(
الذين يؤمنون بالغيب ) الإيمان : التصديق ، (
وما أنت بمؤمن لنا ) ، وأصله من الأمن أو الأمانة ، ومعناهما الطمأنينة ، أمنه : صدقه ، وأمن به : وثق به ، والهمزة في أمن للصيرورة كأعشب ، أو لمطاوعة فعل كأكب ، وضمن معنى الاعتراف أو الوثوق فعدي بالباء ، وهو يتعدى بالباء واللام (
فما آمن لموسى ) ، والتعدية باللام في ضمنها تعد بالباء ، فهذا فرق ما بين التعديتين . الغيب : مصدر غاب يغيب إذا توارى ، وسمي المطمئن من الأرض غيبا لذلك ، أو فعيل من غاب فأصله غيب ، وخفف نحو لين في لين ، والفارسي لا يرى ذلك قياسا في ذوات الياء ، فلا يجيز في لين التخفيف ويجيزه في ذوات الواو ، ونحو : سيد وميت ، وغيره قاسه فيهما .
وابن مالك وافق
أبا علي في ذوات الياء ، وخالف
الفارسي في ذوات الواو ، فزعم أنه محفوظ لا مقيس ، وتقرير هذا في علم التصريف .
(
ويقيمون الصلاة ) والإقامة : التقويم ، أقام العود قومه ، أو الإدامة ، أقامت الغزالة سوق الضراب ، أي أدامتها من قامت السوق ، أو التشمر والنهوض من قام بالأمر ، والهمزة في أقام للتعدية . الصلاة : فعلة ، وأصله الواو لاشتقاقه من الصلى ، وهو عرق متصل بالظهر يفترق من عند عجب الذنب ، ويمتد منه عرقان ، في كل ورك عرق ، يقال لهما الصلوان ، فإذا ركع المصلي انحنى صلاه وتحرك فسمي بذلك مصليا ، ومنه أخذ المصلي في سبق الخيل لأنه يأتي مع صلوي السابق . قال
ابن عطية : فاشتقت الصلاة منه إما لأنها جاءت ثانية الإيمان فشبهت بالمصلى من الخيل ، وإما لأن الراكع والساجد ينثني صلواه ، والصلاة حقيقة شرعية تنتظم من أقوال وهيئات مخصوصة ، وصلى فعل الصلاة ، وأما صلى دعا فمجاز وعلاقته تشبيه الداعي في التخشع والرغبة بفاعل الصلاة ، وجعل
ابن عطية الصلاة مما أخذ من صلى بمعنى دعا ، كما قال :
عليك مثل الذي صليت فاغتمضي نوما فإن لجنب المرء مضطجعا .
وقال :
لها حارس لا يبرح الدهر بيتها وإن ذبحت صلى عليها وزمزما .
قال : فلما كانت الصلاة في الشرع دعاء ، وانضاف إليه هيئات وقراءة ، سمي جميع ذلك باسم الدعاء ، والقول إنها من الدعاء أحسن ، انتهى كلامه . وقد ذكرنا أن ذلك مجاز عندنا ، وذكرنا العلاقة بين الداعي وفاعل الصلاة . ومن حرف جر ، وزعم
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي أن أصلها منا مستدلا بقول بعض
قضاعة :
بذلنا مارن الخطي فيهم وكل مهند ذكر حسام
منا أن ذر قرن الشمس حتى أغاث شريدهم فنن الظلام
[ ص: 39 ] وتأول
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابن جني - رحمه الله - على أنه مصدر على فعل من منى يمنى أي قدر . واغتر بعضهم بهذا البيت فقال : وقد يقال منا . وقد تكون لابتداء الغاية وللتبعيض ، وزائدة وزيد لبيان الجنس ، وللتعليل ، وللبدل ، وللمجاوزة والاستعلاء ، ولانتهاء الغاية ، وللفصل ، ولموافقة الباء ، ولموافقة في ( مثل ذلك ) : سرت من
البصرة إلى
الكوفة ، أكلت من الرغيف ، ما قام من رجل ، (
يحلون فيها من أساور من ذهب ) ، (
في آذانهم من الصواعق ) ، (
بالحياة الدنيا من الآخرة ) ، (
غدوت من أهلك ) ، قربت منه ، (
ونصرناه من القوم ) ، (
يعلم المفسد من المصلح ) (
ينظرون من طرف خفي ) (
ماذا خلقوا من الأرض ) . ما تكون موصولة ، واستفهامية ، وشرطية ، وموصوفة ، وصفة ، وتامة . مثل ذلك : (
ما عندكم ينفد ) (
مال هذا الرسول ) ، (
ما يفتح الله للناس من رحمة ) ، مررت بما معجب لك ، لأمر ما جدع قصير أنفه ، ما أحسن
زيدا .
(
رزقناهم ) الرزق : العطاء ، وهو الشيء الذي يرزق كالطحن ، والرزق المصدر ، وقيل : الرزق أيضا مصدر رزقته أعطيته ، (
ومن رزقناه منا رزقا حسنا ) ، وقال :
رزقت مالا ولم ترزق منافعه إن الشقي هو المحروم ما رزقا
وقيل : أصل الرزق الحظ ، ومعاني فعل كثيرة ذكر منها : الجمع ، والتفريق ، والإعطاء ، والمنع ، والامتناع ، والإيذاء ، والغلبة ، والدفع ، والتحويل ، والتحول ، والاستقرار ، والسير ، والستر ، والتجريد ، والرمي ، والإصلاح ، والتصويت ( مثل ذلك ) : حشر ، وقسم ، ومنح ، وغفل ، وشمس ، ولسع ، وقهر ، ودرأ ، وصرف ، وظعن ، وسكن ، ورمل ، وحجب ، وسلخ ، وقذف ، وسبح ، وصرخ . وهي هنا للإعطاء نحو : نحل ، ووهب ، ومنح .
(
ينفقون ) الإنفاق : الإنفاذ ، أنفقت الشيء وأنفذته بمعنى واحد ، والهمزة للتعدية ، يقال نفق الشيء نفذ ، وأصل هذه المادة تدل على الخروج والذهاب ، ومنه نافق والنافقاء ونفق .