أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين [ ص: 96 ] ( أم ) إضراب انتقالي ثالث إلى إبطال مستند آخر مفروض لهم في سند قولهم : إنا نعطى مثل ما يعطى المسلمون أو خيرا مما يعطونه ، وهو أن يفرض أن أصنامهم تنصرهم وتجعل لهم حظا من جزاء الخير في الآخرة .
والمعنى : بل أثبتت لهم ، أي لأجلهم ونفعهم شركاء ، أي شركاء لنا في الإلهية في زعمهم ، فحذف متعلق ( شركاء ) لشهرته عندهم فصار شركاء بمنزلة اللقب ، أي أم آلهتهم لهم فليأتوا بهم لينفعوهم يوم القيامة .
واللام في ( لهم ) لام الأجل ، أي لأجلهم بتقدير مضاف ، أي لأجل نصرهم ، فاللام كاللام في قول
أبي سفيان يوم أحد " لنا العزى ولا عزى لكم " .
وتنكير ( شركاء ) في حيز الاستفهام المستعمل في الإنكار يفيد انتفاء أن يكون أحد من الشركاء ، أي الأصنام لهم ، أي لنفعهم فيعم أصنام جميع قبائل العرب المشترك في عبادتها بين القبائل ، والمخصوصة ببعض القبائل .
وقد نقل أسلوب الكلام من الخطاب إلى الغيبة لمناسبة وقوعه بعد (
سلهم أيهم بذلك زعيم ) ؛ لأن أخص الناس بمعرفة أحقية هذا الإبطال هو النبيء - صلى الله عليه وسلم - وذلك يستتبع توجيه هذا الإبطال إليهم بطريقة التعريض .
والتفريع في قوله
فليأتوا بشركائهم تفريع على نفي أن تنفعهم آلهتهم ، فتعين أن أمر ( فليأتوا ) أمر تعجيز .
وإضافة ( شركاء ) إلى ضميرهم في قوله (
فليأتوا بشركائهم ) لإبطال صفة الشركة في الإلهية عنهم ، أي ليسوا شركاء في الإلهية إلا عند هؤلاء فإن الإلهية الحق لا تكون نسبية بالنسبة إلى فريق أو قبيلة .
ومثل هذا الإطلاق كثير في القرآن ومنه قوله
قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون .