فيهن خيرات حسان فبأي آلاء ربكما تكذبان حور مقصورات في الخيام فبأي آلاء ربكما تكذبان لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان .
ضمير فيهن عائد إلى الجنات الأربع الجنتين الأوليين والجنتين اللتين من دونهما فيجوز أن يكون لصاحب الجنتين الأوليين جنتان أخريان فصارت له أربع جنات . ويجوز أن يكون توزيعا على من خافوا ربهم كما تقدم .
و ( خيرات ) صفة لمحذوف يناسب صيغة الوصف ، أي : نساء خيرات ، وخيرات مخفف من خيرات بتشديد الياء مؤنث خير وهو المختص بأن صفته الخير ضد الشر . وخفف في الآية طلبا لخفة اللفظ مع السلامة مع اللبس بما أتبع به ومن وصف حسان الذي هو جمع حسناء كما خفف هين ولين في قول الشاعر :
هينون لينون
ومعنى (
خيرات ) أنهن فاضلات النفس كرائم الأخلاق .
ومعنى (
حسان ) : أنهم حسان الخلق ، أي صفات الذوات .
و (
حور ) بدل من (
خيرات ) . الحور : جمع حوراء وهي ذات الحور بفتح الواو ، وهو وصف مركب من مجموع شدة بياض أبيض العين وشدة سواد أسودها وهو من محاسن النساء ، وتقدم عند قوله تعالى
وزوجناهم بحور عين في سورة الدخان .
[ ص: 274 ] ووصف نساء الجنتين الأوليين ب قاصرات الطرف . ووصف نساء الجنات الأربع بأنهن
حور مقصورات في الخيام ، فعلم أن الصفات الثابتة لنساء الجنتين واحدة .
والمقصورات : اللائي قصرت على أزواجهن لا يعدون الأنس مع أزواجهن ، وهو من صفات الترف في نساء الدنيا فهن اللائي لا يحتجن إلى مغادرة بيوتهن لخدمة أو ورد أو اقتطاف ثمار ، أي هن مخدومات مكرمات كما قال
أبو قيس بن الأسلت :
ويكرمها جاراتها فيزرنها وتعتل عن إتيانهن فتعذر
والخيام : جمع خيمة وهي البيت ، وأكثر ما تقال على البيت من أدم أو شعر تقام على العمد وقد تطلق على العمد وقد تطلق على بيت البناء .
واعترض بجملة
فبأي آلاء ربكما تكذبان بين البدل والمبدل منه وبين الصفتين لقصد التكرير في كل مكان يقتضيه .
وتقدم القول في
لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان آنفا .