nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=210nindex.php?page=treesubj&link=28997وما تنزلت به الشياطين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=211وما ينبغي لهم وما يستطيعون nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=212إنهم عن السمع لمعزولون .
عطف على جملة (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=192وإنه لتنزيل رب العالمين ) وما بينهما اعتراض استدعاه تناسب المعاني وأخذ بعضها بحجز بعض تفننا في الغرض . وهذا رد على
[ ص: 199 ] قولهم في النبيء صلى الله عليه وسلم هو كاهن قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=29فذكر فما أنت بنعمة ربك بكاهن ولا مجنون ، وزعمهم أن الذي يأتيه شيطان ; فقد قالت
العوراء بنت حرب امرأة
أبي لهب لما تخلف رسول الله عن قيام الليل ليلتين لمرض : أرجو أن يكون شيطانك قد تركك . ولذلك كان من جملة ما راجعهم به
الوليد بن المغيرة حين شاوره المشركون فيما يصفون النبيء صلى الله عليه وسلم وقالوا : نقول : كلامه كلام كاهن ، فقال : والله ما هو بزمزمته . وكلام الكهان في مزاعمهم من إلقاء الجن إليهم ، وإنما هو خواطر نفوسهم ينسبونها إلى شياطينهم المزعومة . نفي عن القرآن أن يكون من ذلك القبيل ، أي : الكهان لا يجيش في نفوسهم كلام مثل القرآن فما كان لشياطين الكهان أن يفيضوا على نفوس أوليائهم مثل هذا القرآن . فالكهانة من كذب الكهان وتمويههم ، وأخبار الكهان كلها أقاصيص وسعها الناقلون .
فالتعريف في ( السمع ) للعهد وهو ما يعتقده العرب من أن الشياطين تسترق السمع ، أي : تتحيل على الاتصال بعلم ما يجري في الملأ الأعلى . ذلك أن الكهان كانوا يزعمون أن الجن تأتيهم بأخبار ما يقدر في الملأ الأعلى مما سيظهر حدوثه في العالم الأرضي فلذلك نفي هنا تنزل الشياطين بكلام القرآن بناء على أن المشركين يزعمون أن الشياطين تنزل من السماء بأخبار ما سيكون . وبيان ذلك تقدم في سورة الحجر ويأتي في سورة الصافات .
ومعنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=211وما ينبغي لهم ) ما يستقيم وما يصح ، أي : لا يستقيم لهم تلقي كلام الله تعالى الذي الشأن أن يتلقاه الروح الأمين ، وما يستطيعون تلقيه ; لأن النفوس الشيطانية ظلمانية خبيثة بالذات فلا تقبل الانتقاش بصور ما يجري في عالم الغيب فإن قبول فيضان الحق مشروط بالمناسبة بين المبدأ والقابل .
فضمير ( ينبغي ) عائد إلى ما عاد عليه ضمير ( به ) ، أي : ما ينبغي القرآن لهم ، أي : ما ينبغي أن ينزلوا به كما زعم المشركون . ومفعول ( يستطيعون ) محذوف ، أي : ما يستطيعونه . وأعيدت الضمائر بصيغة العقلاء بعد أن أضمر لهم بضمير غير العقلاء في قوله ( وما تنزلت ) اعتبارا بملابسة ذلك للكهان . وقد تقدم في سورة الحجر أن صنفا من الشياطين يتهيأ للتلقي بما يسمى استراق السمع وأنه يصرف عنه بالشهب . واستؤنف ب
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=212إنهم عن السمع لمعزولون فكان
[ ص: 200 ] ذلك كالفذلكة لما قبله وهو بعمومه يتنزل منزلة التذييل .
والمعزول : المبعد عن أمر فهو في عزلة عنه . وفي هذا
nindex.php?page=treesubj&link=28689إبطال للكهانة من أصلها وهي وإن كانت فيها شيء من الاتصال بالقوى الروحية في سالف الزمان فقد زال ذلك منذ ظهور الإسلام .
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=210nindex.php?page=treesubj&link=28997وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=211وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=212إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ .
عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=192وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ اسْتَدْعَاهُ تَنَاسُبُ الْمَعَانِي وَأَخْذُ بَعْضِهَا بِحُجَزِ بَعْضٍ تَفَنُّنًا فِي الْغَرَضِ . وَهَذَا رَدٌّ عَلَى
[ ص: 199 ] قَوْلِهِمْ فِي النَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ كَاهِنٌ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=29فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ ، وَزَعْمِهِمْ أَنَّ الَّذِي يَأْتِيهِ شَيْطَانٌ ; فَقَدْ قَالَتِ
الْعَوْرَاءُ بِنْتُ حَرْبٍ امْرَأَةُ
أَبِي لَهَبٍ لَمَّا تَخَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ لَيْلَتَيْنِ لِمَرَضٍ : أَرْجُو أَنْ يَكُونَ شَيْطَانُكَ قَدْ تَرَكَكَ . وَلِذَلِكَ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ مَا رَاجَعَهُمْ بِهِ
الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ حِينَ شَاوَرَهُ الْمُشْرِكُونَ فِيمَا يَصِفُونَ النَّبِيءَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالُوا : نَقُولُ : كَلَامُهُ كَلَامُ كَاهِنٍ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ مَا هُوَ بِزَمْزَمَتِهِ . وَكَلَامُ الْكُهَّانِ فِي مَزَاعِمِهِمْ مِنْ إِلْقَاءِ الْجِنِّ إِلَيْهِمْ ، وَإِنَّمَا هُوَ خَوَاطِرُ نُفُوسِهِمْ يَنْسُبُونَهَا إِلَى شَيَاطِينِهِمُ الْمَزْعُومَةِ . نُفِيَ عَنِ الْقُرْآنِ أَنْ يَكُونَ مِنْ ذَلِكَ الْقَبِيلِ ، أَيِ : الْكُهَّانُ لَا يَجِيشُ فِي نُفُوسِهِمْ كَلَامٌ مِثْلُ الْقُرْآنِ فَمَا كَانَ لِشَيَاطِينِ الْكُهَّانِ أَنْ يُفِيضُوا عَلَى نُفُوسِ أَوْلِيَائِهِمْ مِثْلَ هَذَا الْقُرْآنِ . فَالْكَهَانَةُ مِنْ كَذِبِ الْكُهَّانِ وَتَمْوِيهِهِمْ ، وَأَخْبَارُ الْكُهَّانِ كُلُّهَا أَقَاصِيصُ وَسَّعَهَا النَّاقِلُونَ .
فَالتَّعْرِيفُ فِي ( السَّمْعِ ) لِلْعَهْدِ وَهُوَ مَا يَعْتَقِدُهُ الْعَرَبُ مِنْ أَنَّ الشَّيَاطِينَ تَسْتَرِقُ السَّمْعَ ، أَيْ : تَتَحَيَّلُ عَلَى الِاتِّصَالِ بِعِلْمِ مَا يَجْرِي فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى . ذَلِكَ أَنَّ الْكُهَّانَ كَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّ الْجِنَّ تَأْتِيهِمْ بِأَخْبَارِ مَا يُقَدَّرُ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى مِمَّا سَيَظْهَرُ حُدُوثُهُ فِي الْعَالَمِ الْأَرْضِيِّ فَلِذَلِكَ نُفِيَ هُنَا تَنَزُّلُ الشَّيَاطِينِ بِكَلَامِ الْقُرْآنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُشْرِكِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ بِأَخْبَارِ مَا سَيَكُونُ . وَبَيَانُ ذَلِكَ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْحِجْرِ وَيَأْتِي فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ .
وَمَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=211وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ ) مَا يَسْتَقِيمُ وَمَا يَصِحُّ ، أَيْ : لَا يَسْتَقِيمُ لَهُمْ تَلَقِّي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي الشَّأْنُ أَنْ يَتَلَقَّاهُ الرُّوحُ الْأَمِينُ ، وَمَا يَسْتَطِيعُونَ تَلَقِّيهِ ; لِأَنَّ النُّفُوسَ الشَّيْطَانِيَّةَ ظَلْمَانِيَّةٌ خَبِيثَةٌ بِالذَّاتِ فَلَا تَقْبَلُ الِانْتِقَاشَ بِصُوَرِ مَا يَجْرِي فِي عَالَمِ الْغَيْبِ فَإِنَّ قَبُولَ فَيَضَانِ الْحَقِّ مَشْرُوطٌ بِالْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ الْمَبْدَأِ وَالْقَابِلِ .
فَضَمِيرُ ( يَنْبَغِي ) عَائِدٌ إِلَى مَا عَادَ عَلَيْهِ ضَمِيرُ ( بِهِ ) ، أَيْ : مَا يَنْبَغِي الْقُرْآنُ لَهُمْ ، أَيْ : مَا يَنْبَغِي أَنْ يَنْزِلُوا بِهِ كَمَا زَعَمَ الْمُشْرِكُونَ . وَمَفْعُولُ ( يَسْتَطِيعُونَ ) مَحْذُوفٌ ، أَيْ : مَا يَسْتَطِيعُونَهُ . وَأُعِيدَتِ الضَّمَائِرُ بِصِيغَةِ الْعُقَلَاءِ بَعْدَ أَنْ أَضْمَرَ لَهُمْ بِضَمِيرِ غَيْرِ الْعُقَلَاءِ فِي قَوْلِهِ ( وَمَا تَنَزَّلَتْ ) اعْتِبَارًا بِمُلَابَسَةِ ذَلِكَ لِلْكُهَّانِ . وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْحِجْرِ أَنَّ صِنْفًا مِنَ الشَّيَاطِينِ يَتَهَيَّأُ لِلتَّلَقِّي بِمَا يُسَمَّى اسْتِرَاقُ السَّمْعِ وَأَنَّهُ يُصْرَفُ عَنْهُ بِالشُّهُبِ . وَاسْتُؤْنِفَ بِ
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=212إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ فَكَانَ
[ ص: 200 ] ذَلِكَ كَالْفَذْلَكَةِ لِمَا قَبْلَهُ وَهُوَ بِعُمُومِهِ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ التَّذْيِيلِ .
وَالْمَعْزُولُ : الْمُبْعَدُ عَنْ أَمْرٍ فَهُوَ فِي عُزْلَةٍ عَنْهُ . وَفِي هَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=28689إِبْطَالٌ لِلْكَهَانَةِ مَنْ أَصْلِهَا وَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الِاتِّصَالِ بِالْقُوَى الرُّوحِيَّةِ فِي سَالِفِ الزَّمَانِ فَقَدْ زَالَ ذَلِكَ مُنْذُ ظُهُورِ الْإِسْلَامِ .