فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين .
لما وجه الخطاب إلى النبيء صلى الله عليه وسلم من قوله :
نزل به الروح الأمين على قلبك إلى هنا ، في آيات أشادت بنزول القرآن من عند الله تعالى وحققت صدقه بأنه مذكور في كتب الأنبياء السالفين وشهد به علماء
بني إسرائيل ، وأنحى على المشركين بإبطال ما ألصقوه بالقرآن من بهتانهم ، لا جرم اقتضى ذلك ثبوت ما جاء به القرآن . وأصل ذلك هو إبطال دين الشرك الذي تقلدته
قريش وغيرها وناضلت عليه بالأكاذيب ; فناسب أن يتفرع عليه
النهي عن الإشراك بالله والتحذير منه .
فقوله :
فلا تدع مع الله إلها آخر خطاب لغير معين فيعم كل من يسمع هذا الكلام ، ويجوز أن يكون الخطاب موجها إلى النبيء صلى الله عليه وسلم ; لأنه المبلغ عن الله تعالى ، فللاهتمام بهذا النهي وقع توجيهه إلى النبيء صلى الله عليه وسلم مع تحقق أنه منته عن ذلك فتعين أن يكون النهي للذين هم متلبسون بالإشراك ، ونظير هذا قوله تعالى :
ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين . والمقصود من مثل ذلك الخطاب غيره ممن يبلغه الخطاب .
فالمعنى : فلا تدعوا مع الله إلها آخر فتكونوا من المعذبين . وفي هذا تعريض بالمشركين أنهم سيعذبون للعلم بأن النبيء صلى الله عليه وسلم وأصحابه غير مشركين .