[ ص: 81 ] الفرع السابع عشر : اعلم أن العلماء اختلفوا في التطيب عند إرادة الإحرام قبله بحيث يبقى أثر الطيب ، وريحه أو عينه بعد التلبس بالإحرام ، هل يجوز ذلك لأنه وقت الطيب غير محرم ، والدوام على الطيب ، ليس كابتدائه كالنكاح عند من يمنعه في حال الإحرام ، مع إباحة الدوام على نكاح مقعود ، قبل الإحرام أو لا يجوز ذلك ; لأن وجود ريح الطيب ، أو عينه ، أو أثره في المحرم بعد إحرامه كابتدائه للتطيب ; ولأنه متلبس حال الإحرام بالطيب ، مع أن الطيب منهي عنه في الإحرام ، فقال جماهير من أهل العلم : إن الطيب عند إرادة الإحرام مستحب . قال
النووي في " شرح المهذب " : قد ذكرنا أن مذهبنا استحبابه ، وبه قال جمهور العلماء من السلف والخلف والمحدثين والفقهاء منهم :
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
وابن الزبير ،
ومعاوية ،
وعائشة ،
nindex.php?page=showalam&ids=10583وأم حبيبة ،
وأبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ،
وأبو يوسف ،
وأحمد ،
وإسحاق ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ،
وابن المنذر ،
وداود وغيرهم ، ا هـ .
وقال
النووي في " شرح
مسلم " : وبه قال خلائق من الصحابة والتابعين وجماهير الفقهاء والمحدثين منهم :
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس إلى آخره ، كما في " شرح المهذب " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13439ابن قدامة في " المغني " في شرحه لقول
الخرقي : ويتطيب .
وجملة ذلك أنه
يستحب لمن أراد الإحرام أن يتطيب في بدنه خاصة ، ولا فرق بين ما يبقى عينه كالمسك والغالية ، أو أثره كالعود والبخور وماء الورد ، هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
وابن الزبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=37وسعد بن أبي وقاص وعائشة ،
nindex.php?page=showalam&ids=10583وأم حبيبة ،
ومعاوية ، وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12691محمد ابن الحنفية ،
nindex.php?page=showalam&ids=44وأبي سعيد الخدري ،
وعروة ،
والقاسم ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج . انتهى محل الغرض منه .
وقال جماعة آخرون من أهل العلم : لا يجوز التطيب عند إرادة الإحرام ، فإن فعل ذلك لزمه غسله حتى يذهب أثره وريحه ، وهذا هو مذهب مالك .
وقال
النووي في " شرح
مسلم " : وقال آخرون بمنعه منهم :
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ،
ومالك ،
ومحمد بن الحسن ، وحكي أيضا عن جماعة من الصحابة والتابعين ، ا هـ .
وقال في " شرح المهذب " : وقال
عطاء nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ومالك ومحمد بن الحسن : يكره .
[ ص: 82 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض : وحكي أيضا عن جماعة من الصحابة والتابعين ، ا هـ .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13439ابن قدامة في " المغني " : وكان
عطاء يكره ذلك ، وهو قول
مالك ، وروي ذلك عن
عمر وعثمان ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر - رضي الله عنهم - ، ا هـ .
وإذا علمت أقوال أهل العلم في هذه المسألة : فهذه أدلتهم ومناقشتها وما يظهر رجحانه بالدليل منها .
أما الذين منعوا ذلك : فقد احتجوا بحديث
nindex.php?page=showalam&ids=120يعلى بن أمية التميمي - رضي الله عنه - وهو متفق عليه . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه ، قال
أبو عاصم : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، أخبرني
عطاء : أن
nindex.php?page=showalam&ids=90صفوان بن يعلى أخبره :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008873أن يعلى قال لعمر - رضي الله عنه - : أرني النبي - صلى الله عليه وسلم - حين يوحى إليه ، قال : فبينما النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجعرانة ، ومعه نفر من أصحابه ، جاء رجل فقال : يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : كيف ترى في رجل أحرم بعمرة ، وهو متضمخ بطيب ؟ فسكت النبي - صلى الله عليه وسلم - ساعة ، فجاءه الوحي فأشار عمر - رضي الله عنه - إلى يعلى ، فجاء يعلى ، وعلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثوب ، وقد أظل به ، فأدخل رأسه فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محمر الوجه ، وهو يغط ، ثم سري عنه فقال : " أين الذي سأل عن العمرة " فأوتي برجل فقال : " اغسل الطيب الذي بك ثلاث مرات ، وانزع عنك الجبة ، واصنع في عمرتك كما تصنع في حجتك " قلت
لعطاء : أراد الإنقاء حين أمره أن يغسل ثلاث مرات ؟ قال : نعم . انتهى من صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري قالوا : فهذا الحديث الصحيح صرح فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - بغسل الطيب الذي تضمخ به قبل الإحرام ، وأمر بإنقائه كما قاله
عطاء ، ولا شك أن هذا الحديث يقتضي أن الطيب في بدنه إذ لو كان في الجبة ، دون البدن لكفى نزع الجبة كما ترى ، خلافا لما توهمه ترجمة الحديث الذي ترجمه بها
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وهي قوله : باب غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب . وقول
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في أول هذا الإسناد : قال
أبو عاصم : قد قدمنا الكلام على مثله مستوفى وبينا أنه صحيح ، سواء قلنا : إنه موصول كما هو الصحيح ، أو معلق ; لأنه أورده بصيغة الجزم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا في صحيحه : في أبواب العمرة : حدثنا
أبو نعيم ، حدثنا
همام ، حدثنا
عطاء قال : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=90صفوان بن يعلى بن أمية : يعني عن أبيه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008874أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بالجعرانة وعليه جبة ، وعليه أثر الخلوق ، أو قال صفرة ، فقال : كيف [ ص: 83 ] تأمرني أن أصنع في عمرتي ؟ فأنزل الله على النبي - صلى الله عليه وسلم - فستر بثوب ، ووددت أني رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد أنزل عليه الوحي ، فقال عمر : تعال أيسرك أن تنظر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد أنزل الله الوحي ؟ قلت : نعم ، فرفع طرف الثوب ، فنظرت إليه له غطيط : وأحسبه قال : كغطيط البكر ، فلما سري عنه قال : " أين السائل عن العمرة ، اخلع عنك الجبة ، واغسل أثر الخلوق عنك ، وأنق الصفرة واصنع في عمرتك كما تصنع في حجتك " انتهى منه . وقوله في هذا الحديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008875اخلع عنك الجبة واغسل أثر الخلوق وأنق الصفرة " صريح في أن غسل ذلك وإنقاءه من بدنه ; لأن ما في الجبة من الخلوق ، والصفرة يزول بخلعها كما ترى .
وقال
مسلم في صحيحه : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16131شيبان بن فروخ ، حدثنا
همام ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=90صفوان بن يعلى بن أمية ، عن أبيه - رضي الله عنه - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008876جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بالجعرانة عليه جبة ، وعليها خلوق أو قال : أثر صفرة . فقال : كيف تأمرني أن أصنع في عمرتي ؟ قال : وأنزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - الوحي ، فستر بثوب وكان يعلى يقول : وددت أن أرى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد نزل عليه الوحي ، قال : فقال : أيسرك أن تنظر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد أنزل عليه الوحي ؟ قال : فرفع عمر طرف الثوب ، فنظرت إليه له غطيط قال : وأحسبه قال : كغطيط البكر . قال : فلما سري عنه قال : " أين السائل عن العمرة ؟ : اغسل عنك أثر الصفرة " أو قال : " أثر الخلوق - واخلع عنك جبتك ، واصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك " .
وفي لفظ في صحيح
مسلم عن
يعلى قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008877أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل ، وهو بالجعرانة ، وأنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - وعليه مقطعات - يعني جبة - وهو متضمخ بالخلوق فقال : إني أحرمت بالعمرة ، وعلي هذا ، وأنا متضمخ بخلوق ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : " ما كنت صانعا في حجك ؟ " قال : أنزع عني هذه الثياب ، وأغسل عني هذا الخلوق ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : " ما كنت صانعا في حجك ، فاصنعه في عمرتك " وفي لفظ في صحيح
مسلم ، عن
يعلى ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008878أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات ، وأما الجبة فانزعها ، ثم اصنع في عمرتك ما تصنع في حجك " وفي لفظ في صحيح
مسلم عن
يعلى - رضي الله عنه - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008879أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بالجعرانة قد أهل بالعمرة ، وهو مصفر لحيته ورأسه ، وعليه جبة ، فقال يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إني أحرمت بعمرة ، وأنا كما ترى فقال : " انزع عنك الجبة ، واغسل عنك الصفرة ، وما كنت صانعا في حجك ، فاصنعه في عمرتك " . وفي لفظ في صحيح
مسلم عن
يعلى أيضا قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008880انزع عنك جبتك واغسل أثر الخلوق الذي بك ، [ ص: 84 ] وافعل في عمرتك ما كنت فاعلا في حجك " انتهى من صحيح
مسلم .
قالوا : فهذه الروايات الصحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : فيها التصريح بأن من تضمخ بالطيب قبل إحرامه لا يجوز له الدوام على ذلك ، بل يجب غسله ثلاثا ، وإنقاؤه ، ولا شك أن بعض الروايات الصحيحة التي أوردنا صريحة في ذلك . وهذا هو حجة
مالك ومن ذكرنا معه من أهل العلم في وجوب إزالة المحرم الطيب ، الذي تلبس به قبل إحرامه .
وروى
مالك في " الموطأ " عن
حميد بن قيس ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008881أن أعرابيا جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بحنين ، وعلى الأعرابي قميص ، وبه أثر صفرة فقال : يا رسول الله ، إني أهللت بعمرة ، فكيف تأمرني أن أصنع ؟ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " انزع قميصك ، واغسل هذه الصفرة عنك ، وافعل في عمرتك ما تفعل في حجتك " ، ا هـ .
والذين قالوا بهذا قالوا : يعتضد حديث
يعلى المتفق عليه ببعض الآثار الواردة عن بعض الصحابة - رضي الله عنهم - كما أشرنا إليه غير بعيد ، وقد روى
مالك في " الموطأ " ، عن
نافع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12313أسلم مولى عمر بن الخطاب : أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وجد ريح طيب ، وهو بالشجرة ، فقال : ممن ريح هذا الطيب ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية بن أبي سفيان : مني يا أمير المؤمنين ، فقال منك لعمر الله فقال
معاوية : إن
أم حبيبة طيبتني يا أمير المؤمنين ، فقال
عمر : عزمت عليك لترجعن فلتغسلنه .
وروى
مالك في " الموطأ " عن
الصلت بن زيد عن غير واحد من أهله : أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وجد ريح طيب وهو بالشجرة ، وإلى جنبه
كثير بن الصلت ، فقال
عمر : ممن ريح هذا الطيب ؟ فقال
كثير : مني يا أمير المؤمنين ، لبدت رأسي ، وأردت ألا أحلق ، فقال
عمر : فاذهب إلى شربة فادلك رأسك ، حتى تنقيه ، ففعل
كثير بن الصلت . قال
مالك : الشربة حفير تكون عند أصل النخلة . انتهى من " الموطأ " .
قالوا : ففعل هذا الخليفة الراشد في زمن خلافته مطابق لما تضمنه حديث
nindex.php?page=showalam&ids=120يعلى بن أمية المتفق عليه ، فتبين بذلك أنه غير منسوخ ، وذكر
الزرقاني في " شرح الموطأ " : أن
عمر أنكر أيضا ذلك على
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب ، وقال : إنه رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=15547بشير بن يسار ، كما أنكر على
معاوية وكثير المذكورين ، قال : فهذا
عمر قد أنكر على صحابيين ، وتابعي كبير الطيب بمحضر الجمع الكثير من الناس صحابة وغيرهم ، وما أنكر عليه منهم أحد ، فهو من أقوى الأدلة على تأويل حديث
عائشة ، ثم ذكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن
شعبة ، عن
سعد بن إبراهيم ، عن أبيه : أن
عثمان رأى رجلا قد تطيب عند الإحرام ، فأمره أن يغسل رأسه بطين ، ا هـ .
[ ص: 85 ] وقد ثبت في صحيح
مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : أن
محمد بن المنتشر سأله عن الرجل يتطيب ، ثم يصبح محرما ، فقال : " ما أحب أن أصبح محرما أنضخ طيبا ، لأن أطلى بقطران أحب إلي من أن أفعل ذلك " . هذا لفظ
مسلم في صحيحه . وفيه بعده رد
عائشة على
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى .
فحديث
يعلى المتفق عليه ، والآثار التي ذكرنا عن بعض الصحابة ، ومنها ما لم نذكره هو حجة
مالك ، ومن ذكرنا معه في منع التطيب قبل الإحرام ، ووجوب غسله ، وإنقائه إن فعل ذلك ، ولا فدية فيه عندهم مطلقا ، وذكر بعضهم : أن المشهور عن
مالك : الكراهة لا التحريم .
واحتج الجمهور القائلون باستحباب التطيب عند الإحرام بما رواه الشيخان وغيرهما ، عن
عائشة - رضي الله عنها - وبعض الآثار الدالة على ذلك ، عن بعض الصحابة - رضي الله عنهم - . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه : حدثنا
عبد الله بن يوسف ، أخبرنا
مالك ، عن
عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه عن
عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008882قالت : كنت أطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه حين يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت . وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : قبل هذا الحديث متصلا به من طريق
الأسود ، عن
عائشة - رضي الله عنها - قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008883كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفارق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم . وقد ذكرنا هذا الحديث في الكلام على التحلل الأول .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري - رحمه الله - في صحيحه : حدثنا
علي بن عبد الله ، حدثنا
سفيان ، حدثنا
عبد الرحمن بن القاسم : أنه سمع أباه وكان أفضل أهل زمانه يقول : سمعت
عائشة - رضي الله عنها - تقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008884طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي هاتين حين أحرم ، ولحله حين أحل قبل أن يطوف ، وبسطت يديها انتهى منه .
وقال
مسلم - رحمه الله - في صحيحه : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16984محمد بن عباد ، أخبرنا
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن
عروة ، عن
عائشة - رضي الله عنها - قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008885طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحرمه ، حين أحرم ، ولحله قبل أن يطوف بالبيت . وفي لفظ
لمسلم عنها من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008886طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي ، لحرمه حين أحرم ، ولحله حين أحل ، قبل أن يطوف بالبيت . وفي لفظ عند
مسلم عنها قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008887كنت أطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه ، قبل أن يحرم ، ولحله قبل أن يطوف بالبيت . وفي لفظ عنها عند
مسلم قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008888طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي بذريرة في حجة الوداع ، للحل والإحرام .
[ ص: 86 ] وفي النهاية : الذريرة : نوع من الطيب مجموع من أخلاط . وقال
السيوطي في تلخيصه للنهاية : وقيل هي فتات قصب ، وقال
النووي في " شرح
مسلم " : هي فتات قصب طيب ، يجاء به من الهند ، وقد قدمنا في سورة " الأنعام " أن الذريرة قصب يجاء به من الهند كقصب النشاب أحمر يتداوى به . وفي لفظ عند
مسلم أيضا ، عن
عروة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008889سألت عائشة - رضي الله عنها - بأي شيء طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند إحرامه ؟ قالت : بأطيب الطيب ، وفي لفظ : بأطيب ما أقدر عليه ، قبل أن يحرم ، ثم يحرم . وفي لفظ : بأطيب ما وجدت . وفي لفظ عنها قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008890كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم ، وفي لفظ عنها قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008891لكأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفارق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يهل . وفي لفظ : وهو يلبي . والألفاظ المماثلة لهذا متعددة في صحيح
مسلم عنها - رضي الله عنها - وفي لفظ عنها قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008892كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يحرم ، يتطيب بأطيب ما يجد ، ثم أرى وبيص الدهن في رأسه ولحيته . وفي لفظ عنها قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008893كنت أطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يحرم ، ويوم النحر ، قبل أن يطوف بالبيت بطيب فيه مسك . وفي صحيح
مسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008894أن عائشة لما بلغها قول nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر المتقدم : لأن أطلى بقطران أحب إلي من أن أفعل ذلك ، قالت : أنا طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند إحرامه ، ثم طاف في نسائه ، ثم أصبح محرما ، ا هـ . كل هذه الألفاظ في صحيح
مسلم . قالوا فهذا الحديث الذي اتفق عليه الشيخان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=25أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - دليل صحيح صريح في مشروعية الطيب قبل الإحرام ، وإن كان أثره باقيا بعد الإحرام ، بل ولو بقي عينه وريحه ; لأن رؤيتها وبيص الطيب في مفارقه - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم صريح في ذلك ، قالوا : وقد وردت آثار عن بعض الصحابة بذلك ، تدل على عدم خصوصية ذلك برسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
قال صاحب نصب الراية : وقيل إن ذلك من خواصه - صلى الله عليه وسلم - وفيه نظر ، فقد رئي
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس محرما ، وعلى رأسه مثل الرب من الغالية . وقال
مسلم بن صبح : رأيت
ابن الزبير ، وهو محرم ، وفي رأسه ولحيته من الطيب ما لو كان لرجل أعد منه رأس مال . انتهى منه .
فهذا الحديث ، وهذه الآثار : حجة من قال : بالتطيب قبل الإحرام ، ولو كان الطيب يبقى بعد الإحرام .
وإذا عرفت أقوال أهل العلم وحججهم في هذه المسألة فهذه مناقشة أقوالهم : اعلم أن
المالكية ، ومن وافقهم أجابوا عن حديث
عائشة المذكور بأجوبة :
منها : أنهم حملوه على أنه تطيب ، ثم اغتسل بعده ، فذهب الطيب قبل الإحرام ،
[ ص: 87 ] قالوا : ويؤيد هذا قولها في الرواية الأخرى : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008895طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند إحرامه ثم طاف على نسائه ، ثم أصبح محرما " فظاهره أنه إنما تطيب لمباشرة نسائه ثم زال بالغسل بعده ، لا سيما وقد نقل أنه كان يتطهر من كل واحدة قبل الأخرى ، ولا يبقى مع ذلك طيب ، ويكون قولها : ثم أصبح ينضح طيبا : أي قبل غسله ، وقد سبق في رواية
لمسلم : أن ذلك الطيب كان ذريرة وهي مما يذهبه الغسل ، قالوا : وقولها :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008883كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفارق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم ، المراد به : أثره لا جرمه قاله :
nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض . وقال
ابن العربي : ليس في شيء من طرق حديث
عائشة : أن عين الطيب بقيت .
ومنها : أن ذلك التطيب خاص به - صلى الله عليه وسلم - .
ومنها : أن الدوام على الطيب بعد الإحرام كابتداء الطيب في الإحرام ، بجامع الاستمتاع بريح الطيب في حال الإحرام ، في كل منهما قالوا : ومما يؤيد أن ذلك التطيب خاص به - صلى الله عليه وسلم - : أنه لو كان مشروعا لعامة الناس لما أنكره
عمر ،
وعثمان ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر مع علمهم بالمناسك وجلالتهم في الصحابة . ولم ينكر عليهم أحد إلا ما أنكرت
عائشة على
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ولما أنكره
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ،
وعطاء مع علمهما بالمناسك .
ومنها : أن حديث
عائشة المذكور يقتضي إباحة الطيب ، لمن أراد الإحرام ، وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=120يعلى بن أمية : يقتضي منع ذلك ، والمقرر في الأصول : أن
الدال على المنع مقدم على الدال على الإباحة ; لأن ترك مباح أهون من ارتكاب حرام .
ومنها : أن حديث
يعلى من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - بلفظه الصريح في الأمر بإزالة الطيب ، وإنقائه من البدن ، وظاهره العموم لما قدمنا أن خطاب الواحد يعم حكمه الجميع لاستواء الجميع في التكليف ، والعموم القولي لا يعارضه فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ; لأنه مخصص له كما تقرر في الأصول ، كما أوضحناه سابقا ، وإليه الإشارة بقول صاحب " مراقي السعود " :
في حقه القول بفعل خصا إن يك فيه القول ليس نصا
فهذا هو حاصل ما أجاب به القائلون بمنع التطيب ، عند إرادة الإحرام أو كراهته . وأجاب القائلون بمنع ذلك كله قالوا : دعوى أن التطيب للنساء لا الإحرام ، يرده صريح الحديث في قولها : طيبته لا لإحرامه ، يرده صريح الحديث في قولها : طيبته لإحرامه ، وادعاء أن اللام للتوقيت ، خلاف الظاهر قالوا : وادعاء أن الطيب زال بالغسل قبل الإحرام ترده الروايات الصريحة عن
عائشة : أنها كأنها تنظر إلى وبيص الطيب في مفرقه - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم ; لأن الوبيص في اللغة : البريق ، واللمعان ، وهو
[ ص: 88 ] وصف وجودي ، والوصف الوجودي : لا يوصف به المعدوم ، وإنما يوصف به الموجود . فدل على أن الطيب الموصوف بالوبيص موجود بعينه ، وهو يرد قول
ابن العربي أنه لم يرد في شيء من طرق حديث
عائشة أن عين الطيب بقيت .
ويؤيده ما رواه
أبو داود في سننه : حدثنا
الحسين بن الجنيد الدامغاني : ثنا
أبو أسامة ، قال : أخبرني
عمر بن سويد الثقفي ، قال : حدثتني
nindex.php?page=showalam&ids=16270عائشة بنت طلحة : أن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - حدثتها قالت : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008896كنا نخرج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة . فنضمد جباهنا بالسك المطيب عند الإحرام ، فإذا عرقت إحدانا سال على وجهها ، فيراه النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا ينهانا " انتهى منه والسك بضم السين ، وتشديد الكاف : نوع من الطيب ، يضاف إلى غيره من الطيب ، ويستعمل .
وقال
الشوكاني في " نيل الأوطار " في حديث
أبي داود هذا : سكت عنه
أبو داود ،
والمنذري ، وإسناده رواته ثقات إلا
الحسين بن الجنيد شيخ أبي داود ، وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : لا بأس به ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في الثقات : مستقيم الأمر فيما يروي ، ا هـ . وقال فيه
ابن حجر في " التقريب " : لا بأس به ، وقال فيه : في " تهذيب التهذيب " : قال
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : لا بأس به . وذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في " الثقات " . وقال : من
أهل سمنان : مستقيم الأمر فيما يروي .
قلت : وقال
أحمد بن حمدان العابدي ، ثنا
الحسين بن الجنيد ، وكان رجلا صالحا ، وقال :
nindex.php?page=showalam&ids=17087مسلمة بن القاسم ثقة انتهى منه .
وبما ذكرنا تعلم أن حديث
عائشة المذكور عند
أبي داود أقل درجاته أنه حسن ، وقال فيه
النووي في " شرح المهذب " : هذا حديث
حسن ، رواه
أبو داود بإسناد حسن انتهى منه ، وهو حجة في جواز بقاء عين الطيب في المحرم بعد الإحرام ، إن كان استعماله للطيب ، قبل الإحرام .
قال في " القاموس " : والسك بالضم طيب ، يتخذ من الرامك مدقوقا منخولا معجونا بالماء ، ويعرك شديدا ، ويمسح بدهن الخيري لئلا يلصق بالإناء ، ويترك ليلة ثم يسحق السك ويلقمه ويعرك شديدا ويقرص ويترك يومين ، ثم يثقب بمسلة وينظم في خيط قنب ، ويترك سنة ، وكلما عتق طابت رائحته انتهى منه . وقال أيضا : والرامك كصاحب : شيء أسود يخلط بالمسك ، ويفتح انتهى منه . ولا يخفى أن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما كن يضمدن به جباههن في حال كونه معجونا ، قبل أن يقرص ويجف .
[ ص: 89 ] وقال
ابن منظور في " اللسان " : والسك ضرب من الطيب يركب من مسك ورامك ، وقال في " اللسان " أيضا
nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده : والرامك والرامك والكسر أعلى شيء أسود كالقار يخلط بالمسك فيجعل سكا ، قال :
إن لك الفضل على صحبتي والمسك قد يستصحب الرامكا
وأجابوا عن كون التطيب المذكور خاصا به - صلى الله عليه وسلم - : بأن حديث
عائشة هذا نص في عدم خصوص ذلك به - صلى الله عليه وسلم - وعضدوه بالآثار المروية عن بعض الصحابة كما تقدم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
وابن الزبير قالوا : وإنكار
عمر وعثمان لا يعارض المرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ; لأن سنته أولى بالاتباع من قول كل صحابي ، مع أنهم خالفهم بعض الصحابة .
وقد ثبت في صحيح
مسلم : أن
عائشة أنكرت ذلك على
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله عنهم - . وأجابوا عن كون حديث
يعلى ، كالعموم القولي ، فلا يعارضه فعله - صلى الله عليه وسلم - بل يخصص به بما ذكرناه آنفا من الأدلة على أن ذلك الفعل الذي هو التطيب قبل الإحرام ، ليس خاصا به كما دل عليه حديث
عائشة المذكور آنفا . وقولها في الصحيح : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008897طيبته بيدي هاتين " . صريح في أنها شاركته في ملامسة ذلك الطيب ، كما ترى .
وأجابوا عن كون حديث
يعلى : دالا على المنع ، وحديث
عائشة : دالا على الجواز . والدال على المنع مقدم على الدال على الجواز ، بأن محل ذلك فيما إذا جهل المتقدم منهما . أما إذا علم المتقدم ، فإنه يجب الأخذ بالمتأخر ; لأنهم كانوا يأخذون بالأحدث فالأحدث ، وقصة
يعلى وقعت
بالجعرانة عام ثمان بلا خلاف ، وحديث
عائشة في حجة الوداع عام عشر ومن المقرر في الأصول : أن النصين إذا تعارضا وعلم المتأخر منهما فهو ناسخ للأول ، كما هو معلوم في محله . وأجابوا عن كون الدوام على الطيب كابتدائه بأنه منتقض بالنكاح ، فإن ابتداء عقده في حال الإحرام ممنوع عند الجمهور كما تقدم إيضاحه خلافا
لأبي حنيفة ، مع الإجماع على جواز الدوام على نكاح ، وقد عقده قبل الإحرام ، ثم أحرم بعد عقده الزوجان ، وهو دليل على أنه ما كل دوام كالابتداء .
وقد تقرر في الأصول أن
المانع بالنسبة إلى الابتداء والدوام ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
الأول : هو المانع للدوام والابتداء معا كالرضاع ، فإن الرضاع مانع من ابتداء عقد النكاح كما أنه أيضا مانع من الدوام عليه فلو تزوج رضيعة غير محرم منه في حال العقد ، ثم أرضعتها أمه بعد العقد فإن هذا الرضاع الطارئ على عقد النكاح مانع من الدوام عليه ،
[ ص: 90 ] لوجوب فسخ ذلك النكاح بذلك الرضاع الطارئ عليه ، وكالحدث فإنه مانع من ابتداء الصلاة ، مانع من الدوام عليها إذا طرأ في أثنائها .
والثاني : هو المانع للدوام فقط دون الابتداء ، كالطلاق فإنه مانع من الدوام على العقد الأول ، والاستمتاع بالزوجة بموجبه ، وليس مانعا من ابتداء عقد جديد والاستمتاع بها بموجبه .
والثالث : هو المانع من الابتداء فقط دون الدوام ، كالنكاح بالنسبة إلى الإحرام ، فإن الإحرام مانع من ابتداء العقد ، وليس مانعا من الدوام على عقد كان قبله ، وكالاستبراء ، فإنه مانع من النكاح في حال الاستبراء ، وليس مانعا من الدوام على النكاح ; لأن الزوج إذا وطئت امرأته بشبهة ، فلزمها الاستبراء بذلك فإن ذلك لا يمنع من الدوام على عقد زواجها الأول ، قالوا : ومن هذا الطيب فإن الإحرام مانع من ابتدائه ، وليس مانعا من الدوام عليه ، كالنظائر المذكورة وإلى تعريف المانع وأقسامه ، أشار في " المراقي " بقوله :
ما من وجوده يجيء العدم ولا لزوم في انعدام يعلم
بمانع يمنع للدوام والابتدا أو آخر الأقسام
أو أول فقط على نزاع كالطول الاستبراء والرضاع
هذا هو حاصل أقوال العلماء ومناقشتها .
قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له - : أظهر قولي أهل العلم عندي في هذه المسألة : أن الطيب جائز عند إرادة الإحرام ، ولو بقيت ريحه بعد الإحرام ; لحديث
عائشة المتفق عليه ، ولإجماع أهل العلم على أنه آخر الأمرين ، والأخذ بآخر الأمرين أولى كما هو معلوم .
وقد علمت من الأدلة أنه ليس من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - فحديث
عائشة في حجة الوداع عام عشر ، وحديث
يعلى عام الفتح ، وهو عام ثمان ، فحديث
عائشة بعد حديث يعلى بسنتين ، هذا ما ظهر ، والعلم عند الله تعالى .
تنبيه
أظهر قولي أهل العلم عندي أنه إن طيب ثوبه قبل الإحرام فله الدوام على لبسه كتطييب بدنه ، وأنه إن نزع عنه ذلك الثوب المطيب بعد إحرامه ، فليس له أن يعيد لبسه ، فإن لبسه صار كالذي ابتدأ الطيب في الإحرام ، فتلزمه الفدية ، وكذلك إن نقل الطيب الذي
[ ص: 91 ] تلبس به قبل الإحرام ، من موضع بدنه إلى موضع آخر بعد الإحرام ، فهو ابتداء تطيب في ذلك الموضع ، الذي نقله إليه ، وكذلك إن تعمد مسه بيده أو نحاه من موضعه ، ثم رده إليه ; لأن كل تلك الصور فيها ابتداء تلبس جديد بعد الإحرام بالطيب ، وهو لا يجوز . أما إن كان قد عرق فسال الطيب من موضعه إلى موضع آخر فلا شيء عليه في ذلك ; لأنه ليس من فعله .
ولحديث
عائشة عند
أبي داود الذي ذكرناه قريبا . وقال بعض علماء
المالكية : ولا فرق في ذلك ، بين أن يكون الطيب في بدنه ، أو ثوبه ، إلا أنه إذا نزع ثوبه لا يعود إلى لبسه ، فإن عاد فهل عليه في العود فدية ، يحتمل أن نقول : لا فدية ; لأن ما فيه قد ثبت له حكم العفو كما لو لم ينزعه . وقال أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : تجب عليه الفدية ; لأنه لبس جديد وقع بثوب مطيب . انتهى من الحطاب والعلم عند الله تعالى .