الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض قرأ
نافع ، وابن عامر ، وأبو جعفر برفع اسم الجلالة على أنه خبر عن مبتدإ محذوف ، والتقدير : هو ( أي العزيز الحميد ) الله الموصوف
[ ص: 182 ] بالذي له ما في السماوات والأرض ، وهذا الحذف جار على حذف المسند إليه عند علماء المعاني تبعا
للسكاكي بالحذف لمتابعة الاستعمال ، أي استعمال العرب عندما يجري ذكر موصوف بصفات أن ينتقلوا من ذلك إلى الإخبار عنه بما هو أعظم مما تقدم ذكره ليكسب ذلك الانتقال تقريرا للغرض ، كقول
إبراهيم الصولي :
سأشكر عمرا إن تراخت منيتي أيادي لم تمنن وإن هي جلت فتى غير محجوب الغنى عن صديقه
ولا مظهر الشكوى إذا النعل زلت
أي : هو فتى من صفته كيت وكيت .
وقرأه الباقون إلا
رويسا عن
يعقوب بالجر على البدلية من
العزيز الحميد ، وهي طريقة عربية ، ومآل القراءتين واحد وكلتا الطريقتين تفيد أن المستقل إليه أجدر بالذكر عقب ما تقدمه ، فإن اسم الجلالة أعظم من بقية الصفات لأنه علم الذات الذي لا يشاركه موجود في إطلاقه ، ولا في معناه الأصلي المنقول منه إلى العلمية إلا أن الرفع أقوى وأفخم .
وقرأه
رويس عن
يعقوب بالرفع إذا وقف على قوله ( الحميد ) وابتدئ باسم ( الله ) ، فإذا وصل ( الحميد ) باسم ( الله ) جر اسم الجلالة على البدلية .
وإجراء الوصف بالموصول على اسم الجلالة لزيادة التفخيم لا للتعريف ; لأن ملك سائر الموجودات صفة عظيمة والله معروف بها عند المخاطبين ، وفيه تعريض بأن صراط غير الله من طرق آلهتهم ليس بواصل إلى المقصود لنقصان ذويه ، وفي ذكر هذه الصلة إدماج تعريض بالمشركين الذين عبدوا ما ليس له السماوات والأرض .