ويظهر أن هذه
السورة نزلت للرد على اليهود فيما اقترفوه من القول الشنيع في
مريم وابنها ، فكان فيها بيان نزاهة
آل عمران وقداستهم في الخير .
وهل يثبت الخطي إلا وشيجه
ثم التنويه بجمع من الأنبياء والمرسلين من أسلاف هؤلاء وقرابتهم . والإنحاء على بعض خلفهم من ذرياتهم الذين لم يكونوا على سننهم في الخير من
أهل الكتاب والمشركين وأتوا بفاحش من القول إذ نسبوا لله ولدا ، وأنكر المشركون منهم البعث وأثبت
النصارى ولدا لله تعالى .
[ ص: 59 ] والتنويه بشأن القرآن في تبشيره ونذارته . وأن الله يسره بكونه عربيا ليسر تلك اللغة .
والإنذار مما حل بالمكذبين من الأمم من الاستئصال .
واشتملت على كرامة زكرياء إذ أجاب الله دعاءه فرزقه ولدا على الكبر وعقر امرأته .
وكرامة
مريم بخارق العادة في حملها وقداسة ولدها ، وهو إرهاص لنبوءة
عيسى - عليه السلام - ، ومثله كلامه في المهد .
والتنويه
بإبراهيم ،
وإسحاق ،
ويعقوب ،
وموسى ،
وإسماعيل ،
وإدريس - عليهم السلام - .
ووصف الجنة وأهلها .
وحكاية إنكار المشركين البعث بمقالة
أبي بن خلف والعاصي بن وائل وتبجحهم على المسلمين بمقامهم ومجامعهم .
وإنذار المشركين أن أصنامهم التي اعتزوا بها سيندمون على اتخاذها .
ووعد الرسول النصر على أعدائه .
وذكر ضرب من كفرهم بنسبة الولد لله تعالى .
والتنويه بالقرآن ولملته العربية ، وأنه بشير لأوليائه ونذير بهلاك معانديه كما هلكت قرون قبلهم .
وقد تكرر في هذه السورة صفة الرحمن ست عشرة مرة ، وذكر اسم الرحمة أربع مرات ، فأنبأ بأن من مقاصدها تحقيق وصف الله
[ ص: 60 ] تعالى بصفة الرحمن . والرد على المشركين الذين تقعروا بإنكار هذا الوصف كما حكى الله تعالى عنهم في قوله في سورة الفرقان
وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن . ووقع في هذه السورة استطراد بآية
وما نتنزل إلا بأمر ربك .