قوله تعالى :
إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار ، ذكر في هذه الآية الكريمة أن
الكفار يوم القيامة لا تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم شيئا ، وذكر أنهم وقود النار أي : حطبها الذي تتقد فيه ، ولم يبين هنا هل نفيه لذلك تكذيب لدعواهم أن أموالهم وأولادهم تنفعهم ، وبين في مواضع أخر أنهم ادعوا ذلك ظنا منهم أنه ما أعطاهم الأموال والأولاد في الدنيا إلا لكرامتهم عليه واستحقاقهم لذلك ، وأن الآخرة كالدنيا يستحقون فيها ذلك أيضا فكذبهم في آيات كثيرة ، فمن الآيات الدالة على أنهم ادعوا ذلك قوله تعالى :
وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين [ 34 \ 35 ] ، وقوله تعالى :
أفرأيت الذي كفر بآياتنا [ 19 \ 77 ] ، وقال :
لأوتين مالا وولدا ، يعني في الآخرة كما أوتيته في الدنيا . وقوله :
ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى [ 41 \ 50 ] ، أي : بدليل ما أعطاني في الدنيا ، وقوله :
ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا [ 18 \ 36 ] ، قياسا منه للآخرة على الدنيا ورد الله عليهم هذه الدعوى في آيات كثيرة كقوله هنا :
إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم الآية [ 3 \ 116 ] ، وقوله :
أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون [ 23 \ 56 ] ، وقوله :
وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى [ 34 \ 37 ] ، وقوله :
ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين [ 3 \ 178 ] ، وقوله :
سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي لهم إن كيدي متين [ 68 \ 44 ، 45 ] . إلى غير ذلك من الآيات .
وصرح في موضع آخر أن كونهم وقود النار المذكور هنا على سبيل الخلود وهو قوله :
إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون [ 3 \ 116 ] .