(
ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا ) ذكر في سبب نزولها قصص طويل ملخصه : أن
أبا بردة الأسلمي كان كاهنا يقضي بين اليهود ، فتنافر إليه نفر من أسلم ، أو أن
قيسا الأنصاري أحد من يدعي الإسلام ، ورجلا من اليهود تداعيا إلى الكاهن ، وتركا الرسول صلى الله عليه وسلم بعدما دعا اليهودي إلى الرسول والأنصاري يأبى إلا الكاهن . أو أن منافقا ويهوديا اختصما ؛ فاختار اليهودي الرسول صلى الله عليه وسلم ، واختار المنافق
كعب بن الأشرف ؛ فأبى اليهودي ، وتحاكما إلى الرسول فقضى لليهودي ، فخرجا ولزمه المنافق ، وقال : ننطلق إلى
عمر ، فانطلقا إليه فقال اليهودي : قد تحاكمنا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، فلم يرض بقضائه ، فأقر المنافق بذلك عند
عمر ، فقتله
عمر ، وقال : هكذا أقضي فيمن لم يرض بقضاء الله ، وقضاء رسوله .
ومناسبة هذه الآية لما قبلها
[ ص: 280 ] ظاهرة ; لأنه تعالى لما أمر المؤمنين بطاعة الله ورسوله ، وأولي الأمر ذكر أنه يعجب بعد ورود هذا الأمر من حال من يدعي الإيمان ، ويريد أن يتحاكم إلى الطاغوت ، ويترك الرسول . وظاهر الآية يقتضي أن تكون نزلت في المنافقين ; لأنه قال : يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك ، وما أنزل من قبلك ؛ فلو كانت في يهود أو في مؤمن ويهودي كان ذلك بعيدا من لفظ الآية ، إلا إن حمل على التوزيع ؛ فيجعل بما أنزل إليك في منافق ، وما أنزل من قبلك في يهودي ، وشملوا في ضمير (
يزعمون ) فيمكن . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : نزلت في المنافقين من
قريظة والنضير ، تفاخروا بسبب تكافؤ دمائهم ; إذ كانت النضير في الجاهلية تدي من قتلت ، وتستقيه إذا قتلت
قريظة منهم ، فأبت
قريظة لما جاء الإسلام ، وطلبوا المنافرة ، فدعا المؤمنون منهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ودعا المنافقون إلى بردة الكاهن فنزلت . وقال
الحسن : احتكم المنافقون بالقداح التي يضرب بها عند الأوثان فنزلت . أو لسبب اختلافهم في أسباب النزول اختلفوا في الطاغوت . فقيل
كعب بن الأشرف . وقيل الأوثان ، وقيل ما عبد من دون الله ، وقيل الكهان .