تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله ندخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده ندخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين .
[ ص: 268 ] الإشارة إلى المعاني والجمل المتقدمة .
والحدود جمع حد ، وهو ظرف المكان الذي يميز عن مكان آخر بحيث يمنع تجاوزه ، واستعمل الحدود هنا مجازا في العمل الذي لا تحل مخالفته على طريقة التمثيل .
ومعنى
ومن يطع الله ورسوله أنه يتابع حدوده كما دل عليه قوله في مقابله
ويتعد حدوده .
قوله خالدا فيها استعمل الخلود في طول المدة . أو أريد من عصيان الله ورسوله العصيان الأتم وهو نبذ الإيمان ، لأن القوم يومئذ كانوا قد دخلوا في الإيمان ونبذوا الكفر ، فكانوا حريصين على العمل بوصايا الإسلام ، فما يخالف ذلك إلا من كان غير ثابت الإيمان إلا من تاب .
ولعل قوله
وله عذاب مهين تقسيم ، لأن العصيان أنواع : منه ما يوجب الخلود ، ومنه ما يوجب العذاب المهين ، وقرينة ذلك أن عطف
وله عذاب مهين على الخلود في النار لا يحتاج إليه إذا لم يكن مرادا به التقسيم ، فيضطر إلى جعله زيادة توكيد ، أو تقول إن محط العطف هو وصفه بالمهين لأن العرب أباة الضيم ، شم الأنوف ، فقد يحذرون الإهانة أكثر مما يحذرون عذاب النار ، ومن الأمثال المأثورة في حكاياتهم : النار ولا العار . وفي كتاب الآداب في أعجاز أبياته : والحر يصبر خوف العار للنار .
قرأ
نافع ، وابن عامر ، وأبو جعفر ( ندخله ) في الموضعين هنا بنون العظمة ، وقرأ الجمهور بياء الغيبة والضمير عائد إلى اسم الجلالة .