سفره مع عمه إن صح
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16821قراد أبو نوح : حدثنا
يونس بن أبي إسحاق ، عن
أبي بكر بن أبي موسى الأشعري ، عن أبيه ، قال : خرج
أبو طالب إلى
الشام ومعه
محمد صلى الله عليه وسلم وأشياخ من
قريش ، فلما أشرفوا على الراهب نزلوا فخرج إليهم ، وكان قبل ذلك لا يخرج إليهم ، فجعل يتخللهم وهم يحلون رحالهم ، حتى جاء فأخذ بيده صلى الله عليه وسلم فقال : هذا سيد العالمين ، هذا رسول رب العالمين ، هذا يبعثه الله رحمة للعالمين . فقال أشياخ
قريش : وما علمك بهذا ؟ قال : إنكم حين أشرفتم من
العقبة لم يبق شجر ولا حجر إلا خر ساجدا ، ولا يسجدون إلا لنبي ، وإني لأعرفه بخاتم النبوة ، أسفل غرضوف كتفه مثل التفاحة . ثم رجع فصنع لهم طعاما ، فلما أتاهم به كان صلى الله عليه وسلم في رعية الإبل ، قال : فأرسلوا إليه ، فأقبل وعليه غمامة تظله ، فلما دنا من القوم وجدهم قد سبقوه يعني إلى فيء شجرة -فلما
[ ص: 58 ] جلس مال فيء الشجرة عليه ، فقال : انظروا فيء الشجرة مال عليه . قال : فبينا هو قائم عليه يناشدهم أن لا يذهبوا به إلى
الروم ، فإن
الروم لو رأوه عرفوه بصفته فقتلوه ، فالتفت فإذا بسبعة نفر قد أقبلوا من
الروم ، فاستقبلهم الراهب ، فقال : ما جاء بكم ؟ قالوا : جئنا أن هذا النبي خارج في هذا الشهر ، فلم يبق طريق إلا قد بعث إليه ناس ، وإنا أخبرنا فبعثنا إلى طريقك هذا ، فقال لهم : هل خلفتم خلفكم أحدا هو خير منكم ؟ قالوا : لا . إنما أخبرنا خبره بطريقك هذا ، قال : أفرأيتم أمرا أراد الله أن يقضيه ، هل يستطيع أحد من الناس رده ؟ قالوا : لا . قال : فتابعوه وأقاموا معه ، قال : فأتاهم فقال : أنشدكم بالله أيكم وليه ؟ قال
أبو طالب : أنا ، فلم يزل يناشده حتى رده
أبو طالب ، وبعث معه
أبو بكر بلالا ، وزوده الراهب من الكعك والزيت .
تفرد به
قراد ، واسمه
عبد الرحمن بن غزوان ، ثقة ، احتج به
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، ورواه الناس عن
قراد ، وحسنه
الترمذي . وهو حديث منكر جدا ، وأين كان
أبو بكر ؟ كان ابن عشر سنين ، فإنه أصغر من رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين ونصف ، وأين كان
بلال في هذا الوقت ؟ فإن
أبا بكر لم يشتره إلا بعد المبعث ، ولم يكن ولد بعد ، وأيضا ، فإذا كان عليه غمامة تظله كيف يتصور أن يميل فيء الشجرة ؟ لأن ظل الغمامة يعدم فيء الشجرة التي نزل تحتها ، ولم نر النبي صلى الله عليه وسلم ذكر
أبا طالب قط بقول الراهب ، ولا تذاكرته
قريش ، ولا حكته أولئك الأشياخ ، مع توفر هممهم ودواعيهم على حكاية مثل ذلك ، فلو وقع لاشتهر بينهم أيما اشتهار ، ولبقي عنده صلى الله عليه وسلم حس من النبوة ، ولما أنكر مجيء الوحي إليه ، أولا
بغار حراء وأتى
خديجة خائفا على عقله ، ولما ذهب إلى شواهق الجبال ليرمي نفسه صلى الله عليه وسلم . وأيضا فلو أثر هذا الخوف في
أبي طالب ورده ،
[ ص: 59 ] كيف كانت تطيب نفسه أن يمكنه من السفر إلى
الشام تاجرا
لخديجة ؟
وفي الحديث ألفاظ منكرة ، تشبه ألفاظ الطرقية ، مع أن
ابن عائذ روى معناه في مغازيه دون قوله : " وبعث معه
أبو بكر بلالا " إلى آخره ، فقال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم ، قال : أخبرني
أبو داود سليمان بن موسى ، فذكره بمعناه .
وقال
ابن إسحاق في " السيرة " : إن
أبا طالب خرج إلى
الشام تاجرا في ركب ، ومعه النبي صلى الله عليه وسلم وهو غلام ، فلما نزلوا
بصرى ، وبها
بحيرا الراهب في صومعته ، وكان أعلم أهل النصرانية ، ولم يزل في تلك الصومعة قط راهب يصير إليه علمهم عن كتاب فيهم فيما يزعمون ، يتوارثونه كابرا عن كابر ، قال : فنزلوا قريبا من الصومعة ، فصنع
بحيرا طعاما ، وذلك فيما يزعمون عن شيء رآه حين أقبلوا ، وغمامة تظله من بين القوم ، فنزل بظل شجرة ،
فنزل بحيرا من صومعته ، وقد أمر بذلك الطعام فصنع ، ثم أرسل إليهم فجاءوه فقال رجل منهم : يا
بحيرا ما كنت تصنع هذا ، فما شأنك ؟ قال : نعم ، ولكنكم ضيف ، وأحببت أن أكرمكم ، فاجتمعوا ، وتخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم لصغره في رحالهم . فلما نظر
بحيرا فيهم ولم يره ، قال : يا معشر
قريش لا يتخلف أحد عن طعامي هذا . قالوا : ما تخلف أحد إلا غلام هو أحدث القوم سنا . قال : فلا تفعلوا ، ادعوه . فقال رجل : واللات والعزى إن هذا للؤم بنا ، يتخلف
ابن عبد الله بن عبد المطلب عن الطعام من بيننا ، ثم قام واحتضنه ، وأقبل به فلما رآه
بحيرا جعل يلحظه لحظا شديدا ، وينظر إلى أشياء من جسده ، قد كان يجدها عنده من صفته ، حتى إذا شبعوا وتفرقوا قام
بحيرا ، فقال : يا غلام أسألك باللات والعزى إلا أخبرتني
[ ص: 60 ] عما أسألك عنه ، فزعموا أنه قال : لا تسألني باللات والعزى ، فوالله ما أبغضت بغضهما شيئا قط . فقال له : فبالله إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه ، فجعل يسأله عن أشياء من حاله ، فتوافق ما عنده من الصفة . ثم نظر فيه أثر خاتم النبوة ، فأقبل على
أبي طالب ، فقال : ما هو منك . قال : ابني . قال : ما ينبغي أن يكون أبوه حيا . قال : فإنه ابن أخي . قال : ارجع به واحذر عليه
اليهود ، فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفته ليبغنه شرا ، فإنه كائن لابن أخيك شأن . فخرج به
أبو طالب سريعا حتى أقدمه
مكة حين فرغ من تجارته . وذكر الحديث .
وقال
معتمر بن سليمان : حدثني أبي ، عن
أبي مجلز : أن
أبا طالب سافر إلى
الشام ومعه
محمد ، فنزل منزلا ، فأتاه راهب ، فقال : فيكم رجل صالح ، ثم قال : أين أبو هذا الغلام ؟ قال
أبو طالب : هذا أنذا وليه . قال : احتفظ به ولا تذهب به إلى
الشام ، إن
اليهود قوم حسد ، وإني أخشاهم عليه . فرده .
وقال
ابن سعد : أخبرنا
محمد بن عمر ، قال : حدثني
عبد الله بن جعفر وجماعة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15855داود بن الحصين ، أن
أبا طالب خرج تاجرا إلى
الشام ، ومعه
محمد ، فنزلوا
ببحيرا . . . . الحديث .
وروى
يونس عن
ابن شهاب حديثا طويلا فيه : فلما ناهز الاحتلام ، ارتحل به
أبو طالب تاجرا ، فنزل
تيماء ، فرآه حبر من
يهود تيماء ، فقال
لأبي طالب : ما هذا الغلام ؟ قال : هو ابن أخي ، قال : فوالله إن قدمت به
الشام لا تصل به إلى أهلك أبدا ، لتقتلنه
اليهود إنه عدوهم . فرجع به
أبو طالب من تيماء إلى
مكة .
[ ص: 61 ] قال
ابن إسحاق : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكر لي يحدث عما كان الله تعالى يحفظه به في صغره ، قال : " لقد رأيتني في غلمان من
قريش ننقل حجارة لبعض ما يلعب الغلمان به ، كلنا قد تعرى وجعل إزاره على رقبته يحمل عليه الحجارة ، فإني لأقبل معهم كذلك وأدبر ، إذ لكمني لاكم ما ؛ أراها ، لكمة وجيعة ، وقال : شد عليك إزارك ، فأخذته فشددته ، ثم جعلت أحمل الحجارة على رقبتي .
قال
ابن إسحاق : وهاجت
حرب الفجار ولرسول الله صلى الله عليه وسلم عشرون سنة ، سميت بذلك لما استحلت
كنانة وقيس عيلان في الحرب من المحارم بينهم ،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كنت أنبل على أعمامي " أي أرد عنهم نبل عدوهم إذا رموهم . وكان قائد قريش حرب بن أمية .