ولا يضار كاتب ولا شهيد وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم .
نهي عن المضارة وهي تحتمل أن يكون الكاتب والشهيد مصدرا للإضرار ، أو أن يكون المكتوب له والمشهود له مصدرا للإضرار ، لأن " يضار " يحتمل البناء للمعلوم وللمجهول ، ولعل اختيار هذه المادة هنا مقصود ، لاحتمالها حكمين ، ليكون الكلام موجها فيحمل على كلا معنييه لعدم تنافيهما ، وهذا من وجه الإعجاز .
والمضارة : إدخال الضرر بأن يوقع المتعاقدان الشاهدين والكاتب في الحرج والخسارة ، أو ما يجر إلى الشهادة ، وقد أخذ فقهاؤنا من هاته الآية أحكاما كثيرة تتفرع عن الإضرار ، منها ركوب الشاهد من المسافة البعيدة ، ومنها ترك استفساره بعد المدة الطويلة التي هي مظنة النسيان ، ومنها استفساره استفسارا يوقعه في الاضطراب ، ويؤخذ منها أنه ينبغي لولاة الأمور جعل جانب من مال بيت المال لدفع مصاريف انتقال الشهود وإقامتهم في غير بلدهم وتعويض ما سينالهم من ذلك الانتقال من الخسائر المالية في إضاعة عائلاتهم ، إعانة على إقامة العدل بقدر الطاقة والسعة .
[ ص: 118 ] وقوله تعالى :
وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم حذف مفعول " تفعلوا " وهو معلوم لأنه الإضرار المستفاد من " لا يضار " مثل " اعدلوا هو أقرب " والفسوق الإثم العظيم قال تعالى : بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان .