[ ص: 229 ] أغراض هذه السورة ابتدئت بالتنويه بالقرآن قال في الكشاف : أراد الله أن يقدم في عدد آلائه أول شيء ما هو أسبق قدما من ضروب آلائه وأصناف نعمائه وهي نعمة الدين فقدم من نعمة الدين ما هو أعلى مراتبها وأقصى مراقبها وهو إنعامه بالقرآن وتنزيله وتعليمه ، وأخر ذكر خلق الإنسان عن ذكره ثم أتبعه إياه ثم ذكر ما تميز به من سائر الحيوان من البيان اهـ .
وتبع ذلك من التنويه بالنبيء - صلى الله عليه وسلم - بأن الله هو الذي علمه القرآن ردا على مزاعم المشركين الذين يقولون
إنما يعلمه بشر ، وردا على مزاعمهم أن القرآن أساطير الأولين أو أنه سحر أو كلام كاهن أو شعر .
ثم التذكير بدلائل قدرة الله تعالى في ما أتقن صنعه مدمجا في ذلك التذكير بما في ذلك كله من نعم الله على الناس .
وخلق الجن وإثبات جزائهم .
والموعظة بالفناء وتخلص من ذلك إلى التذكير بيوم الحشر والجزاء . وختمت بتعظيم الله والثناء عليه .
وتخلل ذلك إدماج التنويه بشأن العدل ، والأمر بتوفية أصحاب الحقوق حقوقهم ، وحاجة الناس إلى رحمة الله فيما خلق لهم ، ومن أهمها نعمة العلم ونعمة البيان ، وما أعد من الجزاء للمجرمين ومن الثواب والكرامة للمتقين ووصف نعيم المتقين .
ومن بديع أسلوبها افتتاحها الباهر باسمه الرحمان وهي السورة الوحيدة المفتتحة باسم من أسماء الله لم يتقدمه غيره .
ومنه التعداد في مقام الامتنان والتعظيم بقوله
فبأي آلاء ربكما تكذبان إذ تكرر فيها إحدى وثلاثين مرة وذلك أسلوب عربي جليل كما سنبينه .