وأول وقت صلاة المغرب غروب الشمس ، أي : غيبوبة قرصها بإجماع المسلمين ، وفي حديث
جابر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس في إمامة
جبريل : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007314فصلى المغرب حين وجبت الشمس " ، وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=119سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007315كان يصلي المغرب إذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب " . أخرجه الشيخان ، والإمام
أحمد ، وأصحاب السنن الأربع إلا
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ، والأحاديث بذلك كثيرة ، واختلف في
آخر وقتها أعني المغرب ، فقال بعض العلماء : ليس لها إلا وقت واحد وهو قدر ما تصلى فيه أول وقتها مع مراعاة الإتيان بشروطها ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : وهو مشهور مذهب
مالك ، وحجة أهل هذا القول أن
جبريل صلاها بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في الليلة الثانية في وقت صلاته لها في الأولى ، قالوا : فلو كان لها وقت آخر لأخرها في الثانية إليه كما فعل في جميع الصلوات غيرها .
[ ص: 286 ] والتحقيق أن
وقت المغرب يمتد ما لم يغب الشفق . فقد أخرج
مسلم في " صحيحه " من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو المتقدم عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007316ووقت المغرب ما لم يسقط ثور الشفق " الحديث . والمراد بثور الشفق : ثورانه وانتشاره ومعظمه ، وفي القاموس أنه حمرة الشفق الثائرة فيه ، وفي حديث
أبي موسى المتقدم عند
أحمد ومسلم وحديث
بريدة المتقدم عند
أحمد ومسلم وأصحاب السنن الأربع ثم أخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق ، وفي لفظ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007317فصلى المغرب قبل سقوط الشفق " ، والجواب عن أحاديث إمامة
جبريل حيث صلى المغرب في اليومين في وقت واحد من ثلاثة أوجه :
الأول : أنه اقتصر على بيان وقت الاختيار ولم يستوعب وقت الجواز وهذا جار في كل الصلوات ما سوى الظهر .
والثاني : أنه متقدم في أول الأمر
بمكة وهذه الأحاديث بامتداد وقت المغرب إلى غروب الشفق متأخرة في آخر الأمر
بالمدينة فوجب اعتمادها .
والثالث : أن هذه الأحاديث أصح إسنادا من حديث بيان
جبريل فوجب تقديمها ، قاله
الشوكاني رحمه الله ولا خلاف بين العلماء في أفضلية
تقديم صلاة المغرب عند أول وقتها ومذهب الإمام
مالك رحمه الله امتداد الوقت الضروري للمغرب بالاشتراك مع العشاء إلى الفجر .
وقال
البيهقي في " السنن الكبرى " : روينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=38وعبد الرحمن بن عوف في المرأة تطهر قبل طلوع الفجر صلت المغرب والعشاء ، والظاهر أن حجة هذا القول بامتداد وقت الضرورة للمغرب إلى طلوع الفجر كما هو مذهب
مالك ما ثبت في الصحيح أيضا من أنه - صلى الله عليه وسلم - "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007318جمع بين المغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا سفر " ، فقد روى الشيخان في " صحيحيهما " عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007319أن النبي - صلى الله عليه وسلم - " صلى بالمدينة سبعا وثمانيا الظهر ، والعصر ، والمغرب ، والعشاء " ومعناه : أنه يصلي السبع جميعا في وقت واحد ، والثمان كذلك كما بينته رواية
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في باب " وقت المغرب " عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007320صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - " سبعا جميعا وثمانيا جميعا " .
وفي لفظ
لمسلم وأحمد وأصحاب السنن إلا
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007321جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر " ، قيل
nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس : ما
[ ص: 287 ] أراد بذلك ؟ قال : أراد ألا يحرج أمته ، وبه تعلم أن قول
مالك في [ الموطأ ] لعل ذلك لعلة المطر غير صحيح .
وفي لفظ أكثر الروايات من غير خوف ولا سفر . وقد قدمنا أن هذا الجمع يجب حمله على الجمع الصوري لما تقرر في الأصول من أن الجمع واجب إذا أمكن ، وبهذا الحمل تنتظم الأحاديث ولا يكون بينها خلاف ، ومما يدل على أن الحمل المذكور متعين ، ما أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=hadith&LINKID=1007322عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بلفظ " صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الظهر والعصر جميعا ، والمغرب والعشاء جميعا ، أخر الظهر وعجل العصر ، وأخر المغرب وعجل العشاء " ، فهذا
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس راوي حديث الجمع قد صرح بأن ما رواه من الجمع المذكور هو الجمع الصوري ، فرواية
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي هذه صريحة في محل النزاع مبينة للإجمال الواقع في الجمع المذكور .
وقد تقرر في الأصول أن البيان بما سنده دون سند المبين جائز عند جماهير الأصوليين ، وكذلك المحدثون وأشار إليه في " مراقي السعود " بقوله في مبحث البيان : [ الرجز ]
وبين القاصر من حيث السند أو الدلالة على ما يعتمد
ويؤيده ما رواه الشيخان عن
عمر وابن دينار ، أنه قال : " يا
أبا الشعثاء ، أظنه أخر الظهر وعجل العصر ، وأخر المغرب وعجل العشاء . قال : وأنا أظنه " ،
وأبو الشعثاء هو راوي الحديث عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، والراوي أدرى بما روى من غيره ; لأنه قد يعلم من سياق الكلام قرائن لا يعلمها الغائب ، فإن قيل ثبت في " صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري " وغيره أن
nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني قال
لأبي الشعثاء : لعل ذلك الجمع في ليلة مطيرة ، فقال
أبو الشعثاء : عسى .
فالظاهر في الجواب والله تعالى أعلم ، أنا لم ندع جزم
أبي الشعثاء بذلك ورواية الشيخين عنه بالظن ، والظن لا ينافي احتمال النقيض وذلك النقيض المحتمل هو مراده بعسى ، والله تعالى أعلم .
ومما يؤيده الجمع المذكور على الجمع الصوري أن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر رضي الله عنهم كلاهما ممن روى عنه الجمع المذكور
بالمدينة مع أن كلا منهما روى عنه ما يدل على أن المراد بالجمع المذكور الجمع الصوري .
أما
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود فقد رواه عنه
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني ، كما ذكره
ابن حجر في " فتح الباري " .
[ ص: 288 ] وقال
الشوكاني في " نيل الأوطار " : رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود في الكبير والأوسط كما ذكره
الهيثمي في " مجمع الزوائد " بلفظ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007323جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء ، فقيل له في ذلك ، فقال : صنعت ذلك لئلا تحرج أمتي " ، مع أن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود روى عنه
مالك في " الموطأ "
nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007324ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة لغير ميقاتها إلا صلاتين جمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها " ، فنفي
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود للجمع المذكور يدل على أن الجمع المروي عنه الجمع الصوري ; لأن كلا من الصلاتين في وقتها وإلا لكان قوله متناقضا والجمع واجب متى ما أمكن .
وأما
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر فقد روى عنه الجمع المذكور
بالمدينة عبد الرزاق كما قاله
الشوكاني أيضا مع أنه روى عنه
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007325خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان يؤخر الظهر ويعجل العصر فيجمع بينهما ، ويؤخر المغرب ويعجل العشاء فيجمع بينهما " ، قاله
الشوكاني أيضا ، وهذا هو الجمع الصوري ، فهذه الروايات معينة للمراد بلفظ جمع .
واعلم أن لفظة جمع فعل في سياق الإثبات ، وقد قرر أئمة الأصول أن الفعل المثبت لا يكون عاما في أقسامه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب في " مختصره الأصولي " في مبحث العام ، ما نصه : الفعل المثبت لا يكون عاما في أقسامه مثل صلى داخل الكعبة فلا يعم الفرض والنفل إلى أن قال : وكان يجمع بين الصلاتين لا يعم وقتيهما وأما تكرر الفعل فمستفاد من قول الراوي : كان يجمع كقولهم كان
حاتم يكرم الضيف . . . الخ .
قال شارحه العضد ما نصه : وإذا قال كان يجمع بين الصلاتين الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء فلا يعم جمعهما بالتقديم في وقت الأولى ، والتأخير في وقت الثانية ، وعمومه في الزمان لا يدل عليه أيضا ، وربما توهم ذلك من قوله كان يفعل ، فإنه يفهم منه التكرار ، كما إذا قيل : كان
حاتم يكرم الضيف وهو ليس مما ذكرناه في شيء ; لأنه لا يفهم من الفعل ، وهو يجمع . بل من قول الراوي ، وهو كان ، حتى لو قال : جمع لزال التوهم ، انتهى محل الغرض منه بلفظه بحذف يسير لما لا حاجة إليه في المراد عندنا فقوله : حتى لو قال : جمع زال التوهم ، يدل على أن قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في الحديث المذكور جمع لا يتوهم فيه العموم ، وإذن فلا تتعين صورة من صور الجمع ، إلا بدليل
[ ص: 289 ] منفصل .
وقد قدمنا الدليل على أن المراد الجمع الصوري .
وقال صاحب " جمع الجوامع " عاطفا على ما لا يفيد العموم نصه : والفعل المثبت ، ونحو كان يجمع في السفر .
قال شارحه صاحب " الضياء اللامع " ما نصه : ونحو كان يجمع في السفر ، أي : بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، لا عموم له أيضا ; لأنه فعل في سياق الثبوت فلا يعم جمعهما بالتقديم في وقت الأولى ، والتأخير إلى وقت الثانية ، بهذا فسر
الرهوني كلام
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب إلى أن قال : وإنما خص المصنف هذا الفعل الأخير بالذكر مع كونه فعلا في سياق الثبوت ; لأن في كان معنى زائدا ، وهو اقتضاؤها مع المضارع التكرار عرفا فيتوهم منها العموم نحو كان
حاتم يكرم الضيفان .
وبهذا صرح
الفهري والرهوني وذكر
ولي الدين عن الإمام في " المحصول " أنها لا تقتضي التكرار عرفا ولا لغة .