المسألة الثالثة : اعلم أنه لا شك في أن آية
قد أفلح المؤمنون هذه التي هي
فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون [ 23 \ 7 ] تدل بعمومها على منع
الاستمناء باليد المعروف ، بجلد عميرة ، ويقال له الخضخضة ; لأن من تلذذ بيده حتى أنزل منيه بذلك ، قد ابتغى وراء ما أحله الله ، فهو من العادين بنص هذه الآية الكريمة المذكورة هنا ، وفي سورة سأل سائل [ 70 \ 1 ] وقد ذكر
ابن كثير : أن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ومن تبعه استدلوا بهذه
[ ص: 317 ] الآية ، على منع الاستمناء باليد ، وقال
القرطبي : قال
محمد بن عبد الحكم : سمعت
حرملة بن عبد العزيز ، قال : سألت
مالكا عن الرجل يجلد عميرة فتلا هذه الآية
والذين هم لفروجهم حافظون إلى قوله
العادون [ 23 \ 5 - 7 ] .
قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له - : الذي يظهر لي أن استدلال
مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وغيرهما من أهل العلم بهذه الآية الكريمة ، على منع جلد عميرة الذي هو الاستمناء باليد استدلال صحيح بكتاب الله ، يدل عليه ظاهر القرآن ، ولم يرد شيء يعارضه من كتاب ولا سنة ، وما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد مع علمه ، وجلالته وورعه من إباحة جلد عميرة مستدلا على ذلك بالقياس قائلا : هو إخراج فضلة من البدن تدعو الضرورة إلى إخراجها فجاز ، قياسا على الفصد والحجامة ، كما قال في ذلك بعض الشعراء :
إذا حللت بواد لا أنيس به فاجلد عميرة لا عار ولا حرج
فهو خلاف الصواب ، وإن كان قائله في المنزلة المعروفة التي هو بها ; لأنه قياس يخالف ظاهر عموم القرآن ، والقياس إن كان كذلك رد بالقادح المسمى فساد الاعتبار ، كما أوضحناه في هذا الكتاب المبارك مرارا وذكرنا فيه قول صاحب مراقي السعود :
والخلف للنص أو إجماع دعا فساد الاعتبار كل من وعى
فالله - جل وعلا - قال :
والذين هم لفروجهم حافظون ولم يستثن من ذلك البتة إلا النوعين المذكورين ، في قوله تعالى :
إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم وصرح برفع الملامة في عدم حفظ الفرج ، عن الزوجة ، والمملوكة فقط ثم جاء بصيغة عامة شاملة لغير النوعين المذكورين ، دالة على المنع هي قوله
فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون [ 23 \ 7 ] وهذا العموم لا شك أنه يتناول بظاهره ، ناكح يده ، وظاهر عموم القرآن ، لا يجوز العدول عنه ، إلا لدليل من كتاب أو سنة ، يجب الرجوع إليه ، أما القياس المخالف له فهو فاسد الاعتبار ، كما أوضحنا ، والعلم عند الله تعالى .
وقال
ابن كثير في تفسير هذه الآية ، بعد أن ذكر بعض من حرم جلد عميرة ، واستدلالهم بالآية ما نصه : وقد استأنسوا بحديث رواه الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=14120الحسن بن عرفة في جزئه المشهور ، حيث قال : حدثني
علي بن ثابت الجزري ، عن
مسلمة بن جعفر ، عن
حسان بن حميد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال
" سبعة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولا يجمعهم مع العاملين ويدخلهم النار أول الداخلين إلا أن يتوبوا ومن تاب تاب الله [ ص: 318 ] عليه : الناكح يده ، والفاعل والمفعول ، ومدمن الخمر ، والضارب والديه ، حتى يستغيثا ، والمؤذي جيرانه حتى يلعنوه ، والناكح حليلة جاره " اهـ .
ثم قال
ابن كثير : هذا حديث غريب وإسناده فيه من لا يعرف لجهالته والله أعلم ، انتهى منه . ولكنه على ضعفه يشهد له في نكاح اليد ظاهر القرآن في الجملة ; لدلالته على منع ذلك ، وإنما قيل للاستمناء باليد : جلد عميرة ; لأنهم يكنون بعميرة عن الذكر .
لطيفة : قد ذكر في نوادر المغفلين ، أن مغفلا كانت أمه تملك جارية تسمى عميرة فضربتها مرة ، فصاحت الجارية ، فسمع قوم صياحها ، فجاءوا وقالوا : ما هذا الصياح ؟ فقال لهم ذلك المغفل : لا بأس تلك أمي كانت تجلد عميرة .