(
ولقد أنزلنا إليك آيات بينات ) : سبب نزولها - فيما ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني - أن
ابن صوريا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم : ما جئت بآية بينة ، فنزلت . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : قال ما جئتنا بشيء نعرفه ، وما أنزل عليك من آية فنتبعك لها ، فنزلت انتهى . ومناسبة هذه الآية لما قبلها ظاهرة ؛ لأنه لما ذكر تعالى جملا من قبائح
اليهود وذمهم على ذلك ، وكان فيما ذكر من ذلك معاداتهم
لجبريل ، فناسب ذلك إنكارهم لما نزل به
جبريل ، فأخبر الله تعالى بأن الرسول - عليه السلام - أنزل عليه آيات بينات ، وأنه لا يجحد نزولها إلا كل فاسق ، وذلك لوضوحها . والآيات البينات ، أي القرآن ، أو المعجزات المقرونة بالتحدي ، أو الإخبار عما خفي وأخفي في الكتب السالفة ، أو الشرائع ، أو الفرائض ، أو مجموع كل ما تقدم ، أقوال خمسة . والظاهر مطلق ما يدل عليه آيات بينات غير معين شيء منها ، وعبر عن وصولها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالإنزال ؛ لأن ذلك كان من علو إلى ما دونه .
(
وما يكفر بها إلا الفاسقون ) : المراد بالفاسقين هنا : الكافرون ؛ لأن كفر آيات الله تعالى هو من باب فسق العقائد ، فليس من باب فسق الأفعال . وقال
الحسن : إذا استعمل الفسق في شيء من المعاصي ، وقع على أعظمه من كفر أو غيره . انتهى . وناسب قوله بينات لفظ الكفر ، وهو التغطية ؛ لأن البين لا يقع فيه إلباس ، فعدم الإيمان به ليس لشبهة لأنه بين ، وإنما هو تغطية وستر لما هو واضح بين . وستر الواضح لا يقع إلا من متمرد في فسقه ، والألف واللام في الفاسقون ، إما للجنس ، وإما للعهد ؛ لأن سياق الآيات يدل على أن ذلك لليهود . وكنى بالفسق هنا عن الكفر ؛ لأن الفسق : خروج الإنسان عما حد له . وقد تقدم قول الحسن أنه يدل على أعظم ما يطلق عليه ، فكأنه قيل : وما يكفر بها إلا المبالغ في كفره ، المنتهي فيه إلى أقصى غاية . وإلا الفاسقون : استثناء مفرغ ، إذ تقديره : وما يكفر بها أحد ، فنفى أن يكفر بالآيات الواضحات أحد . ثم استثنى الفساق من أحد ، وأنهم يكفرون بها . ويجوز في مذهب
الفراء أن ينصب في نحو من هذا الاستثناء ، فأجاز : ما قام إلا
زيدا ، على مراعاة ذلك المحذوف ، إذ لو كان لم يحذف لجاز النصب ، ولا يجيز ذلك البصريون .