nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=28985كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد الكلام على تركيب
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1الر كتاب أنزلناه إليك كالكلام على قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=1المص nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1كتاب أنزلناه إليك عدا هذه الآية ذكر فيها فاعل الإنزال وهو معلوم من مادة الإنزال المشعرة بأنه وارد من قبل العالم العلوي ، فللعلم بمنزلة حذف الفاعل في آية سورة الأعراف ، وهو مقتضى الظاهر والإيجاز ، ولكنه ذكرها هنا لأن المقام مقام الامتنان على الناس المستفاد من التعليل بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1لتخرج الناس من الظلمات إلى النور ، ومن ذكر صفة الربوبية بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1بإذن ربهم ، بخلاف آية سورة الأعراف فإنها في مقام الطمأنة والتصبير للنبي - عليه الصلاة والسلام - المنزل إليه الكتاب ، فكان التعرض لذكر المنزل إليه والاقتصار عليه أهم في ذلك المقام مع ما فيه من قضاء حق الإيجاز .
[ ص: 180 ] أما التعرض للمنزل إليه هنا فللتنويه بشأنه ، وليجعل له حظ في هذه المنة وهو حظ الوساطة ، كما دل عليه قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1لتخرج الناس من الظلمات إلى النور ، ولما فيه من غم المعاندين والمبغضين للنبي - صلى الله عليه وسلم - .
ولأجل هذا المقصد وقع إظهار صفات فاعل الإنزال ثلاث مرات في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد بعد أن كان المقام للإضمار تبعا لقوله أنزلناه .
وإسناد الإخراج إلى النبيء - عليه الصلاة والسلام - لأنه يبلغ هذا الكتاب المشتمل على تبيين طرق الهداية إلى الإيمان وإظهار فساد الشرك والكفر ، وهو مع التبليغ يبين للناس ويقرب إليهم معاني الكتاب بتفسيره وتبيينه ، ثم بما يبنيه عليه من المواعظ والنذر والبشارة . وإذ قد أسند الإخراج إليه في سياق تعليل إنزال الكتاب إليه علم أن إخراجه إياهم من الظلمات بسبب هذا الكتاب المنزل ، أي : بما يشتمل عليه من معاني الهداية .
وتعليل الإنزال بالإخراج من الظلمات دل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=29785_28749الهداية هي مراد الله تعالى من الناس ، وأنه لم يتركهم في ضلالهم ، فمن اهتدى فبإرشاد الله ومن ضل فبإيثار الضال هوى على دلائل الإرشاد ، وأمر الله لا يكون إلا لحكم ومصالح بعضها أكبر من بعض .
والإخراج : مستعار للنقل من حال إلى حال . شبه الانتقال بالخروج فشبه النقل بالإخراج .
و الظلمات والنور استعارة للكفر والإيمان ، لأن الكفر يجعل صاحبه في حيرة فهو كالظلمة في ذلك ، والإيمان يرشد إلى الحق فهو كالنور في إيضاح السبيل . وقد يستخلص السامع من ذلك تمثيل حال المنغمس في الكفر بالمتحير في ظلمة ، وحال انتقاله إلى الإيمان بحال الخارج من ظلمة إلى مكان نير .
[ ص: 181 ] وجمع الظلمات وإفراد النور تقدم في أول سورة الأنعام .
والباء في " بإذن ربهم للسببية " ، والإذن : الأمر بفعل يتوقف على رضى الآمر به ، وهو أمر الله إياه بإرساله إليهم لأنه هو الإذن الذي يتعلق بجميع الناس ، كقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=64وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله . ولما كان الإرسال لمصلحتهم أضيف الإذن إلى وصف الرب المضاف إلى ضمير الناس ، أي : بإذن الذي يدبر مصالحهم .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=28721_28985إلى صراط العزيز الحميد بدل من النور بإعادة الجار للمبدل منه لزيادة بيان المبدل منه اهتماما به ، وتأكيدا للعامل كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=75قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم في سورة الأعراف . ومناسبة الصراط المستعار للدين الحق ، لاستعارة الإخراج والظلمات والنور ولما يتضمنه من التمثيل ، ظاهرة .
واختيار وصف
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1العزيز الحميد من بين الصفات العلا لمزيد مناسبتها للمقام ، لأن العزيز الذي لا يغلب . وإنزال الكتاب برهان على أحقية ما أراده الله من الناس فهو به غالب للمخالفين مقيم الحجة عليهم .
والحميد : بمعنى المحمود ، لأن في إنزال هذا الكتاب نعمة عظيمة ترشد إلى حمده عليه ، وبذلك استوعب الوصفان الإشارة إلى الفريقين من كل منساق إلى الاهتداء من أول وهلة ومن مجادل صائر إلى الاهتداء بعد قيام الحجة ونفاذ الحيلة .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=28985كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ الْكَلَامُ عَلَى تَرْكِيبِ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ كَالْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=1المص nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ عَدَا هَذِهِ الْآيَةِ ذُكِرَ فِيهَا فَاعِلُ الْإِنْزَالِ وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ مَادَّةِ الْإِنْزَالِ الْمُشْعِرَةِ بِأَنَّهُ وَارِدٌ مِنْ قِبَلِ الْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ ، فَلِلْعِلْمِ بِمَنْزِلَةِ حَذْفِ الْفَاعِلِ فِي آيَةِ سُورَةِ الْأَعْرَافِ ، وَهُوَ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ وَالْإِيجَازِ ، وَلَكِنَّهُ ذَكَرَهَا هُنَا لِأَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ الِامْتِنَانِ عَلَى النَّاسِ الْمُسْتَفَادِ مِنَ التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ، وَمِنْ ذِكْرِ صِفَةِ الرُّبُوبِيَّةِ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1بِإِذْنِ رَبِّهِمْ ، بِخِلَافِ آيَةِ سُورَةِ الْأَعْرَافِ فَإِنَّهَا فِي مَقَامِ الطَّمْأَنَةِ وَالتَّصْبِيرِ لِلنَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الْمُنَزَّلِ إِلَيْهِ الْكِتَابُ ، فَكَانَ التَّعَرُّضُ لِذِكْرِ الْمُنْزِلِ إِلَيْهِ وَالِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ أَهَمَّ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ قَضَاءِ حَقِّ الْإِيجَازِ .
[ ص: 180 ] أَمَّا التَّعَرُّضُ لِلْمُنَزَّلِ إِلَيْهِ هُنَا فَلِلتَّنْوِيهِ بِشَأْنِهِ ، وَلِيَجْعَلَ لَهُ حَظٌّ فِي هَذِهِ الْمِنَّةِ وَهُوَ حَظُّ الْوَسَاطَةِ ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ غَمِّ الْمُعَانِدِينَ وَالْمُبْغِضِينَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
وَلِأَجْلِ هَذَا الْمَقْصِدِ وَقَعَ إِظْهَارُ صِفَاتِ فَاعِلِ الْإِنْزَالِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ بَعْدَ أَنْ كَانَ الْمَقَامُ لِلْإِضْمَارِ تَبَعًا لِقَوْلِهِ أَنْزَلْنَاهُ .
وَإِسْنَادُ الْإِخْرَاجِ إِلَى النَّبِيءِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِأَنَّهُ يُبَلِّغُ هَذَا الْكِتَابَ الْمُشْتَمِلَ عَلَى تَبْيِينِ طُرُقِ الْهِدَايَةِ إِلَى الْإِيمَانِ وَإِظْهَارِ فَسَادِ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ ، وَهُوَ مَعَ التَّبْلِيغِ يُبَيِّنُ لِلنَّاسِ وَيُقَرِّبُ إِلَيْهِمْ مَعَانِيَ الْكِتَابِ بِتَفْسِيرِهِ وَتَبْيِينِهِ ، ثُمَّ بِمَا يَبْنِيهِ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوَاعِظِ وَالنُّذُرِ وَالْبِشَارَةِ . وَإِذْ قَدْ أُسْنِدَ الْإِخْرَاجُ إِلَيْهِ فِي سِيَاقِ تَعْلِيلِ إِنْزَالِ الْكِتَابِ إِلَيْهِ عُلِمَ أَنَّ إِخْرَاجَهُ إِيَّاهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ بِسَبَبِ هَذَا الْكِتَابِ الْمُنَزَّلِ ، أَيْ : بِمَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ مِنْ مَعَانِي الْهِدَايَةِ .
وَتَعْلِيلُ الْإِنْزَالِ بِالْإِخْرَاجِ مِنَ الظُّلُمَاتِ دَلَّ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29785_28749الْهِدَايَةَ هِيَ مُرَادُ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ النَّاسِ ، وَأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْهُمْ فِي ضَلَالِهِمْ ، فَمَنِ اهْتَدَى فَبِإِرْشَادِ اللَّهِ وَمَنْ ضَلَّ فَبِإِيثَارِ الضَّالِّ هَوَى عَلَى دَلَائِلِ الْإِرْشَادِ ، وَأَمْرُ اللَّهِ لَا يَكُونُ إِلَّا لِحِكَمٍ وَمَصَالِحَ بَعْضُهَا أَكْبَرُ مِنْ بَعْضٍ .
وَالْإِخْرَاجُ : مُسْتَعَارٌ لِلنَّقْلِ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ . شَبَّهَ الِانْتِقَالَ بِالْخُرُوجِ فَشَبَّهَ النَّقْلَ بِالْإِخْرَاجِ .
وَ الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ اسْتِعَارَةٌ لِلْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ ، لِأَنَّ الْكُفْرَ يَجْعَلُ صَاحِبَهُ فِي حَيْرَةٍ فَهُوَ كَالظُّلْمَةِ فِي ذَلِكَ ، وَالْإِيمَانُ يُرْشِدُ إِلَى الْحَقِّ فَهُوَ كَالنُّورِ فِي إِيضَاحِ السَّبِيلِ . وَقَدْ يَسْتَخْلِصُ السَّامِعُ مِنْ ذَلِكَ تَمْثِيلَ حَالِ الْمُنْغَمِسِ فِي الْكُفْرِ بِالْمُتَحَيِّرِ فِي ظُلْمَةٍ ، وَحَالِ انْتِقَالِهِ إِلَى الْإِيمَانِ بِحَالِ الْخَارِجِ مِنْ ظُلْمَةٍ إِلَى مَكَانٍ نَيِّرٍ .
[ ص: 181 ] وَجَمْعُ الظُّلُمَاتِ وَإِفْرَادُ النُّورِ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْأَنْعَامِ .
وَالْبَاءُ فِي " بِإِذْنِ رَبِّهِمْ لِلسَّبَبِيَّةِ " ، وَالْإِذْنُ : الْأَمْرُ بِفِعْلٍ يَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَى الْآمِرِ بِهِ ، وَهُوَ أَمْرُ اللَّهِ إِيَّاهُ بِإِرْسَالِهِ إِلَيْهِمْ لِأَنَّهُ هُوَ الْإِذْنُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِجَمِيعِ النَّاسِ ، كَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=64وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ . وَلَمَّا كَانَ الْإِرْسَالُ لِمَصْلَحَتِهِمْ أُضِيفَ الْإِذْنُ إِلَى وَصْفِ الرَّبِّ الْمُضَافِ إِلَى ضَمِيرِ النَّاسِ ، أَيْ : بِإِذْنِ الَّذِي يُدَبِّرُ مَصَالِحَهُمْ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=28721_28985إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ بَدَلٌ مِنَ النُّورِ بِإِعَادَةِ الْجَارِّ لِلْمُبْدَلِ مِنْهُ لِزِيَادَةِ بَيَانِ الْمُبْدَلِ مِنْهُ اهْتِمَامًا بِهِ ، وَتَأْكِيدًا لِلْعَامِلِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=75قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ . وَمُنَاسَبَةُ الصِّرَاطِ الْمُسْتَعَارِ لِلدِّينِ الْحَقِّ ، لِاسْتِعَارَةِ الْإِخْرَاجِ وَالظُّلُمَاتِ وَالنُّورِ وَلِمَا يَتَضَمَّنُهُ مِنَ التَّمْثِيلِ ، ظَاهِرَةٌ .
وَاخْتِيَارُ وَصْفِ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ مِنْ بَيْنِ الصِّفَاتِ الْعُلَا لِمَزِيدِ مُنَاسَبَتِهَا لِلْمَقَامِ ، لِأَنَّ الْعَزِيزَ الَّذِي لَا يُغْلَبُ . وَإِنْزَالُ الْكِتَابِ بِرِهَانٌ عَلَى أَحَقِّيَّةِ مَا أَرَادَهُ اللَّهُ مِنَ النَّاسِ فَهُوَ بِهِ غَالِبٌ لِلْمُخَالِفِينَ مُقِيمٌ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ .
وَالْحَمِيدُ : بِمَعْنَى الْمَحْمُودِ ، لِأَنَّ فِي إِنْزَالِ هَذَا الْكِتَابِ نِعْمَةً عَظِيمَةً تُرْشِدُ إِلَى حَمْدِهِ عَلَيْهِ ، وَبِذَلِكَ اسْتَوْعَبَ الْوَصْفَانِ الْإِشَارَةَ إِلَى الْفَرِيقَيْنِ مِنْ كُلِّ مُنْسَاقٍ إِلَى الِاهْتِدَاءِ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ وَمِنْ مُجَادِلٍ صَائِرٍ إِلَى الِاهْتِدَاءِ بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ وَنَفَاذِ الْحِيلَةِ .