صفحة جزء
أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين

أسمع بهم وأبصر صيغتا تعجب ، وهو تعجب على لسان الرسول والمؤمنين ، أو هو مستعمل في التعجيب ، والمعنيان متقاربان ، وهو مستعمل كناية أيضا عن تهديدهم ; فتعين أن التعجيب من بلوغ حالهم في السوء مبلغا يتعجب من طاقتهم على مشاهدة مناظره وسماع مكارهه . والمعنى ; ما أسمعهم وما أبصرهم في ذلك اليوم ، أي ما أقدرهم على السمع والبصر بما يكرهونه . وقريب هو من معنى قوله تعالى فما أصبرهم على النار .

وجوز أن يكون أسمع بهم وأبصر غير مستعمل في التعجب بل صادف أن جاء على صورة فعل التعجب ، وإنما هو على أصل وضعه أمر للمخاطب غير المعين بأن يسمع ويبصر بسببهم ، ومعمول السمع والبصر محذوف لقصد التعميم ليشمل كل ما يصح أن يسمع وأن يبصر . وهذا كناية عن التهديد .

وضمير الغائبين عائد إلى الذين كفروا ، أي أعجب بحالهم يومئذ من نصارى وعبدة الأصنام .

[ ص: 108 ] والاستدراك الذي أفاده قوله لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين راجع إلى ما يفيده التقييد بالظرف في قوله يوم يأتوننا من ترقب سوء حالهم يوم القيامة الذي يقتضي الظن بأنهم الآن في سعة من الحال .

فأفيد أنهم متلبسون بالضلال المبين وهو من سوء الحال لهم لما يتبعه من اضطراب الرأي والتباس الحال على صاحبه . وتلك نكتة التقييد بالظرف في قوله اليوم في ضلال مبين .

والتعبير عنهم بـ ( الظالمون ) إظهار في مقام الإضمار . ونكتته التخلص إلى خصوص المشركين لأن اصطلاح القرآن إطلاق الظالمين على عبدة الأصنام وإطلاق الظلم على عبادة الأصنام ، قال تعالى إن الشرك لظلم عظيم .

التالي السابق


الخدمات العلمية