال .
وحكى
أبو طالب بن عبد السميع عن أبيه أن
nindex.php?page=showalam&ids=15221المستظهر بالله طلب من يصلي به ، ويلقن أولاده ، وأن يكون ضريرا ، فوقع اختياره على
القاضي أبي الحسن المبارك بن محمد بن الدواس مقرئ واسط قبل
القلانسي ، فكان مكرما له ، حتى إنه من كثرة إعجابه به كان أول رمضان قد شرع في التراويح ، فقرأ في الركعتين الأوليين آية آية ، فلما سلم ، قال له
المستظهر : زدنا من التلاوة ، فتلا آيتين آيتين ، فقال له : زدنا ، فلم يزل حتى كان يقوم كل ليلة بجزء ، وإنه ليلة عطش ، فناوله الخليفة الكوز ، فقال خادم : ادع لأمير المؤمنين ، فإنه شرفك بمناولته إياك ، فقال : جزى العمى عني خيرا ، ثم نهض إلى الصلاة ، ولم يزد على ذلك .
وقال
السلفي : قال لي
أبو الخطاب ابن الجراح : صليت
بالمستظهر في رمضان ، فقرأت : " إن ابنك سرق " [ يوسف : 81 ] رواية رويناها عن
الكسائي ، فلما سلمت ، قال : هذه قراءة حسنة ، فيه تنزيه أولاد الأنبياء عن الكذب .
قلت : كيف بقولهم :
فأكله الذئب وجاءوا على قميصه بدم كذب ؟ .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي : حدثني
محمد بن شاتيل المقرئ ، حدثني
أبو [ ص: 398 ] سعد بن أبي عمامة قال : كنت ليلة جالسا في بيتي ، وقد نام الناس ، فدق الباب ، فإذا بفراش وخادم معه شمعة ، فقال : بسم الله ، فأدخلت على
المستظهر ، وعليه أثر غم ، فأخذت في الحكايات والمواعظ وتصغير الدنيا ، وهو لا يتغير ، وأخذت في حكايات الكرام وغير ذلك ، فقلت : هذا لا ينام ، ولا يدعني أنام ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، لي مسألة ، قال : قل ، قلت : ولا تكتمني ؟ قال : لا ، قلت : بالله حل عليك نقدة للبائع ، أو انكسر زورقك ، أو وقعوا على قافلة لك ، وضاق وقتك ؟ عندي طبق خلاف أنا أقرضه لك ، وتبقى بارزيا في الدروب وما يخلي الله من رزق ، فهذا هم عظيم ، وقد مرستني الليلة . فضحك حتى استلقى ، وقال : قم ، فعل الله بك وصنع ، فقمت ، وتبعني الخادم بدنانير وتخت ثياب .
قيل : إن
ابن مقلد العواد غنى
المستظهر ، فسره ، فأعطاه مائتي دينار ، وقطعة كافور زنة ثلاثة أرطال مقمعة بذهب .
قال
أبو طالب بن عبد السميع : كان من ألفاظ
المستظهر : خير ذخائر المرء لدنياه ذكر جميل ، ولآخرته ثواب جزيل .
شح المرء بفلسه من دناءة نفسه .
الصبر على الشدائد ينتج الفوائد .
أدب السائل أنفع من الوسائل .
بضاعة العاقل لا تخسر ، وربحها يظهر في المحشر .
وله نظم حسن .
قال
محمد بن عبد الملك الهمذاني : توفي
nindex.php?page=showalam&ids=15221المستظهر بالله سحر ليلة
[ ص: 399 ] الخميس سادس عشرين ربيع الآخر ، سنة اثنتي عشرة وخمسمائة ومرض ثلاثة عشر يوما من تراق ظهر به ، وبلغ إحدى وأربعين سنة وستة أيام ، وكان لين الجانب ، كريم الخلائق ، مشكور المساعي ، إذا سئل مكرمة أجاب إليها ، وإذا ذكر بمثوبة تشوف نحوها .
وقيل : إنه أنشد قبل موته بقليل ، وبكى :
يا كوكبا ما كان أقصر عمره وكذاك عمر كواكب الأسحار
وفي أول خلافته جهز السلطان
nindex.php?page=showalam&ids=15525بركياروق بن ملكشاه جيشا مع قسيم الدولة جد
نور الدين وبوزبان ، فالتقاهم
تاج الدولة تتش بظاهر
حلب ، فأسر
قسيم الدولة ، وذبحه
تتش ، وأخذ
حلب بعد حصار ، وذبح
بوزبان ،
[ ص: 400 ] وسجن
كربوقا ، وسار ، فتملك الجزيرة ، ثم
خلاط ثم
أذربيجان كلها ، واستفحل أمره ، وكبس عسكره
بركياروق ، فانهزم ، وراحت خزائنه ، وذهب إلى
أصبهان ، ففتحوا له خديعة ، فأمسكوه ، فمات أخوه صاحب
أصبهان محمود ، وله سبع سنين بالجدري ، فملكوا
بركياروق ، ووزر له
المؤيد بن نظام الملك ، وجمع وحشد ، ومات صاحب
مصر المستنصر ، وأمير الجيوش
بدر ، ووالي
مكة محمد بن أبي هاشم الذي نهب الوفد ، ثم التقى
بركياروق وعمه
تتش ، فقتل في المعركة
تتش ، وتملك بعده
دمشق ابنه
دقاق شمس الملوك ، وقتل صاحب
سمرقند أحمد خان ، وكان قد حسنوا له الإباحة ، وتزندق ، فقبض عليه الأمراء ، وشهدوا عليه ، فأفتى العلماء بقتله ، وملكوا ابن عمه .
وقتل سنة تسعين صاحب
مرو أرغون أخو
السلطان ملكشاه ، وكان ظلوما جبارا ، قتله مملوك له ، وكان حاكما على
نيسابور ،
وبلخ أيضا ، تمرد وخرب أسوار بلاده .
وعصى نائب
العبيدية بصور ، فجاء عسكر ، وحاصروها وافتتحوها ، وقتلوا بها خلقا ، منهم نائبها .
وجهز
السلطان بركياروق جيشا مع أخيه
سنجر ، فبلغهم قتل
أرغون ، فلحقهم السلطان ، فتملك جميع
خراسان ، وخطب له
بسمرقند ، ودانت له الأمم ، فاستناب أخاه
سنجر بخراسان ، وكان حدثا ، وأمر
بركياروق على خوارزم
محمد بن نوشتكين مولى
السلجوقية ، وكان فاضلا أديبا عادلا ، ثم قام بعده ولده
خوارزم شاه أتسز والد
خوارزم شاه علاء الدين .
[ ص: 401 ] وفي سنة تسع كان أول ظهور
الفرنج بالشام قدموا في
بحر القسطنطينية في جمع كثير ، وانزعجت الملوك ، وعظم الخطب ، لا سيما
ابن قتلمش صاحب الروم ، فالتقاهم ، فطحنوه .
وأما
nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير فقال : ابتداء دولتهم في سنة ( 478 ) ، فأخذوا
طليطلة وغيرها ، ثم
صقلية ، وأخذوا بعض
إفريقية ، وجمع ملكهم بغدوين جمعا ، وبعث يقول لرجار صاحب
صقلية : أنا واصل إليك لنفتح
إفريقية ، فبعث يقول : الأولى فتح
القدس ، فقصدوا
الشام .
وقيل : إن صاحب
مصر لما رأى قوة
آل سلجوق واستيلاءهم على الممالك ، كاتب
الفرنج ، فمروا
بسيس ، ونازلوا
أنطاكية ، فخاف صاحبها
ياغي بسان فأخرج
النصارى إلى الخندق وحبسهم به ، فدام حصارها تسعة أشهر ، وفني
الفرنج قتلا وموتا ، ثم إنهم عاملوا الزراد المقدم ، وبذلوا له مالا ، فكاشر لهم عن بدنه ففتحوا شباكا ، وطلعوا منه خمسمائة في الليل ، ففتح ياغي بسان ، وهرب ، واستبيح البلد - فإنا لله - في سنة إحدى وتسعين ، وسقطت قوة
ياغي بسان أسفا ، وانهزم غلمانه ، فذبحه حطاب أرمني . ثم أخذوا المعرة ، فقتلوا وسبوا ، وتجمعت عساكر الموصل وغيرها ، فالتقوا ، فانهزم المسلمون ، واستشهد ألوف ،
[ ص: 402 ] وصالحهم صاحب حمص ، وأقبل ابن أمير الجيوش ، فأخذ
القدس من
ابن أرتق ، وانتشرت الباطنية
بأصبهان ، وتمت حروب مزعجة بين ملوك العجم ، وأخذت
الفرنج بيت المقدس ، نصبوا عليه أربعين منجنيقا ، وهدوا سوره ، وجدوا في الحصار شهرا ونصفا ، ثم ملكوه من شماليه في شعبان سنة اثنتين وتسعين ، وقتلوا به نحوا من سبعين ألفا .
قال
يوسف بن الجوزي والعهدة عليه : سارت
الفرنج ، ومقدمهم
كندفري في ألف ألف ، منهم خمسمائة ألف مقاتل ، وعملوا برجا من خشب ألصقوه بالسور ، حكموا به على البلد ، وسار
الأفضل أمير الجيوش ، من
مصر في عشرين ألفا نجدة ، فقدم
عسقلان وقد استبيحت
القدس ، ثم كبست الفرنج المصريين ، فهزموهم ، وانحاز
الأفضل إلى
عسقلان ، وتمزق جيشه ، وحوصر ، فبذل لهم أموالا ، فترحلوا عنه .
وتملك
محمد بن ملكشاه ، فهزم أخاه
بركياروق ، ثم حارب عسكر
الموصل ، وجرت عجائب ، ثم فر
بركياروق إلى
خراسان ،
وعسف ، وعمل مصافا مع أخيه
سنجر ، فانهزم كل منهما ، ثم سار
بركياروق على
جرجان طالبا
أصبهان .
والتقى
ابن الدانشهد جيش
الفرنج فنقل
nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير أنهم كانوا ثلاثمائة
[ ص: 403 ] ألف ، فلم يفلت أحد منهم سوى ثلاثة آلاف .
وكانت وقعة بين المصريين
والفرنج على
عسقلان ، فقتل مقدم المصريين
سعد الدولة ، لكن انتصر المسلمون .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير : فيقال : قتل من
الفرنج ثلاثمائة ألف .
قلت : هذه مجازفة عظيمة .
والتقى
السلطان محمد بن ملكشاه وأخوه
بركياروق مرات ، وغلت الأقطار بالباطنية ، وطاغوتهم
الحسن بن الصباح المروزي الكاتب ، كان داعية
لبني عبيد ، وتعانوا شغل السكين ، وقتلوا غيلة عدة من العلماء والأمراء ، وأخذوا القلاع ، وحاربوا ، وقطعوا الطرق ، وظهروا أيضا
بالشام ، والتف عليهم كل شيطان ومارق ، وكل ماكر ومتحيل .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي في " سر العالمين " : شاهدت قصة
الحسن بن الصباح لما تزهد تحت حصن الألموت ، فكان أهل الحصن يتمنون صعوده ، ويتمنع ويقول : أما ترون المنكر كيف فشا ، وفسد الناس ، فصبا إليه خلق ، وذهب أمير الحصن يتصيد ، فوثب على الحصن فتملكه ، وبعث إلى الأمير من قتله ، وكثرت قلاعهم ، واشتغل عنهم أولاد ملكشاه باختلافهم .
ولابن الباقلاني ،
nindex.php?page=showalam&ids=14847والغزالي ،
وعبد الجبار المعتزلي كتب في فضائح هؤلاء .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير : وفي سنة ( 494 ) أمر السلطان
بركياروق بقتل
[ ص: 404 ] الباطنية ، وهم
الإسماعيلية ، وهم الذين كانوا قديما يسمون
القرامطة .
قال : وتجرد
بأصبهان للانتقام منهم
الخجندي وجمع الجم الغفير بالأسلحة ، وأمر بحفر أخاديد أوقدت فيها النيران ، وجعلوا يأتون بهم ، ويلقونهم في النار ، إلى أن قتلوا منهم خلقا كثيرا .
قال : وكان
ابن صباح شهما ، عالما بالهندسة والنجوم والسحر من تلامذة
ابن غطاش الطبيب الذي تملك
قلعة أصبهان ، وممن دخل
بمصر على
المستنصر ، فأعطاه مالا ، وأمره بالدعوة لابنه
نزار ، وهو الذي بعث من قتل نظام الملك ، وقد قتل صاحب كرمان أربعة آلاف لكونهم سنة ، واسمه
تيرانشاه السلجوقي ، حسن له رأي
الباطنية أبو زرعة الكاتب ، فانسلخ من الدين ، وقتل
أحمد بن الحسين البلخي شيخ الحنفية ، فقام عليه جنده وحاربوه ، فذل ، وتبعه عسكر ، فقتلوه ، وقتلوا
أبا زرعة ، وصارت الأمراء يلازمون لبس الدروع تحت الثياب خوفا من فتك هؤلاء الملاحدة ، وركب
السلطان بركياروق في تطلبهم ، ودوخهم ، حتى قتل جماعة برآء ، سعى بهم الأعداء ، ودخل في ذلك أهل عانة ، واتهم
إلكيا الهراسي بأنه منهم ، وحاشاه ، فأمر
السلطان محمد بن ملكشاه بأن يؤخذ ، حتى شهدوا له بالخير ، فأطلق .
وفيها كسر دقاق صاحب
دمشق الفرنج ، وحاصر صاحب
القدس كندفري عكا ، فقتل بسهم ، وتملك أخوه بغدوين ، وأخذت
الفرنج سروج [ ص: 405 ] بالسيف ،
وأرسوف وحيفا بالأمان ،
وقيسارية عنوة .
وفي سنة 495 مات
المستعلي صاحب
مصر ، وولي الآمر ، وكانت حروب بين الأخوين
بركياروق ومحمد ، وبلاء وحصار ، ونازلت
الفرنج طرابلس ، فسار للكشف عنها جند
دمشق وحمص ، فانكسروا ، ثم التقى العسكر ، وبغدوين ، فهزموه ، وقل من نجا من أبطاله ، وظفر ثلاثة من
الباطنية على
جناح الدولة صاحب
حمص ، فقتلوه في الجامع ، فنازلتها
الفرنج ، فصولحوا على مال ، وتسلمها
شمس الملوك ، وقتلت الباطنية
الأعز ، وزير بركياروق ، ومات
كربوقا صاحب
الموصل بخوي ، وقد استولى على أكثر
أذربيجان .
وخطب
سنجر بخراسان لأخيه
محمد ، وحارب
قدرخان صاحب ما وراء النهر ، فأسره
سنجر وقتله ، وملك
ابن بغراجان سمرقند ، ونازل المسلمون
بلنسية ، واسترجعوها من
الفرنج بعد أن تملكوها ثمانية أعوام ، ثم راحت من المسلمين في سنة ( 636 ) .
وفي سنة ست وتسعين سار
شمس الملوك ، فحاصر
الرحبة ، وأخذها ، وجاء عسكر
مصر ، فالتقوا الفرنج
بيافا ، وخذلت
الفرنج ، وتصالح
بركياروق وأخوه ، وملوا من الحرب ، وتحالفوا ، وطال حصار
الفرنج لطرابلس ، وأخذوا
جبيل ، وأخذوا
عكا ، ونازلوا
حران ، فجاء العسكر ، ووقع المصاف ، ونزل النصر ، وأبيدت الملاعين ، وبلغت
[ ص: 406 ] قتلاهم اثني عشر ألفا ومات
شمس الملوك دقاق ، وتملك ولده
بدمشق ،
وأتابكه طغتكين .
وفي سنة ثمان وتسعين مات
بركياروق ، وسلطنوا ابنه
ملكشاه وهو صبي والتقى المسلمون
والفرنج ، فأصيب المسلمون ، ثم قدم عسكر
مصر ، وانضم إليهم عسكر
دمشق ، فكان المصاف مع بغدوين عند
عسقلان ، وثبت الفريقان ، وقتل من
الفرنج فوق الألف ، ومن المسلمين مثلهم ، ثم تحاجزوا ، وفيها تمكن
السلطان محمد وبسط العدل .
وفي سنة ( 496 ) كبس الأتابك
طغتكين الفرنج بالأردن ، فقتل وأسر ، وزينت
دمشق ، وأخذ من
الفرنج حصنين .
واستولت
الإسماعيلية على
فامية ، وقتلوا صاحبها
ابن ملاعب ، وكان جبارا يقطع الطريق .
وفي سنة خمسمائة مات صاحب
المغرب والأندلس يوسف بن تاشفين ، وتملك بعده ابنه علي ، وكان يخطب
لبني العباس ، وجاءته خلع السلطنة والألوية ، وكان أنشأ
مراكش .
وقتل واحد من
الإسماعيلية فخر الملك بن نظام الملك ، وزر
لبركياروق ، ثم
لسنجر .
[ ص: 407 ] وقبض
محمد على وزيره
سعد الملك ، وصلبه
بأصبهان ، واستوزر
أحمد بن نظام الملك .
وقتل مقدم
الإسماعيلية بقلعة أصبهان أحمد بن غطاش ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير : قتل أتباعه خلقا لا يمكن إحصاؤهم . . . إلى أن قال : وخرب
السلطان محمد القلعة ، وكان أبوه
ملكشاه أنشأها على جبل ، يقال : غرم عليها ألفي ألف دينار وزيادة ، فتحيل
ابن غطاش حتى تملكها ، وبقي بها اثنتي عشرة سنة .
وعزل
المستظهر وزيره
أبا القاسم بن جهير ، ووزر
هبة الله بن المطلب .
وغرق ملك
قونية قلج رسلان بن سليمان بن قتلمش السلجوقي .
وفي سنة إحدى وخمسمائة مات صاحب الحلة
nindex.php?page=showalam&ids=16151سيف الدولة صدقة بن منصور بن دبيس الأسدي ملك العرب الذي أنشأ الحلة على الرفض ، قتل في وقعة بينه وبين
السلطان محمد بن ملكشاه .
وفيها سار
طغتكين في جند
دمشق ، فهزم
الفرنج ، وأسر صاحب طبرية
جرماس ، وحاصر
بغدوين الكلب
صور ، وبنى بإزائها حصنا ، ثم بذل له
[ ص: 408 ] أهلها سبعة آلاف دينار ، فترحل عنهم .
وفي سنة اثنتين سار
طغتكين في ألفين ، فالتقى
الفرنج ، فانهزم جمعه ، وثبت هو ، ثم تراجعوا إليه ، ونصروا ، وأسروا
قومصا ، بذل في نفسه جملة ، فأبى
طغتكين وذبحه ، ثم هادن
بغدوين أربعة أعوام .
وفيها تزوج
المستظهر بأخت
السلطان محمد على مائة ألف دينار .
وفيها أخذت
الإسماعيلية شيزر بحيلة ، فرجع صاحبها من موكبه ، فوجد بلده قد راح منه ، فيعمد نساؤه من القلة فدلوا حبالا ، واستقوه وأجناده ، فوقع القتال ، واستحر القتل بالملاحدة ، وكانوا مائة ، قد خدم أكثرهم حلاجين في
شيزر ، فما نجا منهم أحد ، وقتل من الأجناد عدة .
وفي سنة ثلاث أخذت
طرابلس في آخر السنة بعد حصار ست سنين أخذوها بأبراج خشب صنعت وألصقت بسورها ، وأخذوا
بانياس ،
وجبيل بالأمان ، ثم
طرسوس ، وحصن الأكراد .
وفي سنة خمس تناحب عساكر
العراق والجزيرة ، وأقبلوا لغزو
الفرنج ، وعدوا
الفرات ، فقل ما نفعوا ، ثم رجعوا والأعداء تجول في
الشام .
[ ص: 409 ] وتمت
بالأندلس غزوة كبرى - نصر الله - وانحطمت
الفرنج ، وقتل ابن ملكهم .
وفي سنة ست مات
بسيل ملك الأرمن ، فسار
صاحب أنطاكية تنكري ليتملك
سيس ، فمرض ، ومات .
ومات
قراجا صاحب حمص ، فتملك ابنه
خيرخان .
وفي أول سنة سبع أقبل عسكر
الجزيرة نجدة
لطغتكين ، فالتقوا
الفرنج بالأردن ، وصبر الفريقان ، ثم استحر القتل
بالفرنج ، وأسر طاغيتهم
بغدوين ، لكن أساء الذي أسره ، فشلحه ، وأطلقه جريحا ، ثم تراجع العدو ، وجاءتهم نجدة ، فعملوا المصاف من الغد ، وحمي القتال ، وطاب الموت ، وتحصن الكلاب بجبل ، فرابط الجيش بإزائهم يترامون بالنشاب ويقتتلون ، فدام ذلك كذلك ستة وعشرين صباحا حتى عدمت الأقوات ، وتحاجز الجمعان .
وفيها وثب
باطني بجامع دمشق على صاحب
الموصل مودود بن [ ص: 410 ] ألتونتكين فقتله ، وهو قد صلى الجمعة مع
طغتكين ، وأحرق الباطني .
قال
ابن القلانسي في " تاريخه " قام هو
وطغتكين حولهما الترك والأحداث بأنواع السلاح من الصوارم والصمصامات والخناجر المجردة ، كالأجمة المشتبكة ، فوثب رجل لا يؤبه له ، ودعا
لمودود ، وشحذ منه ، وقبض بند قبائه ، وضربه تحت سرته ضربتين ، والسيوف تنزل عليه ، ودفن
بخانقاه الطواويس ، ثم نقل ، وكان
بطبرية مصحف أرسله
عثمان رضي الله عنه إليها ، فنقله
طغتكين إلى
جامع دمشق .
وفيها تملك
حلب أرسلان بن رضوان السلجوقي بعد أبيه ، وقتل أخويه ، ورأس
الإسماعيلية أبا طاهر الصائغ ، وعدة منهم .
وفي سنة ثمان وخمسمائة هلك
بغدوين من جرحه .
وقتلت
الباطنية صاحب مراغة
أحمديل .
وتخنزرت
الفرنج في سنة تسع ، وعاثوا
بالشام ، وأخذوا
رفنية فساق
طغتكين ، واستنقذها ، وكان قد عصى على السلطان ، وحارب بعض عسكره ، فندم ، وسار بنفسه إلى
العراق بتحف سنية ، فرأى من الاحترام
[ ص: 411 ] فوق آماله ، وكتبوا له تقليدا بإمرة
الشام كله .
وفي سنة عشر قدم
البرسقي صاحب
الموصل إلى
الشام غازيا ، وسار معه
طغتكين ، فكبسوا
الفرنج ، ونزل النصر ، فقتل ألوف من
الفرنج ، واستحكمت المودة بين
البرسقي وبين صاحب
دمشق .
وفي سنة إحدى عشرة كبست الفرنج
حماة ، وقتلوا مائة وعشرين رجلا وبدعوا ، وجاء سيل هدم
سور سنجار ، وغرق خلائق ، وأخذ باب المدينة ، ثم ظهر تحت الرمل بعد سنين على مسيرة بريد ، وسلم مولود في سريره عام به ، وتعلق في زيتونة .
وفيها تسلطن
السلطان محمود بعد أبيه
محمد ، وأنفقت خزائن أبيه في العساكر ، فقيل : كانت أحد عشر ألف ألف دينار .
وتوفي
nindex.php?page=showalam&ids=15221المستظهر بالله عن سبعة بنين ، وصلى عليه ابنه
المسترشد بالله .
[ ص: 412 ] وبعده ماتت جدته لأبيه
أرجوان الأرمنية ، وقد رأت ابنها خليفة ، وابن ابنها ، وابن ابن ابنها ، وما اتفق هذا لسواها .