nindex.php?page=treesubj&link=29041_32946قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=24والذين في أموالهم حق معلوم nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=25للسائل والمحروم
هذا هو الوصف الثاني ، ويساوي إيتاء الزكاة ; لأن الحق المعلوم لا يكون إلا في المفروض ، وهو قول أكثر المفسرين . ولا يمنع أن السورة مكية ; فقد يكون أصل المشروعية
بمكة ، ويأتي التفصيل
بالمدينة ، وهو في السنة الثانية من الهجرة ، وهنا إجمال في هذه الآية .
الأول : في الأموال .
والثاني : في الحق المعلوم . أي : القدر المخرج ، ولم تأت آية تفصل هذا الإجمال إلا آية :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7وما آتاكم الرسول فخذوه [ 59 \ 7 ] ، وقد بينت السنة هذا الإجمال .
أما الأموال ، فهي لإضافتها تعم كل أموالهم ، وليس للأمر كذلك ،
nindex.php?page=treesubj&link=2687فالأموال الزكوية بعض من الجميع ، وأصولها عند جميع المسلمين هي :
أولا : النقدان : الذهب والفضة .
ثانيا : ما يخرج من الأرض من حبوب وثمار .
ثالثا : عروض التجارة .
رابعا : الحيوان ، ولها شروط وأنصباء . وفي كل من هذه الأربعة تفصيل ، وفي الثلاثة الأولى بعض الخلاف .
وقد تقدم للشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - بيان كل ما يتعلق بأحكامها جملة وتفصيلا عند آيتي :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=34والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله [ 9 \ 34 ] وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=141وآتوا حقه يوم حصاده [ 63 \ 141 ] ، ولم يتقدم ذكر لزكاة الحيوان
[ ص: 271 ] ولا زكاة الفطر ، وعليه نسوق طرفا من ذلك لتفصيل النصاب في كل منها ، وما يجب في النصاب ، وما تدعو الحاجة لذكره من مباحث في ذلك كالخلطة مثلا ، والصفات في المزكى ، والراجح فيما اختلف فيه ، ثم نتبع ذلك بمقارنة بين هذه الأنصباء في بهيمة الأنعام وأنصباء الذهب والفضة ; لبيان قوة الترابط بين الجميع ، ودقة الشارع في التقدير .
أولا : بيان
nindex.php?page=treesubj&link=2702النوع الزكوي من الحيوان .
اعلم - رحمنا الله وإياك - : أن مذهب الجمهور : أنه لا زكاة في الحيوان إلا في بهيمة الأنعام الثلاثة : الإبل ، والبقر ، والغنم ، الضأن والمعز سواء . وألحق بالبقر الجواميس ، والإبل تشمل العراب والبخاتي ، والخلاف في الخيل .
ولأبي حنيفة - رحمه الله تعالى - دليل
أبي حنيفة - رحمه الله - استدل لوجوب
nindex.php?page=treesubj&link=2793الزكاة في الخيل بالقياس في حملها على الأصناف الثلاثة الأخرى ، إذا كانت للنسل أي : كانت ذكورا وإناثا ، بخلاف ما إذا كانت كلها ذكورا بجامع التناسل في كل واشترط لها السوم أيضا .
وبحديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009656ما من صاحب ذهب لا يؤدي زكاته إلا إذا كان يوم القيامة صفح له صفائح من نار ، فتكوى بها جبينه وجنبه وظهره " الحديث . وفيه ذكر الأموال الزكوية كلها ، والإبل ، والبقر ، والغنم . فقالوا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009657والخيل يا رسول الله ؟ فقال " الخيل ثلاثة : هي لرجل أجر ، ولرجل ستر ، ولرجل وزر . أما التي لرجل أجر : فرجل ربطها في سبيل الله ، فأطال لها في مرج أو روضة " إلى آخر ما جاء في هذا القسم .
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009658ورجل ربطها تغنيا وتعففا ، ثم لم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها فهي لذلك ستر . ورجل ربطها رياء وفواء لأهل الإسلام ; فهي على ذلك وزر .
فقال - رحمه الله - : إن حق الله في رقابها وظهورها هو الزكاة . وقد خالفه في ذلك صاحباه
أبو يوسف ومحمد ، ووافقه
زفر ، وبما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني والبيهقي والخطيب من حديث
جابر مرفوعا "
في كل فرس سائمة دينار أو عشرة دراهم " .
أدلة الجمهور على عدم
[ ص: 272 ] وجوب الزكاة فيها والرد على أدلة
أبي حنيفة - رحمه الله - :
واستدل الجمهور بقوله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009660ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة " .
والفرس اسم جنس يعم ، وبعدم ذكرها مع بقية الأجناس الأخرى حتى سئل عنها - صلى الله عليه وسلم - ، فلو كانت مثلها في الحكم لما تركها في الذكر .
وحديث "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009661قد عفوت عن الخيل ; فهاتوا زكاة الرقة " . رواه
أبو داود .
وأجابوا على استدلال
أبي حنيفة ، بأن حق الله في رقابها ، وظهورها إعارتها ، وطرقها إذا طلب ذلك منه .
كما أجابوا على حديث
جابر بما نقله
الشوكاني nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني من أنه : لا تقوم به حجة .
ورد
أبو حنيفة على دليل الجمهور : بأن فرسه مجمل ، وهو يقول بالحديث إذا كان الفرس للخدمة . أما إذا كانت الخيل للتناسل ، فقد خصها القياس ، وعلى حديث (
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009662عفوت عن الخيل ) بأنه لم يثبت ، وهذه دعوى تحتاج إلى إثبات ، فقد ذكر
الشوكاني أنه حسن .
ولعل مما يرد استدلال
أبي حنيفة نفس الحديث الذي استدل به من قرينة التقسيم ، إذا أناط الأجر فيها بالجهاد عليها ، ولم يذكر الزكاة ، مع أن الزكاة قد تكون ألزم من الأجر أو أعم من الجهاد ; لأنها تكون لمن لا يستطيع الجهاد : كالمرأة مثلا فتزكي ; فلو كانت فيها الزكاة لما خرجت عن قسم الأجر .
ثانيا : لو كان حق الله في المذكور هو الزكاة لما ترك لمجرد تذكرها وخيف تعرض للنسيان ; لأن زكاة الأصناف الثلاثة الأخرى لم تترك لذلك بل يطالب بها صاحبها ، ويأتي العامل فيأخذها ، وإن امتنع صاحبها أخذت جبرا عليه ، وبهذا يظهر رجحان مذهب الجمهور في عدم الوجوب .
ومن ناحية أخرى ، فقد اختلف القول عن
أبي حنيفة - رحمه الله - فيما تعامل به ، وفيما يخرج في زكاتها ، فقيل : إنه مخير بين أن يخرج عن كل فرس دينارا أو عشرة دراهم ، وبين أن يقومها ويدفع عن كل مائتي درهم خمسة دراهم .
وقد جعل الأحناف زكاتها لصاحبها ، ولا دخل للعامل فيها ، ولا يجبر الإمام عليها ،
[ ص: 273 ] وقد أطال في الهداية الكلام عليها ، ولعل أحسن ما يقال في ذلك ما جاء عن
عمر - رضي الله عنه - في سنن
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني ، قال : جاء ناس من
أهل الشام إلى
عمر - رضي الله عنه - ، فقالوا : إنا قد أصبنا أموالا وخيلا ورقيقا ، وإنا نحب أن نزكيه ، فقال : ما فعله صاحباي قبلي فأفعله أنا ، ثم استشار أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقالوا : حسن ، وسكت
علي ، فسأله ، فقال : هو حسن لو لم تكن جزية راتبة يؤخذون بها بعدك . فأخذ من الفرس عشرة دراهم ، وفيه : فوضع على الفرس دينارا .
وفي المنتقى عن
أحمد - رحمه الله - أنهم قالوا : نحب أن يكون لنا فيها زكاة وطهور ، فهي إذا دائرة بين الاستحباب والترك .
وقد جاء في نفس الحديث الطويل المتقدم أنهم قالوا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009663والحمر يا رسول الله ؟ فقال " ما أنزل علي فيها شيء إلا هذه الآية الجامعة الفاذة : nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=7فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره [ 99 \ 7 ] رواه الستة إلا
الترمذي .
وعليه ; فإن الأحاديث التي هي نص في الوجوب أو للترك لم تصلح للاحتجاج ، والحديث الذي فيه الاحتمال في معنى حق الله في ظهورها ورقابها ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : إنه مجمل ، فلم يكن في النصوص المرفوعة متمسك للأحناف في قولهم : بوجوب زكاة الخيل ، وبقي مفهوم الحديث ، وقول
عمر - رضي الله عنه - .
أما مفهوم الحديث ; فقد أشرنا إلى القرائن التي فيه على عدم الوجوب .
وأما فعل
عمر - رضي الله عنه - ففيه قرائن أيضا ، بل أدلة على عدم الوجوب ، وهي :
أولا : لأنهم هم الذين طلبوا منه أن يزكيها ويطهرها بالزكاة ، وإيجاب الزكاة لا يتوقف على رغبة المالك .
ثانيا : توقف
عمر وعدم أخذها منهم لأول مرة ، ولو كانت معلومة له مزكاة لما خفيت عليه ولما توقف .
ثالثا : تصريحه بأنه لم يفعله صاحباه من قبله ، فكيف يفعله هو ؟ ! .
رابعا : قول
علي : ما لم تكن جزية من بعدك . أي : إن أخذها
عمر استجابة لرغبة أولئك فلا بأس لتبرعهم بها ، ما لم يكن ذلك سببا لجعلها لازمة على غيرهم فتكون كالجزية على المسلمين .
ومما يستدل به للجمهور حديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009664قد عفوت عن الخيل والرقيق فأدوا زكاة [ ص: 274 ] أموالكم " . رواه
أبو داود .
قال
الشوكاني بإسناد حسن : وهذا ما يتفق مع حديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009665ليس على المسلم في فرسه ولا في عبده " رواه الجماعة .
وقد أجاب الأحناف على تردد
عمر : بأن الخيل لم تكن تعرف سائمة للنسل عند العرب ، ولكنها ظهرت بعد الفتوحات في عهد
عمر . وفي هذا القول نظر . وعليه فلا دليل على وجوب الزكاة في الخيل فتبقى على البراءة الأصلية ، ولهذا لم يأت للخيل ذكر في كتاب أنصباء بهيمة الأنعام ، ولا يرد عليه أن البقر لم يأت ذكرها أيضا فيه ; لأن زكاة البقر جاءت فيها نصوص متعددة لأصحاب السنن .
nindex.php?page=showalam&ids=12070وللبخاري وغيره بيان
nindex.php?page=treesubj&link=2713_2764_2776أنصباء الزكاة وما يؤخذ فيها : معلوم أنه لم يأت نص من كتاب الله يفصل ذلك ، ولكن تقدم في مقدمة الشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - أن من أنواع البيان بيان القرآن بالسنة ، وهو نوع من بيان القرآن ; لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7وما آتاكم الرسول فخذوه [ 59 \ 7 ] .
وقد بينت السنة أركان الإسلام : كعدد الركعات وأوقات الصلوات مفصلة ومناسك الحج .
فكذلك بينت السنة مجمل هذا الحق ، وفي أي أنواع الأموال ، وإن أجمع نص في ذلك هو كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي كتبه وقرنه بسيفه ، وقد عمل به
أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - ومضى عليه العمل فيما بعد .
وقد رواه الجماعة عن
أنس - رضي الله عنه - ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009666قال أرسل إلي أبو بكر كتابا ، وكان نقش الخاتم عليه : " محمد " سطر ، و " رسول " سطر ، و " الله " سطر :
بسم الله الرحمن الرحيم ، هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المسلمين ، والتي أمر الله بها رسوله ، فمن سئلها من المسلمين على وجهها فليعطها ، ومن سئل فوقها فلا يعطه : في أربع وعشرين من الإبل فما دونها من الغنم في كل خمس شاة ، فإذا بلغت خمسا وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض ، فإن لم تكن بنت مخاض فابن لبون ، فإذا بلغت ستا وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون ، فإذا بلغت ستا وأربعين إلى ستين ففيها حقة طروقة الفحل ، فإذا بلغت واحدة وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة ، فإذا بلغت ستا وسبعين إلى تسعين [ ص: 275 ] ففيها بنتا لبون ، فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتا الفحل ، فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين ابنة لبون ، وفي كل خمسين حقة ، ومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل فليست فيها صدقة إلا أن يشاء ربها ، فإذا بلغت خمسا ففيها شاة .
وصدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة ، فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين فيها شاتان ، فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيها ثلاث شياه ، فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة .
فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة عن أربعين شاة ، واحدة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها ، فلا يجتمع بين مفترق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة ، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية . الحديث .
فقد بين - صلى الله عليه وسلم - في هذا الكتاب أنصباء الإبل والغنم وما يجب في كل منهما ، ولم يتعرض لأنصباء البقر ، ولكن بين أنصباء البقر حديث
معاذ عند أصحاب السنن .
قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009667أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين بعثني إلى اليمن ، ألا آخذ من البقر شيئا حتى تبلغ ثلاثين ، فإذا بلغت : ففيها عجل تبيع جذع أو جذعة حتى تبلغ أربعين ، فإذا بلغت أربعين ففيها مسنة .
ولهذين النصين الصحيحين يكتمل بيان أنصباء بهيمة الأنعام : الإبل ، والبقر ، والغنم . وهو الذي عليه الجمهور وعليه العمل .
وما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب : في كل عشر من البقر شاة إلى ثلاثين ففيها تبيع ، فلم يعمل به أحد .
nindex.php?page=treesubj&link=29041_32946قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=24وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=25لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ
هَذَا هُوَ الْوَصْفُ الثَّانِي ، وَيُسَاوِي إِيتَاءَ الزَّكَاةِ ; لِأَنَّ الْحَقَّ الْمَعْلُومَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الْمَفْرُوضِ ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ . وَلَا يَمْنَعُ أَنَّ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ ; فَقَدْ يَكُونُ أَصْلُ الْمَشْرُوعِيَّةِ
بِمَكَّةَ ، وَيَأْتِي التَّفْصِيلُ
بِالْمَدِينَةِ ، وَهُوَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ ، وَهُنَا إِجْمَالٌ فِي هَذِهِ الْآيَةِ .
الْأَوَّلُ : فِي الْأَمْوَالِ .
وَالثَّانِي : فِي الْحَقِّ الْمَعْلُومِ . أَيِ : الْقَدْرِ الْمُخْرَجِ ، وَلَمْ تَأْتِ آيَةٌ تُفَصِّلُ هَذَا الْإِجْمَالَ إِلَّا آيَةُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ [ 59 \ 7 ] ، وَقَدْ بَيَّنَتِ السُّنَّةُ هَذَا الْإِجْمَالَ .
أَمَّا الْأَمْوَالُ ، فَهِيَ لِإِضَافَتِهَا تَعُمُّ كُلَّ أَمْوَالِهِمْ ، وَلَيْسَ لِلْأَمْرِ كَذَلِكَ ،
nindex.php?page=treesubj&link=2687فَالْأَمْوَالُ الزَّكَوِيَّةُ بَعْضٌ مِنَ الْجَمِيعِ ، وَأُصُولُهَا عِنْدَ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ هِيَ :
أَوَّلًا : النَّقْدَانِ : الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ .
ثَانِيًا : مَا يَخْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ مِنْ حُبُوبٍ وَثِمَارٍ .
ثَالِثًا : عُرُوضُ التِّجَارَةِ .
رَابِعًا : الْحَيَوَانُ ، وَلَهَا شُرُوطٌ وَأَنْصِبَاءُ . وَفِي كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ تَفْصِيلٌ ، وَفِي الثَّلَاثَةِ الْأُولَى بَعْضُ الْخِلَافِ .
وَقَدْ تَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - بَيَانُ كُلِّ مَا يَتَعَلَّقُ بِأَحْكَامِهَا جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا عِنْدَ آيَتَيْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=34وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ [ 9 \ 34 ] وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=141وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ [ 63 \ 141 ] ، وَلَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرٌ لِزَكَاةِ الْحَيَوَانِ
[ ص: 271 ] وَلَا زَكَاةِ الْفِطْرِ ، وَعَلَيْهِ نَسُوقُ طَرَفًا مِنْ ذَلِكَ لِتَفْصِيلِ النِّصَابِ فِي كُلٍّ مِنْهَا ، وَمَا يَجِبُ فِي النِّصَابِ ، وَمَا تَدْعُو الْحَاجَةُ لِذِكْرِهِ مِنْ مَبَاحِثَ فِي ذَلِكَ كَالْخُلْطَةِ مَثَلًا ، وَالصِّفَاتِ فِي الْمُزَكَّى ، وَالرَّاجِحِ فِيمَا اخْتُلِفَ فِيهِ ، ثُمَّ نُتْبِعُ ذَلِكَ بِمُقَارَنَةٍ بَيْنَ هَذِهِ الْأَنْصِبَاءِ فِي بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَأَنْصِبَاءِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ; لِبَيَانِ قُوَّةِ التَّرَابُطِ بَيْنَ الْجَمِيعِ ، وَدِقَّةِ الشَّارِعِ فِي التَّقْدِيرِ .
أَوَّلًا : بَيَانُ
nindex.php?page=treesubj&link=2702النَّوْعِ الزَّكَوِيِّ مِنَ الْحَيَوَانِ .
اعْلَمْ - رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ - : أَنَّ مَذْهَبَ الْجُمْهُورِ : أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي الْحَيَوَانِ إِلَّا فِي بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ الثَّلَاثَةِ : الْإِبِلِ ، وَالْبَقَرِ ، وَالْغَنَمِ ، الضَّأْنُ وَالْمَعِزُ سَوَاءٌ . وَأُلْحِقَ بِالْبَقَرِ الْجَوَامِيسُ ، وَالْإِبِلُ تَشْمَلُ الْعِرَابَ وَالْبَخَاتِيَّ ، وَالْخِلَافُ فِي الْخَيْلِ .
وَلِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - دَلِيلُ
أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اسْتَدَلَّ لِوُجُوبِ
nindex.php?page=treesubj&link=2793الزَّكَاةِ فِي الْخَيْلِ بِالْقِيَاسِ فِي حَمْلِهَا عَلَى الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ الْأُخْرَى ، إِذَا كَانَتْ لِلنَّسْلِ أَيْ : كَانَتْ ذُكُورًا وَإِنَاثًا ، بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَتْ كُلُّهَا ذُكُورًا بِجَامِعِ التَّنَاسُلِ فِي كُلٍّ وَاشْتَرَطَ لَهَا السَّوْمَ أَيْضًا .
وَبِحَدِيثِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009656مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهُ إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ صُفِّحَ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ ، فَتُكْوَى بِهَا جَبِينُهُ وَجَنْبُهُ وَظَهْرُهُ " الْحَدِيثَ . وَفِيهِ ذِكْرُ الْأَمْوَالِ الزَّكَوِيَّةِ كُلِّهَا ، وَالْإِبِلِ ، وَالْبَقَرِ ، وَالْغَنَمِ . فَقَالُوا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009657وَالْخَيْلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَقَالَ " الْخَيْلُ ثَلَاثَةٌ : هِيَ لِرَجُلٍ أَجْرٌ ، وَلِرَجُلٍ سَتْرٌ ، وَلِرَجُلٍ وِزْرٌ . أَمَّا الَّتِي لِرَجُلٍ أَجْرٌ : فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَأَطَالَ لَهَا فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ " إِلَى آخِرِ مَا جَاءَ فِي هَذَا الْقِسْمِ .
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009658وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَتَعَفُّفًا ، ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا وَلَا ظُهُورِهَا فَهِيَ لِذَلِكَ سَتْرٌ . وَرَجُلٌ رَبَطَهَا رِيَاءً وَفَوَاءً لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ ; فَهِيَ عَلَى ذَلِكَ وِزْرٌ .
فَقَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : إِنَّ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا وَظُهُورِهَا هُوَ الزَّكَاةُ . وَقَدْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ صَاحِبَاهُ
أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ ، وَوَافَقَهُ
زُفَرُ ، وَبِمَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْخَطِيبُ مِنْ حَدِيثِ
جَابِرٍ مَرْفُوعًا "
فِي كُلِّ فَرَسٍ سَائِمَةٍ دِينَارٌ أَوْ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ " .
أَدِلَّةُ الْجُمْهُورِ عَلَى عَدَمِ
[ ص: 272 ] وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا وَالرَّدُّ عَلَى أَدِلَّةِ
أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - :
وَاسْتَدَلَّ الْجُمْهُورُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009660لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ " .
وَالْفَرَسُ اسْمُ جِنْسٍ يَعُمُّ ، وَبِعَدَمِ ذِكْرِهَا مَعَ بَقِيَّةِ الْأَجْنَاسِ الْأُخْرَى حَتَّى سُئِلَ عَنْهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَلَوْ كَانَتْ مِثْلَهَا فِي الْحُكْمِ لَمَا تَرَكَهَا فِي الذِّكْرِ .
وَحَدِيثُ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009661قَدْ عَفَوْتُ عَنِ الخَيْلِ ; فَهَاتُوا زَكَاةَ الرِّقَّةِ " . رَوَاهُ
أَبُو دَاوُدَ .
وَأَجَابُوا عَلَى اسْتِدْلَالِ
أَبِي حَنِيفَةَ ، بِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا ، وَظُهُورِهَا إِعَارَتُهَا ، وَطَرْقُهَا إِذَا طُلِبَ ذَلِكَ مِنْهُ .
كَمَا أَجَابُوا عَلَى حَدِيثِ
جَابِرٍ بِمَا نَقَلَهُ
الشَّوْكَانِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=14269وَالدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ أَنَّهُ : لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ .
وَرَدَّ
أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى دَلِيلِ الْجُمْهُورِ : بِأَنَّ فَرَسَهُ مُجْمَلٌ ، وَهُوَ يَقُولُ بِالْحَدِيثِ إِذَا كَانَ الْفَرَسُ لِلْخِدْمَةِ . أَمَّا إِذَا كَانَتِ الْخَيْلُ لِلتَّنَاسُلِ ، فَقَدْ خَصَّهَا الْقِيَاسُ ، وَعَلَى حَدِيثِ (
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009662عَفَوْتُ عَنِ الْخَيْلِ ) بِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ ، وَهَذِهِ دَعْوَى تَحْتَاجُ إِلَى إِثْبَاتٍ ، فَقَدْ ذَكَرَ
الشَّوْكَانِيُّ أَنَّهُ حَسَنٌ .
وَلَعَلَّ مِمَّا يَرُدُّ اسْتِدْلَالَ
أَبِي حَنِيفَةَ نَفْسُ الْحَدِيثِ الَّذِي اسْتَدَلَّ بِهِ مِنْ قَرِينَةِ التَّقْسِيمِ ، إِذَا أَنَاطَ الْأَجْرَ فِيهَا بِالْجِهَادِ عَلَيْهَا ، وَلَمْ يَذْكُرِ الزَّكَاةَ ، مَعَ أَنَّ الزَّكَاةَ قَدْ تَكُونُ أَلْزَمَ مِنَ الْأَجْرِ أَوْ أَعَمَّ مِنَ الْجِهَادِ ; لِأَنَّهَا تَكُونُ لِمَنْ لَا يَسْتَطِيعُ الْجِهَادَ : كَالْمَرْأَةِ مَثَلًا فَتُزَكِّي ; فَلَوْ كَانَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ لَمَا خَرَجَتْ عَنْ قِسْمِ الْأَجْرِ .
ثَانِيًا : لَوْ كَانَ حَقُّ اللَّهِ فِي الْمَذْكُورِ هُوَ الزَّكَاةَ لَمَا تُرِكَ لِمُجَرَّدِ تَذَكُّرِهَا وَخِيفَ تَعَرُّضٌ لِلنِّسْيَانِ ; لِأَنَّ زَكَاةَ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ الْأُخْرَى لَمْ تُتْرَكْ لِذَلِكَ بَلْ يُطَالَبُ بِهَا صَاحِبُهَا ، وَيَأْتِي الْعَامِلُ فَيَأْخُذُهَا ، وَإِنِ امْتَنَعَ صَاحِبُهَا أُخِذَتْ جَبْرًا عَلَيْهِ ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ رُجْحَانُ مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ .
وَمِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْقَوْلُ عَنْ
أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَا تُعَامَلُ بِهِ ، وَفِيمَا يُخْرَجُ فِي زَكَاتِهَا ، فَقِيلَ : إِنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ كُلِّ فَرَسٍ دِينَارًا أَوْ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ ، وَبَيْنَ أَنْ يُقَوِّمَهَا وَيَدْفَعَ عَنْ كُلِّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ .
وَقَدْ جَعَلَ الْأَحْنَافُ زَكَاتَهَا لِصَاحِبِهَا ، وَلَا دَخْلَ لِلْعَامِلِ فِيهَا ، وَلَا يُجْبِرُ الْإِمَامُ عَلَيْهَا ،
[ ص: 273 ] وَقَدْ أَطَالَ فِي الْهِدَايَةِ الْكَلَامَ عَلَيْهَا ، وَلَعَلَّ أَحْسَنَ مَا يُقَالُ فِي ذَلِكَ مَا جَاءَ عَنْ
عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي سُنَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيِّ ، قَالَ : جَاءَ نَاسٌ مِنْ
أَهْلِ الشَّامِ إِلَى
عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ، فَقَالُوا : إِنَّا قَدْ أَصَبْنَا أَمْوَالًا وَخَيْلًا وَرَقِيقًا ، وَإِنَّا نُحِبُّ أَنْ نُزَكِّيَهُ ، فَقَالَ : مَا فَعَلَهُ صَاحِبَايَ قَبْلِي فَأَفْعَلُهُ أَنَا ، ثُمَّ اسْتَشَارَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَقَالُوا : حَسَنٌ ، وَسَكَتَ
عَلِيٌّ ، فَسَأَلَهُ ، فَقَالَ : هُوَ حَسَنٌ لَوْ لَمْ تَكُنْ جِزْيَةً رَاتِبَةً يُؤْخَذُونَ بِهَا بَعْدَكَ . فَأَخَذَ مِنَ الْفَرَسِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ ، وَفِيهِ : فَوَضَعَ عَلَى الْفَرَسِ دِينَارًا .
وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ
أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُمْ قَالُوا : نُحِبُّ أَنْ يَكُونَ لَنَا فِيهَا زَكَاةٌ وَطَهُورٌ ، فَهِيَ إِذًا دَائِرَةٌ بَيْنَ الِاسْتِحْبَابِ وَالتَّرْكِ .
وَقَدْ جَاءَ فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّهُمْ قَالُوا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009663وَالْحُمُرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَقَالَ " مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا هَذِهِ الْآيَةُ الْجَامِعَةُ الْفَاذَّةُ : nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=7فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ [ 99 \ 7 ] رَوَاهُ السِّتَّةُ إِلَّا
التِّرْمِذِيُّ .
وَعَلَيْهِ ; فَإِنَّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي هِيَ نَصٌّ فِي الْوُجُوبِ أَوْ لِلتَّرْكِ لَمْ تَصْلُحْ لِلِاحْتِجَاجِ ، وَالْحَدِيثُ الَّذِي فِيهِ الِاحْتِمَالُ فِي مَعْنَى حَقِّ اللَّهِ فِي ظُهُورِهَا وَرِقَابِهَا ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : إِنَّهُ مُجْمَلٌ ، فَلَمْ يَكُنْ فِي النُّصُوصِ الْمَرْفُوعَةِ مُتَمَسَّكٌ لِلْأَحْنَافِ فِي قَوْلِهِمْ : بِوُجُوبِ زَكَاةِ الْخَيْلِ ، وَبَقِيَ مَفْهُومُ الْحَدِيثِ ، وَقَوْلُ
عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - .
أَمَّا مَفْهُومُ الْحَدِيثِ ; فَقَدْ أَشَرْنَا إِلَى الْقَرَائِنِ الَّتِي فِيهِ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ .
وَأَمَّا فِعْلُ
عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَفِيهِ قَرَائِنُ أَيْضًا ، بَلْ أَدِلَّةٌ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ ، وَهِيَ :
أَوَّلًا : لِأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ طَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يُزَكِّيَهَا وَيُطَهِّرَهَا بِالزَّكَاةِ ، وَإِيجَابُ الزَّكَاةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى رَغْبَةِ الْمَالِكِ .
ثَانِيًا : تَوَقُّفُ
عُمَرَ وَعَدَمُ أَخْذِهَا مِنْهُمْ لِأَوَّلِ مَرَّةٍ ، وَلَوْ كَانَتْ مَعْلُومَةً لَهُ مُزَكَّاةً لَمَا خَفِيَتْ عَلَيْهِ وَلَمَا تَوَقَّفَ .
ثَالِثًا : تَصْرِيحُهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ صَاحِبَاهُ مِنْ قَبْلِهِ ، فَكَيْفَ يَفْعَلُهُ هُوَ ؟ ! .
رَابِعًا : قَوْلُ
عَلِيٍّ : مَا لَمْ تَكُنْ جِزْيَةً مِنْ بَعْدِكَ . أَيْ : إِنْ أَخَذَهَا
عُمَرُ اسْتِجَابَةً لِرَغْبَةِ أُولَئِكَ فَلَا بَأْسَ لِتَبَرُّعِهِمْ بِهَا ، مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ سَبَبًا لِجَعْلِهَا لَازِمَةً عَلَى غَيْرِهِمْ فَتَكُونَ كَالْجِزْيَةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ .
وَمِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ لِلْجُمْهُورِ حَدِيثُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009664قَدْ عَفَوْتُ عَنِ الخَيْلِ وَالرَّقِيقِ فَأَدُّوا زَكَاةَ [ ص: 274 ] أَمْوَالِكُمْ " . رَوَاهُ
أَبُو دَاوُدَ .
قَالَ
الشَّوْكَانِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ : وَهَذَا مَا يَتَّفِقُ مَعَ حَدِيثِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009665لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي فَرَسِهِ وَلَا فِي عَبْدِهِ " رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ .
وَقَدْ أَجَابَ الْأَحْنَافُ عَلَى تَرَدُّدِ
عُمَرَ : بِأَنَّ الْخَيْلَ لَمْ تَكُنْ تُعْرَفُ سَائِمَةً لِلنَّسْلِ عِنْدَ الْعَرَبِ ، وَلَكِنَّهَا ظَهَرَتْ بَعْدَ الْفُتُوحَاتِ فِي عَهْدِ
عُمَرَ . وَفِي هَذَا الْقَوْلِ نَظَرٌ . وَعَلَيْهِ فَلَا دَلِيلَ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْخَيْلِ فَتَبْقَى عَلَى الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ ، وَلِهَذَا لَمْ يَأْتِ لِلْخَيْلِ ذِكْرٌ فِي كِتَابِ أَنْصِبَاءِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ، وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْبَقَرَ لَمْ يَأْتِ ذِكْرُهَا أَيْضًا فِيهِ ; لِأَنَّ زَكَاةَ الْبَقَرِ جَاءَتْ فِيهَا نُصُوصٌ مُتَعَدِّدَةٌ لِأَصْحَابِ السُّنَنِ .
nindex.php?page=showalam&ids=12070وَلِلْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ بَيَانُ
nindex.php?page=treesubj&link=2713_2764_2776أَنْصِبَاءِ الزَّكَاةِ وَمَا يُؤْخَذُ فِيهَا : مَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ نَصٌّ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ يُفَصِّلُ ذَلِكَ ، وَلَكِنْ تَقَدَّمَ فِي مُقَدِّمَةِ الشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - أَنَّ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَيَانِ بَيَانَ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ بَيَانِ الْقُرْآنِ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ [ 59 \ 7 ] .
وَقَدْ بَيَّنَتِ السُّنَّةُ أَرْكَانَ الْإِسْلَامِ : كَعَدَدِ الرَّكَعَاتِ وَأَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ مُفَصَّلَةً وَمَنَاسِكِ الْحَجِّ .
فَكَذَلِكَ بَيَّنَتِ السُّنَّةُ مُجْمَلَ هَذَا الْحَقِّ ، وَفِي أَيِّ أَنْوَاعِ الْأَمْوَالِ ، وَإِنَّ أَجْمَعَ نَصٍّ فِي ذَلِكَ هُوَ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي كَتَبَهُ وَقَرَنَهُ بِسَيْفِهِ ، وَقَدْ عَمِلَ بِهِ
أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَمَضَى عَلَيْهِ الْعَمَلُ فِيمَا بَعْدُ .
وَقَدْ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ
أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009666قَالَ أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ كِتَابًا ، وَكَانَ نَقْشُ الْخَاتَمِ عَلَيْهِ : " مُحَمَّدٌ " سَطْرٌ ، وَ " رَسُولُ " سَطْرٌ ، وَ " اللَّهِ " سَطْرٌ :
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، وَالَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ ، فَمَنْ سُئِلَهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا ، وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلَا يُعْطِهِ : فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الْإِبِلِ فَمَا دُونَهَا مِنَ الْغَنَمِ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ ، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ إِلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِنْتُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ ، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ إِلَى سِتِّينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْفَحْلِ ، فَإِذَا بَلَغَتْ وَاحِدَةً وَسِتِّينَ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ فَفِيهَا جَذَعَةٌ ، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَسَبْعِينَ إِلَى تِسْعِينَ [ ص: 275 ] فَفِيهَا بِنْتَا لَبُونٍ ، فَإِذَا بَلَغَتْ إِحْدَى وَتِسْعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِيهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْفَحْلِ ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِلَّا أَرْبَعٌ مِنَ الْإِبِلِ فَلَيْسَتْ فِيهَا صَدَقَةً إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا ، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا فَفِيهَا شَاةٌ .
وَصَدَقَةُ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ إِلَى مِائَتَيْنِ فِيهَا شَاتَانِ ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى مِائَتَيْنِ إِلَى ثَلَاثِمِائَةٍ فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى ثَلَاثمِائَةٍ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ .
فَإِذَا كَانَتْ سَائِمَةُ الرَّجُلِ نَاقِصَةً عَنْ أَرْبَعِينَ شَاةً ، وَاحِدَةً فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا ، فَلَا يُجْتَمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ ، وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ . الْحَدِيثَ .
فَقَدْ بَيَّنَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذَا الْكِتَابِ أَنْصِبَاءَ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَمَا يَجِبُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِأَنْصِبَاءِ الْبَقْرِ ، وَلَكِنْ بَيَّنَ أَنْصِبَاءَ الْبَقْرِ حَدِيثُ
مُعَاذٍ عِنْدَ أَصْحَابِ السُّنَنِ .
قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009667أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ بَعَثَنِي إِلَى الْيَمَنِ ، أَلَّا آخُذَ مِنَ الْبَقْرِ شَيْئًا حَتَّى تَبْلُغَ ثَلَاثِينَ ، فَإِذَا بَلَغَتْ : فَفِيهَا عِجْلٌ تَبِيعٌ جَذَعٌ أَوْ جَذَعَةٌ حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ ، فَإِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ فَفِيهَا مُسِنَّةٌ .
وَلِهَذَيْنَ النَّصَّيْنِ الصَّحِيحَيْنِ يَكْتَمِلُ بَيَانُ أَنْصِبَاءِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ : الْإِبِلِ ، وَالْبَقَرِ ، وَالْغَنَمِ . وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ .
وَمَا رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ : فِي كُلِّ عَشْرٍ مِنَ الْبَقَرِ شَاةٌ إِلَى ثَلَاثِينَ فَفِيهَا تَبِيعٌ ، فَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ أَحَدٌ .