أقوال العلماء في
وزن الصاع .
قال الجمهور : هو خمسة أرطال وثلث ، الرطل بالعراقي .
وقال
أبو حنيفة - رحمه الله - : هو ثمانية أرطال ، وخالفه
أبو يوسف كما تقدم ، وسبب الخلاف هو : أن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة أخذ بقول
أنس : "
إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ بمد " وهو رطلان ، ومعلوم أن الصاع أربعة أمداد ، فعليه يكون ثمانية أرطال .
ودليل الجمهور : هو أن
الأصل في الكيل هو عرف المدينة ، كما أن الأصل في الوزن هو عرف
مكة ، وعرف
المدينة في صاع النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه خمسة أرطال وثلث . كما جاء عن
أحمد - رحمه الله - ، قال : أخذت الصاع من
أبي النضر . وقال
أبو النضر : أخذته عن
أبي ذؤيب ، وقال : هذا صاع النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي يعرف
بالمدينة .
قال
أبو عبد الله : فأخذنا العدس فعبرنا به ، وهو أصلح ما وقفنا عليه يكال به ; لأنه لا يتجافى عن موضعه ، فكلنا به ، ثم وزناه ، فإذا هو خمسة أرطال وثلث ، وقال : هذا أصلح ما وقفنا عليه ، وما تبين لنا من صاع النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وإذا كان الصاع خمسة أرطال وثلثا من البر والعدس وهما أثقل الحبوب ، فما عداهما من أجناس الفطرة أخف منهما ، فإذا أخرج منهما خمسة أرطال وثلث فهي أكثر من صاع .
وقال
النووي : نقل الحافظ
عبد الحق في كتاب الأحكام عن
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبي محمد بن علي بن حزم : أنه قال : وجدنا
أهل المدينة لا يختلف منهم اثنان في أن مد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي يؤدي به الصدقات ليس بأكثر من رطل ونصف ، ولا دون رطل وربع .
وقال بعضهم : هو رطل وثلث ، وقال : ليس هذا اختلافا ، ولكنه على حسب رزنه بالراء ، أي : رزانته وثقله من البر والتمر والشعير . قال : وصاع
nindex.php?page=showalam&ids=12493ابن أبي ذؤيب خمسة أرطال
[ ص: 291 ] وثلث ، وهو صاع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
ومن أدلة الجمهور ، وسبب رجوع
أبي يوسف عن قول
أبي حنيفة ، ما جاء في المغني وغيره : أن
أبا يوسف لما قدم
المدينة وسألهم عن الصاع ، فقالوا : خمسة أرطال وثلث ، فطالبهم بالحجة ، فقالوا : غدا ، فجاء من الغد سبعون شيخا كل واحد منهم أخذ صاعا تحت ردائه ، فقال : صاعي ورثته عن أبي وورثه أبي عن جدي ، حتى انتهوا به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأخذ
أبو يوسف يقارنها فوجدها كلها سواء ، فأخذوا واحدا منها وعايره بالماش - وهو العدس غير المدشوش - ، فكان خمسة أرطال وثلثا ، فرجع إلى قول
أهل المدينة .
وفي تلك القصة : أنه رجع إلى
العراق ، فقال لهم : أتيتكم بعلم جديد ; الصاع خمسة أرطال وثلث ، فقالوا له : خالفت شيخ القوم ، فقال : وجدت أمرا لم أجد له مدفعا .
أما وزن الرطل العراقي فأساس الوحدة فيه هي الدرهم ، وقد ذكر
النووي عنه ثلاثة أقوال :
الأول : أنه مائة وثلاثون درهما بدراهم الإسلام .
والثاني : أنه مائة وثمانية وعشرون .
والثالث : أنه مائة وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم ، وهي تسعون مثقالا .
وقال في المغني : وقد زادوه مثقالا فصار واحدا وتسعين مثقالا ، وكمل به مائة وثلاثون درهما ، وقصدوا بهذه الزيادة إزالة كسر الدرهم .
ثم قال : والعمل الأول .
أما بالنسبة لبقية الأرطال في الأمصار الأخرى ، فكالآتي نقلا من كشاف القناع :
الرطل البعلي : تسعمائة درهم .
والقدسي : ثمانمائة .
والحلبي : سبعمائة وعشرون .
والدمشقي : ستمائة .
والمصري : مائة وأربعة وأربعون . وكل رطل اثنتا عشرة أوقية في سائر البلاد ، مقسوم
[ ص: 292 ] عليها الدراهم .
وعليه ; فالصاع يساوي ستمائة وخمسة وثمانين وخمسة أسباع الدرهم ، وأربعمائة وثمانين مثقالا .
وعليه أيضا ; يكون الصاع بالأرطال الأخرى . هو المصري أربعة أرطال وتسع أواق وسبع أوقية ، وبالدمشقي رطل وخمسة أسباع أوقية . وبالحلبي أحد عشر رطلا وثلاثة أسباع أوقية ، وبالقدسي عشر أواق وسبعا أوقية .
وإذا كانت موازين العالم اليوم قد تحولت إلى موازين فرنسية ، وهي بالكيلوجرام ، والكيلو ألف جرام ، فلزم بيان النسبة بالجرام ، وهي : أن المكيلات تتفاوت ثقلا وكثافة ، فأخذت الصاع الذي عندي ، وعايرته أولا على صاع آخر قديما ، فوجدت أمرا ملفتا للنظر عند المقارنة ، وهو أن الصاع الذي عندي يزيد عن الصاع الآخر قدر ملء الكف ، فنظرت فإذا القدر الذي فوق فتحة الصاعين مختلفة ; لأن أحد الصاعين فتحته أوسع . فكان الجزء المعلى فوق فتحته يشكل مثلثا قاعدته أطول من قاعدة المثلث فوق الصاع الآخر ، فعايرتهما مرة أخرى على حد الفتحة فقط بدون زيادة فكانا سواء . فعايرتهما بالماء حيث إن الماء لا يختلف وزنه غالبا ما دام صالحا للشرب وليس مالحا ، وأنه لا يسمح بوجود قدر زائد فوق الحافة ، فكان وزن الصاع بعد هذا التأكيد هو بالعدس المجروش 2 ، 600 كيلوين وستمائة جرام .
وبالماء 3 ، 100 ثلاثة كيلوات ومائة جرام .
وأرجو أن يكون هذا العمل كافيا لبيان الوزن التقريبي للصاع النبوي في الزكاة .