الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 62 ] شأن خديجة

                                                                                      قال ابن إسحاق : ثم إن خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي وهي أقرب منه صلى الله عليه وسلم إلى قصي برجل ، كانت امرأة تاجرة ذات شرف ومال ، وكانت تستأجر الرجال في مالها ، وكانت قريش تجارا ، فعرضت على النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرج في مال لها إلى الشام ، ومعه غلام اسمه ميسرة ، فخرج إلى الشام ، فنزل تحت شجرة بقرب صومعة ، فأطل الراهب إلى ميسرة فقال : من هذا ؟ فقال : رجل من قريش ، قال : ما نزل تحت هذه الشجرة إلا نبي . ثم باع النبي صلى الله عليه وسلم تجارته وتعوض ورجع ، فكان ميسرة - فيما يزعمون - إذا اشتد الحر يرى ملكين يظلانه من الشمس وهو يسير .

                                                                                      روى قصة خروجه صلى الله عليه وسلم إلى الشام تاجرا ، المحاملي ، عن عبد الله بن شبيب ، وهو واه ، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا عمر بن أبي بكر العدوي ، قال : حدثني موسى بن شيبة ، قال : حدثتني عميرة بنت عبد الله بن كعب بن مالك ، عن أم سعد بنت سعد بن الربيع ، عن نفيسة بنت منية أخت يعلى ، قالت : لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين سنة . فذكر الحديث بطوله ، وهو حديث منكر . قال : فلما قدم مكة باعت خديجة ما جاء به فأضعف أو قريبا . وحدثها ميسرة عن قول الراهب ، وعن الملكين ، وكانت لبيبة حازمة ، فبعثت إليه تقول : يا ابن عمي ، إني قد رغبت فيك لقرابتك وأمانتك وصدقك وحسن خلقك ، ثم عرضت عليه نفسها ، فقال ذلك لأعمامه ، فجاء معه حمزة عمه حتى [ ص: 63 ] دخل على خويلد فخطبها منه ، وأصدقها النبي صلى الله عليه وسلم عشرين بكرة ، فلم يتزوج عليها حتى ماتت ، وتزوجها وعمره خمس وعشرون سنة .

                                                                                      وقال أحمد في " مسنده " : حدثنا أبو كامل ، قال : حدثنا حماد ، عن عمار بن أبي عمار ، عن ابن عباس فيما يحسب حماد : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر خديجة ، وكان أبوها يرغب عن أن يزوجه ، فصنعت هي طعاما وشرابا ، فدعت أباها وزمرا من قريش ، فطعموا وشربوا حتى ثملوا ، فقالت لأبيها : إن محمدا يخطبني فزوجني إياه ، فزوجها إياه ، فخلقته وألبسته حلة كعادتهم ، فلما صحا نظر ، فإذا هو مخلق ، فقال : ما شأني ؟ فقالت : زوجتني محمدا . فقال : وأنا أزوج يتيم أبي طالب ! لا لعمري ، فقالت : أما تستحيي ؟ تريد أن تسفه نفسك عند قريش بأنك كنت سكران ، فلم تزل به حتى رضي .

                                                                                      وقد روى طرفا منه الأعمش ، عن أبي خالد الوالبي ، عن جابر بن سمرة أو غيره .

                                                                                      وأولاده كلهم من خديجة سوى إبراهيم ، وهم : القاسم ، والطيب ، والطاهر ، وماتوا صغارا رضعا قبل المبعث ، ورقية ، وزينب ، وأم كلثوم ، وفاطمة -رضي الله عنهم- ، فرقية ، وأم كلثوم زوجتا عثمان بن عفان ، وزينب زوجة أبي العاص بن الربيع بن عبد شمس ، وفاطمة زوجة علي - رضي الله عنهم أجمعين .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية