قالوا تلك إذا كرة خاسرة .
( قالوا ) بدل اشتمال من جملة
يقولون أئنا لمردودون في الحافرة .
وأعيد فعل القول لمقاصد ؛ منها الدلالة على أن قولهم هذا في غرض آخر غير القول الأول ، فالقول الأول قصدهم منه الإنكار والإبطال ، والقول الثاني قصدوا منه الاستهزاء والتورك ; لأنهم لا يؤمنون بتلك الكرة فوصفهم إياها ب ( خاسرة ) من باب الفرض والتقدير ، أي : لو حصلت كرة لكانت خاسرة ، ومنها دفع توهم أن تكون جملة
تلك إذا كرة خاسرة استئنافا من جانب الله تعالى .
وعبر عن قولهم هذا بصيغة الماضي دون المضارع على عكس
يقولون أئنا لمردودون في الحافرة ; لأن هذه المقالة قالوها استهزاء فليست مما يتكرر منهم ، بخلاف قولهم :
أئنا لمردودون في الحافرة فإنه حجة ناهضة في زعمهم ، فهذا مما يتكرر منهم في كل مقام . وبذلك لم يكن المقصود التعجيب من قولهم هذا ; لأن التعجيب يقتضي الإنكار ، وكون كرتهم أي : عودتهم إلى الحياة عودة خاسرة أمر محقق لا ينكر ; لأنهم يعودون إلى الحياة خاسرين لا محالة .
و ( تلك ) إشارة إلى الردة المستفادة من ( مردودون ) والإشارة إليه باسم الإشارة للمؤنث للإخبار عنه بـ ( كرة ) .
و ( إذا ) جواب للكلام المتقدم ، والتقدير : إذن تلك كرة خاسرة ، فقدم ( تلك ) على حرف الجواب للعناية بالإشارة .
والكرة : الواحدة من الكر ، وهو الرجوع بعد الذهاب ، أي : رجعة .
[ ص: 72 ] والخسران : أصله نقص مال التجارة التي هي لطلب الربح ، أي : بزيادة المال ، فاستعير هنا لمصادفة المكروه غير المتوقع .
ووصف الكرة بالخاسرة مجاز عقلي للمبالغة ; لأن الخاسر أصحابها . والمعنى : إنا إذن خاسرون لتكذيبنا وتبين صدق الذي أنذرنا بتلك الرجعة .