قالوا نحن أولو قوة وأولو بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين .
جواب بأسلوب المحاورة فلذلك فصل ولم يعطف كما هي طريقة المحاورات . أرادوا من قولهم : نحن جماعة المملكة الذين هم من أهل الحرب . فهو من إخبار عرفاء القوم عن حال جماعتهم ومن يفوض أمرهم إليهم . والقوة : حقيقتها ومجازها تقدم عند قوله تعالى :
فخذها بقوة في سورة الأعراف . وأطلقت على وسائل القوة كما تقدم في قوله تعالى :
وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة في سورة الأنفال ، أي : وسائل القدرة على القتال والغلبة ، ومن القوة كثرة القادرين على القتال والعارفين بأساليبه .
والبأس : الشدة على العدو ، قال تعالى :
والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أي : في مواقع القتال ، وقال :
بأسهم بينهم شديد . وهذا الجواب تصريح بأنهم مستعدون للحرب للدفاع عن ملكهم وتعريض بأنهم يميلون إلى الدفع
[ ص: 265 ] بالقوة إن أراد أن يكرههم على الدخول تحت طاعته ; لأنهم حملوا ما تضمنه كتابه على ما قد يفضي إلى هذا .
ومع إظهار هذا الرأي فوضوا الأمر إلى الملكة لثقتهم بأصالة رأيها لتنظر ما تأمرهم فيمتثلونه ، فحذف مفعول ( تأمرين ) ومتعلقه لظهورهما من المقام ، والتقدير : ما تأمريننا به ، أي : إن كان رأيك غير الحرب فمري به نطعك .
وفعل ( انظري ) معلق عن العمل بما بعده من الاستفهام وهو ( ماذا تأمرين ) .
وتقدم الكلام على ( ماذا ) في قوله :
وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم في سورة النحل .