[ ص: 88 ] [ ص: 89 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الشعراء
اشتهرت عند السلف بسورة الشعراء ؛ لأنها تفردت من بين سور القرآن بذكر كلمة الشعراء . وكذلك جاءت تسميتها في كتب السنة . وتسمى أيضا سورة طسم .
وفي أحكام
ابن العربي أنها تسمى أيضا الجامعة ، ونسبه
ابن كثير والسيوطي في الإتقان إلى تفسير
مالك المروي عنه . ولم يظهر وجه وصفها بهذا الوصف . ولعلها أول سورة جمعت ذكر الرسل أصحاب الشرائع المعلومة إلى الرسالة المحمدية .
وهي مكية ، فقيل : جميعها مكي ، وهو المروي عن
ابن الزبير . ورواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ونسبه
ابن عطية إلى الجمهور . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن قوله تعالى : (
والشعراء يتبعهم الغاوون ) إلى آخر السورة نزل
بالمدينة لذكر شعراء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=showalam&ids=144حسان بن ثابت ،
nindex.php?page=showalam&ids=82وابن رواحة ،
nindex.php?page=showalam&ids=331وكعب بن مالك وهم المعني بقوله : (
إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) الآية . ولعل هذه الآية هي التي أقدمت هؤلاء على القول بأن تلك الآيات مدنية . وعن
الداني قال : نزلت (
والشعراء يتبعهم الغاوون ) في شاعرين تهاجيا في الجاهلية .
وأقول : كان شعراء
بمكة يهجون النبيء - صلى الله عليه وسلم - منهم
النضر بن الحارث ، والعوراء بنت حرب زوج
أبي لهب ونحوهما ، وهم المراد بآيات (
والشعراء يتبعهم الغاوون ) . وكان شعراء
المدينة قد أسلموا قبل الهجرة وكان في
مكة شعراء مسلمون من الذين هاجروا إلى
الحبشة كما سيأتي .
[ ص: 90 ] وعن
مقاتل : أن قوله تعالى : (
أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل ) نزل
بالمدينة . وكان الذي دعاه إلى ذلك أن مخالطة علماء
بني إسرائيل كانت بعد الهجرة . ولا يخفى أن الحجة لا تتوقف على وقوع مخالطة علماء
بني إسرائيل ؛ فقد ذكر القرآن مثل هذه الحجة في آيات نزلت
بمكة ، من ذلك قوله : (
قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب ) في سورة الرعد وهي مكية ، وقوله : (
الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون ) في سورة القصص وهي مكية ، وقوله (
وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به ) في سورة العنكبوت وهي مكية . وشأن علماء
بني إسرائيل مشهور
بمكة ، وكان لأهل مكة صلات مع
اليهود بالمدينة ومراجعة بينهم في شأن بعثة
محمد - صلى الله عليه وسلم - كما تقدم عند قوله تعالى : (
ويسألونك عن الروح ) في سورة الإسراء ، ولذا فالذي نوقن به أن السورة كلها مكية .
وهي السورة السابعة والأربعون في عداد نزول السور نزلت بعد سورة الواقعة وقبل سورة النمل . وسيأتي في تفسير قوله تعالى : (
وأنذر عشيرتك الأقربين ) ما يقتضي أن تلك الآية نزلت قبل نزول سورة
أبي لهب وتعرضنا لإمكان الجمع بين الأقوال .
وقد جعل
أهل المدينة وأهل مكة وأهل البصرة عدد آيها مائتين وستا وعشرين ، وجعله
أهل الشام وأهل الكوفة مائتين وسبعا وعشرين .